الموضوع: آداب النفس...
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2006-11-05, 9:27 PM
مها
النائبة الأولى للمشرف العام ومعبرة معتمدة رقم1
الصورة الرمزية مها
رقم العضوية : 128
تاريخ التسجيل : 9 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 25,585

غير متواجد
 
افتراضي
يتبع ...

بد أن يعلم المسلم أن أعدى أعدائه إليه هو نفسه التي بين جنبيه ، وأنها بطبعها ميالة إلى الشر ، فَرَّارَة من الخير ،

أمَّارة بالسوء : قال تعالى : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) سورة يوسف. تحب الدعة ، والخلود إلى ا

لراحة ، وترغب في البطالة ، وتنجرف مع الهوى ، تستهويها الشهوات العاجلة وإن كان فيها حتفها وشقاءها .

فإذا عرف المسلم هذا عبأ نفسه لمجاهدة نفسه ، فأعلن عليها الحرب ، وشهر ضدها السلاح ، وصمم على مكافحة

رعوناتها ، ومناجزة شهواتها ، فإذا أحبت الراحة أتعبها ، وإذا رغبت في الشهوة حرمها ، وإذا قصرت في طاعة أو

خير عاقبها ولامها ، ثم ألزمها بفعل ما قصرت فيه ، وبقضاء ما فوتته أو تركته .

يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن ، وتطهر ، وتطيب ، وتلك غاية المجاهدة للنفس . قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا

لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ ) سورة العنكبوت.

والمسلم إذ يجاهد نفسه في ذات الله لتطيب ، وتطهر ، وتزكو ، وتطمئن ، وتصبح أهلاً لكرامة الله تعالى ورضاه يعلم أن

هذا هو درب الصالحين ، وسبيل المؤمنين الصادقين ، فيسلكه مقتدياً بهم ، ويسير معه مقتفياً آثارهم .

فرسول الله صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تفطرت قدماه الشريفتان .

وسئل عليه السلام في ذلك فقال : ( أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ) رواه البخاري (8 / 449) في قيام الليل ، ومسلم

رقم ( 2820 ) في صفات المنافقين ، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادات .

أي مجاهدة أكبر من هذه المجاهدة وايم الله ؟!! .

وعلي رضي الله عنه يتحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول :

والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أرى شيئاً يشبههم ، كانوا يصبحون شعثاً غيراً صفراً قد باتوا

سجداً وقياماً ، يتلون كتاب الله ، يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، وكانوا إذا ذكر الله مادوا كما يميد الشجر في يوم

الريح ، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم .

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : لولا ثلاث ما أحببت العيش يوماً واحداً : الظمأ لله بالهواجر ، والسجود له في جوف الليل

، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما يُنتقى أطايب الثمر .

وعاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه على تفويت صلاة عصر في جماعة ، وتصدق بأرض من أجل ذلك تقدر قيمتها بمائتي ألف درهم .

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة في جماعة أحيا تلك الليلة بكاملها ، وأخَرَّ يوماً صلاة المغرب

حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين .

وكان عليٌّ رضي الله عنه يقول : رحم الله أقواماً يحسبهم الناس مرضى ، وما هم بمرضى وذلك من آثار مجاهد النفس .

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( خير الناس من طال عمره ، وحسن عمله ) رواه الترمذي ، وحسنه .

وكان أويس القرني رحمه الله تعالى يقول : هذه ليلة الركوع فيحيى الليل كله في ركعةٍ ، وإذا كانت الليلة الآتية قال :

هذه ليلة السجود فيحيى الليل كله في سجدة . أورد هذا الآثار الإمام الغزالي في الإحياء .

وقال ثابت البناني أدركت رجالاً كان أحدهم يصلي فيعجز أن يأتي فراشه إلا حبواً ، وكان أحدهم يقوم حتى تتورم

قدماه من طول القيام ، ويبلغ من الاجتهاد مبلغاً ما لو قيل له : القيامة غداً ما وجد مزيداً .

وكان إذا جاء الشتاء يقوم في السطح ليضربه الهواء البارد فلا ينام ، وإذا جاء الصيف قام تحت السقف ليمنعه الحر من

النوم ، وكان بعضهم يموت وهو ساجد .

وقالت امرأة مسروق رحمه الله تعالى : كان مسروق لا يوجد إلا ساقاه منتفختان من طول القيام ، ووالله إن كنت لأجلس

خلفه وهو قائم يصلي فأبكي رحمةً له .

وكان منهم من إذا بلغ الأربعين من عمره طوى فراشه فلا ينام عليه قط .

ويروى أن امرأة صالحة من صالحي السلف – يقال لها ( عجرة ) – مكفوفة البصر كانت إذا جاء السحر نادت بصوت لها

محزون : إليك قطع العابدون دجى الليالي يستبقون إلى رحمتك ، وفضل مغفرتك ، فبك يا إلهي أسألك لا بغيرك أن

تجعلني في أول زمرة السابقين ، وأن ترفعني لديك في عليين ، في درجة المقربين ، وأن تلحقني بعبادك الصالحين ،

فأنت أرحم الراحمين ، وأعظم العظماء ، وأكرم الكرماء ، يا كريم ، ثم تخر ساجدة ولا تزال تدعو وتبكي إلى الفجر .

من اطلا عاتي..

من كتاب ( جامع الآداب الإسلامية )


توقيع مها


{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى

أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ}
{ إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ }
{ سُوريـآ الجَريحـة‘ إلى متى ! }



خدمة سريعة جدا