بسم الله الرحمن الرحيم
نقلت لكم من كتاب " صيد الخاطر " لابن الجوزي ، هذا الفصل :
ينبغي للانسان أن يعرف شرف زمانه ، و قدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة. و يقدم الأفضل فالأفضل من القول و العمل. و لتكن نيته في الخير قائمة ، من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ، كما جاء في الحديث : " نية المؤمن خير من عمله " . و قد كان جماعة من السلف ، يبادرون اللحظات. فنقل عن عامر بن قيس، أن رجلاً قال له : " كلمني" ، فقال له : " أمسك الشمس". و قال ابن ثابت البناني : ذهبت ألقن أبي ، فقال : " يا بني دعني ، فإني في وردي السادس" . ودخلوا على بعض السلف عند موته و هو يصلي ، فقيل له ، فقال : " الآن تطوى صحيفتي" .
فإذا علم الانسان - و إن بالغ في الجد - بأن الــمــوت يقطعه عن العمل ، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته. فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً ، و غرس غرساً ، و أجرى نهراً ، و يسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده ، فيكون الأجر له. أو يصنف كتاباً من العلم ، فإن تصنف العالم ولده المخلد. و أن يكون عاملاً بالخير ، عالماً فيه ، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به.
فذلك الذي لم يمت .
[ قد مــــات قــوم و هم في الناس أحــيـــاء ]
.