الموضوع: آداب النفس...
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-11-05, 9:26 PM
مها
النائبة الأولى للمشرف العام ومعبرة معتمدة رقم1
الصورة الرمزية مها
رقم العضوية : 128
تاريخ التسجيل : 9 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 25,585

غير متواجد
 
افتراضي
يتبع ...

1 ـ التوبة

والمراد منها التخلي عن سائر الذنوب والمعاصي ، والندم على كل ذنب سالف والعزم على عدم العودة إلى الذنب في

مقبل العمر ، وذلك لقوله تعالى : ( ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ

وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) سورة التحريم .

وقوله تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ ) سورة النور .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء

الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ‏لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دَوِّيةٍ مهلكة معه راحلته عليها طعامه

وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال‏:‏ أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى

أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحــاً بتوبة

العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده‏ ) متفق عليه .


2 ـ آداب مراقبة النفس

ينبغي للمسلم أن يأخذ نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ، ويلزمها إياها في كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها

اليقين بأن الله مطلع عليها ، عالم بأسرارها ، رقيب على أعمالها ، قائم عليها وعلى كل نفس بما كسبت ، وبذلك تصبح

مستغرقة بملاحظة جلال الله وكماله ، شاعرة بالأنس في ذكره ، واجدة الراحة في طاعته ، راغبة في جواره ، مقبلة

عليه ، معرضة عما سواه .

وهذا معنى إسلام الوجه في قوله تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) سورة النساء

وقوله سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) سورة لقمان

وهو عين ما دعا إليه الله تبارك وتعالى في قوله : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) سورة البقرة

وقوله عز وجل : ( وَكَانَ اللهُ عَلَيكُمْ رَقِيبا )

وقوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ

تُفِيضُونَ فِيهِ ) سورة يونس

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) متفق عليه .

وهو نفس ما درج عليه السابقون الأولون من سلف هذه الأمة الصالح إذ أخذوا به أنفسهم حتى تم لهم اليقين ، وبلغوا

درجة المقربين وها هي ذي آثارهم تشهد لهم :

1 ـ قيل للجنيد رحمه الله : بم يستعان على غض البصر ؟

قال : بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور له.

2 ـ قال سفيان الثوري : عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافية ، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء ، وعليك بالحذر ممن

يملك العقوبة .

3 ـ قال ابن المبارك لرجل : راقب الله يا فلان ، فسأله الرجل عن المراقبة فقال له : كن أبداً كأنك ترى الله عز وجل .

4 ـ قال عبد الله بن دينار : خرجت مع عمر بن الخطاب إلى مكة فتحرَّسْنَا ببعض الطريق فانحدر علينا راع من جبل فقال له

عمر : يا راعي بعنا شاة من هذه الغنم فقال الراعي : إنه مملوك.

5 ـ حُكيَ عن يعض الصالحين أنه مر بجماعة يترامون ، وواحد جالس بعيداً عنهم فتقدم إليه وأراد أن يكلمه ، فقال : ذكر

الله أشهى ، قال : أنت وحدك ؟ فقال : معي ربي وملكاي ، قال له : من سبق من هؤلاء ؟ فقال : من غفر الله له ، قال :

أين الطريق ؟ فأشار نحو السماء ، وقام ومشى .

6 ـ وحُكِيَ أن " زليخا " لما خلت بيوسف – عليه السلام – قامت فغطت وجه صنم لها ، فقال يوسف عليه السلام : مالك ؟

أتستحين من مراقبة جماد ولا أستحي من مراقبة الملك الجبار ؟ .

وأنشد بعضهم قائلاً :

إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل = خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبٌ

ولا تحسينَّ اللهَ يغفلُ ساعةً = ولا أنَّ ما تُخفي عليه بغيبُ

ألم ترَ أنّ اليوم أسرعُ ذاهبٍ = وأنَّ غداً للنّاظرين قريبُ


3 ـ آداب محاسبة النفس

وهي أنه لما كان المسلم عاملاً في هذه الحياة ليل نهار على ما يسعده في الدار الآخرة ، ويؤهله لكرامتها ، ورضوان

الله فيها وكانت الدنيا هي موسم عمله كان عليه أن ينظر إلى الفرائض الواجبة عليه كنظر التاجر إلى رأس ماله،

وينظر إلى النوافل نظر التاجر إلى الأرباح الزائدة على رأس المال،

وينظر إلى المعاصي والذنوب كالخسارة في التجارة،

ثم يخلو بنفسه ساعة من آخر كل يوم يحاسب نفسه فيها على عمل يومه ، فإن رأى نقصاً في الفرائض لامها ووبخها ، وقام إلى جبره في الحال .

فإن كان مما يقضى قضاه ، وإن كان مما لا يقضى جَبَرَهُ بالإكثار من النوافل ، وإن رأى نقصاً في الفرائض عوض

الناقص وجبره . وإن رأى خسارة بارتكاب المنهي استغفر ، وندم ، وأناب ، وعمل من الخير ما يراه مصلحاً لما أفسد .

ها هو المراد من المحاسبة للنفس ، وهي إحدى طرق إصلاحها ، وتأديبها ، وتزكيتها ، وتطهيرها ، وأدلتها ما يأتي :

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) سورة الحشر.

فقوله تعالى : ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ) هو أمر بالمحاسبة للنفس على ما قدمت لغدها المنتظر.

وقال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ ) سورة النور.

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إني لأتوب إلى الله ، وأستغفره في اليوم مائة مرة )

وجاء في مسلم بلفظ : ( إنّه ليُغان على قلبي . وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة ) وبهذا اللفظ أيضاً ما رواه أبو داود .

وقال عمر رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا .

وفي هذا المعنى ما رواه الترمذي بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد

الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني ).

وكان عمر رضي الله عنه إذا جن الليل يضرب قدمه بالدُّرَّة ويقول لنفسه : ماذا عملت اليوم ؟ .

وأبو طلحة رضي الله عنه عندما شغلته حديقته عن صلاته خرج منها صدقة لله تعالى فلم يكن هذا منه إلا محاسبة لنفسه ، وعتاباً لها وتأديباً .

وحُكيَ عن الأحنف بن قيس أنه كان يجيء إلى المصباح فيضع أصبعه فيه حتى يحس بالنار ، ثم يقول لنفسه : يا حُنيف

ما حملك على ما صنعت يوم كذا ؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا ؟ .

وحُكيَ أن أحد الصالحين كان غازياً فتكشفت له امرأة فنظر إليها فرفع يده ، ولطم عينه ففقأها ، وقال : إنك لَلَحَّاظَةٌ

إلى ما يضرك ! .

ومر بعضهم بغرفة فقال : متى بنيت هذه الغرفة ؟ ثم أقبل على نفسه فقال : تسأليني عما لا يعنيك ؟! لأعاقبنك بصوم

سنة فصامها .

ورُويَ أن أحد الصالحين كان ينطلق إلى الرمضاء فيتمرغ فيها ويقول لنفسه : ذوقي ، ونار جهنم أشد حراً ، أجيفة بالليل بطالة بالنهار ؟ .

وإن أحدهم رفع رأسه إلى سطح فرأى امرأة ، فنظر إليها ، فأخذ على نفسه أن لا ينظر إلى السماء ما دام حياً .

هكذا كان الصالحون من هذه الأمة يحاسبون أنفسهم عن تفريطها ، ويلومونها على تقصيرها ، يلزمونها التقوى ،

وينهونها عن الهوى عملاً بقوله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ‏)

سورة النازعات .


4 ـ آداب مجاهدة النفس
التعديل الأخير تم بواسطة مها ; 2006-11-05 الساعة 9:31 PM.


توقيع مها


{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى

أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ}
{ إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ }
{ سُوريـآ الجَريحـة‘ إلى متى ! }



خدمة سريعة جدا