|
كلُّنا سنقومُ اللَّيلَ السَّاعة 12ليلة الكريسماس
محمَّد شعبان أبو قرن
السَّلامُ عليكم و رحمةُ الله و بركاتُه
وصلتني هذه الرِّسالةُ عبرَ البريدِ مِنْ أحدِ الإخوةِ , و كانَ نصُّها كالتَّالي , مع بعضِ التَّصحيحِ منِّي :
نصّ الرِّسالة
( إنْ شاءَ الله كلُّنا سنقومُ السَّاعةَ 12 ليلةَ رأسِ السَّنةِ و نصلِّي ركعتينِ ، أو نقرأ قرآناً ، أو نذكرُ ربَّنا ، أو ندعو ، لأنه لو نظرَ ربُّنا للأرضِ في هذا الوقتِ الذي معظمُ العالمِ يعصيهِ يجدِ المسلمينَ لا زالوا على طاعتِهم ، وأيضاً نعمل بحديث الرَّسول عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ : العبادة في الهرج كهجرةٍ إليّ .
بالله عليكَ ابعثِ الرِّسالةَ هذه لكلِّ الذين عندك ، لأنه كلَّما كثرَ عددُنا كلَّما ربُّنا سيرضى أكثر !! )
الرَّدّ
فأحببتُ أنْ أنشرَ الرَّدَّ عليها بموقعِنا المبارك ( صيد الفوائد ) حتَّى لا ينخدعَ كثيرٌ مِنَ المسلمينَ بمثلِ تلك الرَّسائلِ و الحملاتِ المنتشرةِ عبرَ شبكةِ الإنترنت .
فأقولُ و بالله التَّوفيقُ :
الحمدُ لله ربِّ العالمين , و الصَّلاةُ و السَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ الصَّادقِ الأمينِ , و على آلهِ و أصحابهِ و مَنْ تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ , و بعدُ :
فإنه لا بدَّ لنا أنْ نفرِّقَ بين مقاصدِ الشَّريعةِ حولَ العباداتِ و الطَّاعاتِ ، و لا نحمل الأحاديثَ على غيرِ معناها الصَّحيحِ , فهذه مسألةٌ و هذه مسألةٌ أخرى .. فمسألةُ إنشاءِ عبادةٍ لمخالفةِ المشركينَ في أعيادِهم " كما هو منصوصٌ عليه في رسالةِ الأخ المرسِلِ " يُعَدُّ مِنَ البِدَعِ المنكَرةِ , و لا يجوزُ تخصيصُ أيامِ أعيادِ الكفَّارِ بأيِّ نوعٍ مِنْ أنواعِ العبادةِ ، لأنه لم يثبتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنه فعلَ ذلك ، ففي حديثِ عائشةَ رضيَ الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم قالَ : " مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منه فهو رَدٌّ" ، و في روايةٍ : " و مَنْ عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ " رواه مسلم .
و يكفي مخالفةً لهم أننا لا نشاركُهم في أعيادِهم بأيِّ نوعٍ مِنَ المشاركةِ ، و أننا نبغضُ أفعالَهمُ المخالفةَ للشَّرْعِ , و عقائدَهمُ الضَّالَّةَ .
ثم إنه يُخْشَى أنْ يعتادَ النَّاسُ على هذه العبادةِ في أعيادِ الكفَّارِ الباطلةِ ، فيعتقد العوامُّ بعد ذلك أنها سُنَّةٌ ، فتكونُ بذلك قد أحدثتَ بدعةً مِنْ حيثُ لا تشعرُ ، بل قد يكونُ تخصيصُ أعيادِهم بالعبادةِ نوعاً مِنَ المشاركةِ لهم في تعظيمِ أيامِهم دون قصدٍ منكَ ، كما يحدثُ أيامَ شَمِّ النَّسيمِ و غيرها مِنْ أعيادِهمُ الباطلةِ ,ثم الأهمّ مِنْ ذلك أنه لم يثبتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنه خصَّص مناسبةً مِنَ المناسباتِ بذكرٍ , أو صلاةٍ , أو قراءةِ قرآنٍ , كما يظنُّ البعضُ في إحياءِ ليلةِ عيدِ الفِطْرِ أو ليلةِ الأضحى أو ليلةِ الجمعةِ بذكرٍ أو بصلاةٍ , استناداً منهم على حديثِ أبي أمامةَ رضيَ الله عنه , عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِباً لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ " , و هو حديثٌ ضعيفٌ لا يصحُّ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم .
قالَ النَّوَوِيُّ في " الأذكار " : ( و هو حديثٌ ضعيفٌ رويناهُ مِنْ روايةِ أبي أمامةَ مرفوعاً و موقوفاً ، و كلاهما ضعيفٌ ) . ا.هـ
فتأمَّل أخي الحبيب حفظكَ الله .
حتَّى هذه الأحاديث التي تحثُّ على العبادةِ بالنِّسبةِ لأهلِ الإسلامِ فإنها إمَّا ضعيفةٌ ضعفاً بيِّناً و إمَّا موضوعةٌ مكذوبةٌ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم , فما بالُكَ بمشاركةِ أهلِ الكفرِ في أعيادِهم , فتأمَّل !!
و هاكم كلام ابن قدامةَ في المغني حولَ تخصيص ِيومِ عيدِ الكفَّارِ بصيامٍ أو عبادةٍ :
قالَ ابنُ قدامةَ في المغني : و يُكرَهُ إفرادُ يوم النَّيروز - و هو مِنْ أعيادِ الرَّافضةِ الضَّالِّين المضِلِّين - و يوم المهرجان بالصَّوم ؛ لأنهما يومانِ يعظِّمُهما الكفَّارُ ، فكره كيومِ السَّبتِ ، و على قياسِ هذا كلُّ عيدٍ للكفَّارِ ، أو يوم يُفردونَه بالتَّعظيمِ . ا.هـ
و قالَ الكاساني في بدائع الصَّنائع : و كذا - يعني يكره - صوم يوم النَّيروز و المهرجان ، لأنه تشبُّهٌ بالمجوسِ. ا.هـ
و أمَّامسألةُ الاعتمادِ على حديثِ العبادةِ في الهرجِ فلا يجوزُ أنْ نحملَ الحديثَ على غيرِ معناه الوارد عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم , فالعبادةُ في الهرجِ المنصوصِ عليها في الحديثِ .. هي عبادة عامَّة .. و ليستْ مخصَّصةً بوقتٍ معيَّنٍ معلومٍ , كصيامِ الاثنين و الخميس و الأيام القمريَّة و يوم عاشوراء و يوم عرفة و غيرها , فهذه عبادةٌ معلومةٌ و مؤقَّتةٌ بميقاتٍ , أي أنهاعبادةٌ مخصوصةٌ وردتِ الأحاديثُ و النُّصوصُ الدَّالَّةُ على فعلِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم لها .
ولذلك أقولُ للإخوةِ الأفاضلِ أنْ يحرصوا على عدمِ نَشْرِ تلك الرَّسائلِ التي تساهمُ في نَشْرِ البِدْعَةِ , و أنْ يتحقَّقوا مِنْ أيِّ شيءٍ يتعلَّق بدينِ الله عزَّ و جلَّ ، و أنْ يتأكَّدوا منه قبلَ النَّشْرِ , فكما قالَ سلفُنا الصَّالحُ : إنَّ هذا الأمرَ دينٌ فانظروا عمَّن ْتأخذونَ دِينَكم .
و الله تعالى أعلى و أعلمُ , و صلَّى الله و سلَّم على معلِّم النَّاس الخير نبيِّنا محمَّدٍ و على آلهِ و أصحابهِ أجمعينَ
|