قصيدة للأستاذ حسن القرشي :
للنائباتِ وإن يَطُلنَ زوالُ = والصَّبرُ تصغر دونه الأهوالُ
لا تشتكي ألمَ الحياةِ وضِيقَها = فلعلّهُ الخيرُ العظيمُ يُنالُ
صبرًا فمَن نزَلَ البلاءُ بعِلمهِ = فبرحمةٍ منه البلاءُ يُزالُ
لو لمْ يكُن إلا رجاءُ ثوابِهِ = كُسِرَت أمامَ رَجائهِ الأغلالُ
لولا صمودُ العزم لانهارتْ = على أثرِ الرِّياحِ معاقِلٌ وجبالُ
هبّت رِياحُ الضُّرِّ لكن لم يزَلْ = في البِيدِ يُرسِل شَدْوَهُ الجمّالُ
لو خارَ حادي القومِ لم يبلغ بهم = وطنًا ولم يفرحْ بهم نزّالُ
والفلكُ في البحرِ الخضمِّ تجوبهُ = ما راعاها الإكثارُ والإقلالُ
هبْ أنّ موجَ البحرِ أضحى طاغيًا = أومَا هناك مراكِبٌ وحِبالُ
مَن ظنّ أنّ العيشَ يُقضى هانئًا = أعياه في طلبِ السِّرابِ سؤالُ
لو لم يكن مُـرُّ البلاءِ ممحِّصًا = ما خاض جنّاتِ النِّعيمِ بِلالُ
يا صابِرًا أتظنُّ صبرَك ضائعًا = لا تيأسنْ فإنَّ ذاك محالُ
إن تُبتلى فالله يُعطي حُبّه = للمُبتلى فيُصيبهُ أشكالُ
واللهُ إن يُحبب عبادًا ساقهم = للمعضلات لتحسُنَ الأفعالُ
أوَ لستَ ذا سمعٍ وذا بصرٍ = فكم لله مِن نِعَمٍ عليكَ تُنالُ
أوَ ما ترى ما أنتَ فيه مِن الهُدى = ذهبَ العمى وانزاح عنكَ ضلالُ
والعقلُ رأس المال إن يذهب = فما تغنيك عند ذهابه الأموالُ
إن تُسلَب النِّزرَ اليسير فإنما = للدهرِ في دورانه أحوالُ
حالٌ مِن النِّعماءِ يأتي بعدها = بؤسٌ يغطّي البدرَ فيهِ ظِلالُ
فيصير بعد البؤسِ بدرًا ساطعًا = وتعيش بعد همودها الأطلالُ
والأرضُ أينعت الزهور بروضها = مِن بعد أن أزرى بها الإمحالُ
دعها لأمرِ الله واعلم أنها = بيد الإله الخيلُ والخيّالُ