عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-10-05, 6:55 AM
افياء
عضو نشط
رقم العضوية : 12197
تاريخ التسجيل : 19 - 3 - 2006
عدد المشاركات : 388

غير متواجد
 
افتراضي
<<<<<<<<<<<<< البقية

*كان قائد الحامية العثمانية فى المدينة بطلاً مشهوراً فى صفوف العثمانيين اسمه 'لالاشاهين' وكان صاحب دهاء وخبرة عسكرية كبيرة وشديد الثبات والتمرس فى قتال الأوروبيين،فاستطاع هو وجنوده البواسل ان ينزلوا بالتحالف الصليبي هزيمة ساحقة رغم الفارق الكبير بين الجيشين،وغرق أمراء الصرب عند فرارهم من المعركة فى نهر 'مارتيزا' ونجا ملك المجر الصليبى 'أوروك الخامس' بشق الأنفس،وعاد إلى بلده يجر أذيال الخيبة ويضمر نية المعاودة إذا سنحت له الأقدار .

مراد المرعب

* كان إنتصار العثمانيين على التحالف الصليبى الذىقاده ملك المجر 'أوروك' كابوساً يقلق مضاجع نصارى أوروبا عموماَ وملوك وأمراء البلقان خصوصاً،وكان الكابوس يزداد سوءاً عليهم لأن أحد قادة الجيش العثمانى هو الذى انتصر عليهم وليس السلطان مراد نفسه،مما ألقى الرعب فى قلب 'أوروك الخامس' وجعله يحجم عن أدنى مشاركة فى القتال ضد العثمانيين خشية أن يقتل هو نفسه هذه المرة.

*عندما رأى أمراء البلقان إحجام 'أوروك' عن معاودة القتال ضد المسلمين،اتفق رجلان على تولى زمام المبارة ضد العثمانيين،وهما ملك الصرب 'لازار بليانوفيتش' وأمير البلغار 'سيسمان' وقد جمعهما الحقد والكراهية والعداوة المتجذرة ضد المسلمين عموماً والعثمانيين خصوصاً، وجمعهما أيضا الخوف من ضياع ملكهم وبلادهم .

* أعد الرجلان جيشاً كبيراً لقتال العثمانيين فى منطقة جنوب البلقان،بعد مناوشات خفيفة مع الحميات العثمانية بالبلقان أدرك الصليبيون مدى ضعفهم مقارنة بالأسود العثمانيين،فاضطروا إلى قبول الخزى والصغار ودفعوا الجزية للسلطان 'مراد الأول'، وحتى يأمن 'سيسمان' جانب العثمانيين قدم ابنته الأثيرة زوجة للسلطان 'مراد الأول'، وبالفعل تزوجها 'مراد' مما يوضح مدى الرعب الذى دخل فى قلوب نصارى أوروبا من ناحية 'مراد الأول' .

* نتيجة لتأخر الصرب والبلغار فى دفع الجزية السنوية،اندفعت الجيوش العثمانية لتأديب المتمردين وقامت بفتح بعض المدن الصربية فى جنوبى 'يوغوسلافيا' اليوم،ثم قامت بفتح مدينة 'صوفيا' سنة 784 هجرية بعد حصار دام ثلاث سنوات،ثم فتحت مدينة 'سالونيك' المقدونية وهى تقع الأن فى اليونان،وهكذا نرى الرد العثمانى القوى والرادع للخارجين والمتمردين .

* استحق السلطان 'مراد الأول' بحق لقب مرعب أوروبا وكابوسها الأول بعدما بلغت درجة الرعب من سطوة وقوة 'مراد الأول' درجة جعلت إمبراطور 'بيزنطة' 'يوحنا باليوج'يقوم بقتل ولده 'اندرونيكوس' خوفاً من بطش 'مراد الأول' ذلك لأن 'اندرونيكوس' تحالف مع بعض الخارجين على 'مراد الأول'

بين المطرقة والسندان

* فى عز الانتصارات التى يجنى المسلمون ثمارهم على الجبهة الأوروبية، وقعت عدة حوادث خطيرة على الجبهة الداخلية للدولة العثمانية،ذلك أن الأمير 'علاء الدين القرمانى' الذى ذاق مرارة الهزيمة من 'مراد الأول' عدة مرات وكل مرة يعفو عنه ويصفح، كان مازال يقتات على أحقاده وضغاءنه ضد العثمانيين حتى امتلأ قلبه بالسواد وانعقد على التمرد والثورة مرة أخرى رغم العفو والصفح والمصاهرة من جانب 'مراد الأول'، واستغل 'علاء الدين' انشغال العثمانيين بالجهاد على الجبهة الأوروبية،وشن عدة هجمات قوية بالاشتراك مع أمراء مقاطعات 'منتشا، إيدين ،صاروخان' وحقق عدة مكاسب محدودة .

*عاد مراد الأول مسرعاً للأناضول للقضاء على هذه الفتنة الناشئة قبل أن يستفحل أمرها وتهدد الكيان العثمانى كله،وهذا من فقه الحاكم بترتيب الأولويات،ذلك لأن ترك هؤلاء المتمردين بالداخل يعصف بالدولة العثمانية وهيبتها أمام عدوها الخارجى وكلما كان الصف المسلم ملتحماً ومتماسكاً كلما كان أقوى وأجدر على منازلة عدوه الخارجى .

* استغل الصليبيون بدورهم هذه الحادثة الخطيرة وإنشغال 'مراد الأول 'بحرب الأناضول،وقرروا إعداد تحالف صليبى جديد لاسترداد ما استولى عليه العثمانيون بالبلقان،فتحالف الصرب والبلغار والبوسنيون،وأعدوا جيشاً كثيفاً،واستطاعوا تحقيق عدة مكاسب محدودة على الحامية العثمانية فى جنوب الصرب،وهكذا أصبح العثمانيون بين المطرقة والسندان .

مراد الأول بطل كوسوفا

* كان الموقف عصيباً والأحوال مضطربة، وكان لابد من إتخاذ موقف حازم وحاسم،لا يقدم على فعله إلا رجلاً من طراز بطلنا المغوار 'مراد الأول' الذى قرر وبسرعة العمل على جبهتين وفتح عدة محاور قتالية ضد اعداء الإسلام من الطرفين، ونظراً لخبرة القادة العثمانييين فى قتال الأوروبيين فلقد أرسل 'مراد' بعض قادته المغاوير لقتال التحالف الصليبى بالبلقان، واتجه هو بنفسه لقتال 'علاء الدين' ومتمردى الأناضول،ذلك لأن جنوده كانوا يكرهون قتال المسلمين بالأناضول،فكان حتماًعليه أن يقود الجيش بنفسه ليقنع جنوده بعدالة قتالهم وشرعيته ضد الخارجين والمفرقين لوحدة الصف المسلم .

* كانت الانتصارات الصغيرة التى حققها التحالف الصليبى بالبلقان دافعاً ومشجعاً لأمير البلغار 'سيسمان' لئن ينقض عهده مع المسلمين ويحاول الهجوم على حدود الدولة العثمانية نفسها،ولكنه فوجىء بما ليس له طاقة من الجيوش العثمانية الجرارة التى داهمته كالإعصار الهادر،ففر كالفأر المذعور ناحية الشمال، واعتصم بمدينة 'نيكوبلس' فى شمال بلغاريا،ولاحقته الجيوش العثمانية وضربت على المدينة حصاراً محكماً،حاول هو فكه عدة مرات ولكنه فشل وفى النهاية وقع أسيراً بيد المسلمين وكان الواجب على 'مرادالأول' أن يقتله جزاءاً لخيانته ولكنه كعادته عفا عنه بعدما أخذ نصف بلاده وضمها للدولة العثمانية .

* لم يكن عفو 'مراد الأول' عن 'سيسمان' إلا لعلمه أنه أحمق ومجرد أداة فى يد المحرض الأول والحقيقى ضد المسلمين،ونعنى به رأس الأفعى الصليبية 'لازار' ملك الصرب،وكان هذا الحاقد قد أعد جيشاً قوياً وأسرع به لنجدة 'سيسمان' المحاصر بمدينة 'نيكوبلس' ولكنه وصل متأخراً بعدما وقع 'سيسمان' أسيراً،فانسحب بجيوشه ناحية الغرب بسرعة ليدخل بلاده ويحتمى بحصونه قبلما يصل إليه العثمانيون .

* فى هذه الفترة كان 'مرادالأول' قد انتهى من حروب الأناضول وتحول مسرعاً إلى الجبهة الأوروبية واشترك فى حصار مدينة نيكوبلس ، لذلك بعدما فرغ من تأديب 'سيسمان' وتقليم أظافره أسرع بجيوشه لإدراك 'لازار' قبل دخول بلاده ، وبالفعل أدركه العثمانيون عند سهل 'قوس أوه' أو كوسوفا الآن ،ودارت حرب عنيفة بين الجيشين على غيظ وحنق من كلاهما للآخر ، وصبر المسلمون صبراً بليغاً حتى أنزل الله عز وجل نصره على المسلمين وقتل الكلب الخبيث 'لازار' بسبب ما فعله من شناعات ومذابح للأسرى المسلمين وكانت هذه المعركة فى 15شعبان سنة 791هجرية.

استشهاد مراد الأول

* بعد الانتصار الساحق الذى حققه المسلمون على الصرب الملاعين، قام السلطان مراد الأول بتفقد ساحة المعركة ليتعرف على أحوال جنوده وهكذا يكون القائد الحكيم، ويدور بنفسه بين صفوف الشهداء وهو يترحم عليهم ويدعو للجرحى بالشفاء، وفى أثناء ذلك قام جندى صربى خسيس اسمه 'مليكو فتيش' وكان قد تظاهر بالموت ليفلت من سيوف المسلمين ، وأسرع نحو السلطان متظاهراً برغبته فى الإسلام ومحادثة السلطان وتمكن الحراس من القبض عليه ، ولكن السلطان ' مراد الأول' أشار للحرس بان يطلقوه لينال ثواب إسلام الرجل على يديه ، فلما اقترب هذا الكلب الصربى من السلطان تظاهر بأنه يريد تقبيل يد السلطان وبمنتهى الغدر والخسة أخرج هذا الكافر من كمه خنجراً مسموماً وطعن به السلطان 'مراد الأول' طعنة قاتلة ،وانقض الحراس على الكلب فمزقوه بسيوفهم، ولكن ذلك لم يفد شيئاً فقد استشهد 'مراد الأول' رحمه الله فى نفس يوم المعركة 15شعبان 791هجرية وكان عمره وقتها 65عاماً .

* ومما يدل على مكانة هذا البطل العظيم وفضله وإيمانه العميق بالله عز وجل أنه قد طلب الشهادة من الله عز وجل ليلة المعركة وكأنه قد شعر قبل هذه المعركة أنها ستكون الأخيرة فى سلسلة معاركه الطويلة والتى بلغت سبعاً وثلاثين معركة كلها لأعلاء كلمة الله عز وجل ونشر دعوة التوحيد فى بلاد أوروبا لذلك تكللت كلها بالنصر والظفر ، وكان من دعائه ليلة المعركة'يا الله يا رحيم يا رب السموات يا من تتقبل الدعاء لا تخزنى يا رحمن يا رحيم ، استجب دعاء عبدك الفقير هذه المرة ، أرسل السماء علينا مدراراً وبدد سحب الظلام ، فنرى عدونا ، وما نحن سوى عبيدك المذنبين ،إنك الوهاب ونحن فقراؤك ، أفديك روحى فتقبل رجائى ولا تجعل المسلمين يبوء بهم الخذلان أمام العدو ، يا إلهى إننى أقسم بعزتك وجلالك أننى لا أبتغى من جهادى هذا الدنيا الفانية ولكننى أبتغى رضاك ، ولا شىء غير رضاك يا إلهى إننى أقسم بعزتك وجلالك أننى فى سبيلك فزودنى تشريفاً بالموت فى سبيلك.

فاستجاب الله عز وجل له وختم حياته الجهادية الطويلة بأغلى وأثمن ما يرتجيه أى مجاهد فى سبيل الله وفاز بالدرة المنشودة ونال أعلى المقامات ، وانضم لطابور القادة الشهداء الذين قادوا الجيوش وسألوا الله الشهادة مثل 'أنس بن النصر' 'البراء بن مالك' 'النعمان بن مقرن' رضىالله عنهم أجمعين .

شهادة الأعادى

أذا أطرى المسلمون على بطل من أبطالهم أو زعيم من زعمائهم فهذا أمر طبيعى ومتوقع وقد يظن البعض أن فيه مزيد مبالغة ومحاباة بدافع الدين والعصبية،ولكن أن يثنى أعداء الإسلام على بطل من المسلمين طالما ذاقوا على يديه مرارة الهزيمة ، فإن هذا هو قمة الفضل وتمام المكانة وهذا ما حدث بالفعل مع السلطان 'مراد الأول' واسمع شهادات الأعادى .

*قال المؤرخ البيزنطى 'هالكو ندبلاس' عن 'مراد الأول' : 'قام مراد بأعمال هامة كثيرة ودخل 37 معركة سواء فى الأناضول أوفى البلقان ، وخرج منها جميعاً ظافراً ، وكان يعامل رعيته معاملة شفوقة دون النظر لفوارق العرق والدين .

* وقال المؤرخ الفرنسى 'كرينارد' : 'كان مراد واحداً من أكبر رجالات آل عثمان وإذا قومناه تقويماً شخصياً ، نجده فى مستوى أعلى من كل حكام أوروبا فى عهده' .

المصادر :
1. تاريخ الدولة العثمانية د: على حسون
2. تاريخ الدولة العلية محمد فريد وجدى
3. الدولة العثمانية المفترى عليها د: عبد العزيز الشناوى
4. عوامل نهوض وسقوط الدولة العثمانية د: علىالصلابى
5. أطلس تاريخ الإسلام حسين مؤنس
6. التاريخ الإسلامى محمود شاكر
7. شذارات الذهب ابن العماد الحنيلى
8. أيام الإسلام شريف عبد العزيز

منقول من سلسلة أبطال سقطوا من الذاكره