- - --^[ (الحديث الثالث عشر: من كمال الإيمان) ]^-- - -
عـن أبي حـمـزة أنـس بـن مـالـك رضي الله عـنـه، خــادم رسـول الله ، عن النبي قــال: { لا يـُؤمـن أحـدكـم حـتي يـُحـب لأخـيـه مــا يـُحـبـه لـنـفـسـه }.
[رواه البخاري:13، ومسلم:45].
الشرح:
{ لا يؤمن } يعني الإيمان الكامل. قوله: { حتى يُحب لأخيه } أي أخيه المسلم. { ما يُحب لنفسه } من أمور الدين والدنيا، لأن هذا مقتضى الأخوة الإيمانية أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
فيستفاد من هذا الحديث: أن الإيمان يتفاضل منه كامل، ومنه ناقص وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص.
ومن فوائد هذا الحديث: الحث على محبة الخير للمؤمنين لقوله: { حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه }.
ومن فوائد هذا الحديث: التحذير من أن يحب للمؤمنين ما لا يحب لنفسه لأنه ينقص بذلك إيمانه حتى أن الرسول نفى عنه الإيمان، مما يدل على أهمية محبة الإنسان لإخوانه ما يحب لنفسه.
ومن فوائد الحديث: تقوية الروابط بين المؤمنين.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من اتصف به فإنه لا يمكن أن يعتدي على أحد من المؤمنين في ماله أو في عرضه أو أهله، لأنه لا يحب أن يعتدي أحد عليه بذلك فلا يمكن أن يحب اعتداءه هو على أحد في ذلك.
ومن فوائد الحديث: أن الأمة الإسلامية يجب أن تكون يداً واحدة وقلباً واحداً وهذا مأخوذ من كون كمال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ومن فوائد الحديث: استعمال ما يكون به العطف في أساليب الكلام في قوله: { لأخيه } ولو شاء لقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه ) لكنه قال: { لأخيه } استعطافاً أن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه.
- - --^[ (الحديث الرابع عشر: متى يهدر دم المسلم؟) ]^-- -
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : { لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بـإحـدي ثـلاث: الـثـيـّب الــزاني، والـنـفـس بـالنفس، والـتـارك لـديـنـه الـمـفـارق للـجـمـاعـة }.
[رواه البخاري:6878، ومسلم:1676 ].
الشرح:
هذا الحديث بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن دماء المسلمين محترمة وأنه محرمة لا يحل انتهاكها إلا بإحدى ثلاث:
الأول: {الثيّب الزاني}وهو الذي تزوج ثم زنى بعد أن منّ الله عليه بالزواج، فهذا يحل دمه، لأن حده أن يرجم بالحجارة حتى يموت.
الثاني:{النفس بالنفس}وهذا في القصاص لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُالْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى )
[البقرة :178].
الثالث:{التارك لدينه المفارق للجماعة }والمراد به من خرج على الإمام، فإنه يباح قتله حتى يرجع ويتوب إلى الله عزوجل، وهناك أشياء لم تذكر في هذا الحديث مما يحل فيها دم المسلم لكن الرسول عليه الصلاة والسلام كلامه يجمع بعضه من بعض ويكمل بعضه من بعض.
في هذا الحديث فوائد:منها احترام المسلم وأنه معصوم الدم لقوله: {لا يحل دمُ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث}ومنها أنه يحل دمُ المرء بهذه الثلاث {الثيب الزاني}وهو الذي زنى بعد أن منّ الله عليه بالنكاح الصحيح وجامع زوجته فيهثم يزني بعد ذلك فإنه يرجم حتى يموت.{والنفس بالنفس }يعني إذا قتل شخصاً وتمت شروط القصاص فإنه يُقتل به، لقوله تبارك وتعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)[البقرة:178]. وقال تعالى:( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)
[المائدة:45].
{والتارك لدينه المفارق للجماعة}وهذا المرتد وإنه إذا ارتد بعد إسلامه حل دمه، لأنه صار غير معصوم الدم.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب رجم الزاني لقوله:{الثيب الزاني}
ومن فوائده أيضاً:جواز القصاص لكن الإنسان مخيّر - أعني من له القصاص - بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو يعفو مجاناً.
ومن فوائده أيضاً:وجوب قتل المرتد إذا لم يتب.
- - --^[ (الحديث الخامس عشر: إكرام الضيف)]^-- -
عن أبي هـريـرة رضي الله عـنه، أن رســول الله قــال:{مـن كـان يـؤمن بالله والـيـوم الآخر فـلـيـقـل خـيـراً أولـيـصـمـت، ومـن كــان يـؤمن بالله واليـوم الآخر فـليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه }
[رواه البخاري:6018، ومسلم:47 ]
الشرح::
هذا الحديث من الآداب الإسلامية الواجبة:
الأول:إكرام الجار فإن الجار له حق، قال العلماء: إذا كان الجار مسلماً قريباً فله ثلاث حقوق: الجوار والإسلام والقرابة، وإن كان مسلماً غير قريب فله حقان: وإذا كان كافراً غير قريب له حق واحد حق الجوار.
الثاني:وأما الضيف فهو الذي نزل بك وأنت في بلدك وهو مارٌ مسافر، فهو غريب محتاج وأما القول باللسان فإنه من أخطر ما يكون على الإنسان فلهذا كان مما يجبعليه أن يعتني بما يقول فيقول خيراً أو يسكت.
ففي هذا الحديث من الفوائد:وجوب إكرام الجار فيكون بكف الأذى عنه وبذل المعروف له، فمن لا يكف الأذى عن جاره فليس بمؤمن، لقول النبي: {والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن }قالوا من يا رسول الله ؟ قال:{من لايأمن جاره بوائقه}.
ومن فوائد هذا الحديث:وجوب إكرام الضيف لقوله عليه الصلاة والسلام: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه}ومن إكرامه إحسان ضيافته، والواجب في الضيافة يوم وليلة وما بعده فهو تطوع ولا ينبغي لضيف أن يكثر على مضيفه بل يجلس بقدر الضرورة، فإذا زاد على ثلاثة أيام فليستأذن من مضيفه حتى لا يكلف عليه.
ومن فوائد هذا الحديث:رعاية الإسلام للجوار والضيافة، فهذا يدل على كمال الإسلام وأنه متضمن للقيام بحق الله سبحانه وتعالى وبحق الناس.
ومن فوائد هذا الحديث:أنه يصح نفي الإيمان لانتفاء كماله لقوله: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر}ونفي الإيمان ينقسم إلى قسمين:
نفي مطلق:ونالإنسان به كافراً كفراً مخرجاً من الملة.
ومطلق نفي:وهذا الذي يكون به الإنسان كافراً في هذه الخصلة التي فرطفيها لكنه معه أصل الإيمان، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة أن الإنسان قد يجتمع فيه خصال الإيمان وخصال الكفر.
***يتبع***