الموضوع: أحبك يا أمـي ..
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-12-27, 8:33 AM
رباط
رقم العضوية : 44905
تاريخ التسجيل : 29 - 1 - 2008
عدد المشاركات : 32

غير متواجد
 
افتراضي أحبك يا أمـي ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يقول المخرج السوري الدكتور


مصطفى العقاد رحمه الله









ليسدائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..

ثمانِ مرات : كذبت أمي عليّ !!!...




تبدأ القصة عند ولادتي ،


فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر


فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....



وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :


كانت أمي تعطيني نصيبها ..


وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلىطبقي


كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ،


فأنا لست جائعة ..



وكانت هذه كذبتها الأولى




وعندما كبرت أنا شيئا قليلا


كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب


للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ،


وكان عندها أمل أن أتناول سمكة


قدتساعدني على أن أتغذى و أنمو ،


وفي مرة من المرات استطاعت بفضل


الله أن تصطاد سمكتين ،


أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعتالسمكتين أمامي


فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ،


وكانت أميتتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ،



فاهتز قلبي لذلك ،


وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ،


فأعادتها أمامي فورا وقالت :


يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ،


ألا تعرف أني لا أحب السمك ..



وكانت هذه كذبتها الثانية



وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ،


ولم يكن معنا من المال


ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحدمحال الملابس


أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل


وتعرض الملابس على السيدات ،


وفي ليلة شتاء ممطرة ،


تأخرت أمي في


العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ،


فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،


ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ،


فناديتها : أمي ، هيا نعود


إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد


وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،


فابتسمت أمي


وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..



وكانت هذه كذبتها الثالثة



وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ،


أصرت أمي على الذهاب معي ،


ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،


وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء


وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ،


ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت


قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ،


فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،


بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ،


وفجأة نظرتإلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ،


فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :


اشربي يا أمي ،


فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..



وكانت هذه كذبتها الرابعة



وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ،


وأصبحتمسئولية البيت تقع عليها وحدها ،


ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،


فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ،


كان عمي رجلا طيبا


وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ،


وعندما رأى الجيرانحالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ،


نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفقعلينا


فهي لازالت صغيرة ،


ولكن أمي رفضت الزواج



قائلة :أنا لست بحاجة إلى الحب ..



وكانت هذه كذبتها الخامسة



وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ،


حصلت على وظيفةإلى حد ما جيدة ،


واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي


وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ،


وكانت في ذلك الوقت لم يعد


لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ،


فكانت تفرش فرشا


في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ،


فلما رفضت أن تترك العمل


خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه



قائلة :يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..



وكانت هذه كذبتها السادسة



وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجستير ،


وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ،


ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها


الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ،


فشعرت بسعادة بالغة ،


وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ،


وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،


اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ،


ولكنها لم تحب أن تضايقني



وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ...



وكانت هذه كذبتها السابعة



كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ،


وأصابها مرض السرطان ،


وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ،


ولكن ماذا أفعل فبيني وبينأمي الحبيبة بلاد ،


تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ،


فوجدتهاطريحة الفراش بعد إجراء العملية ،


عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي


و لكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ،


ليست أميالتي أعرفها ،


انهمرت الدموع من عيني


ولكن أمي حاولت أن تواسيني



فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...



وكانت هذه كذبتها الثامنة



وبعدما قالت لي ذلك ،


أغلقت عينيها ،


فلم تفتحهما بعدها أبدا ...





إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :


حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...



وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :


تذكر دائما كم تعبت من أجلك ،


وادع الله تعالى لها بالرحمة والمغفرة ..



أحبك يا أمـي




منـــقــول من الايميل..