سادساً : إنَّ الاحتفالَ بعيدِهم فيه تشبُّهٌ بالنَّصارى فيما هو مِنْ خصائصِهم مِنْ شعائرِ الكفرِ ، و هذا مِنْ أعظمِ الذُّنوبِ التي نهى عنها الشَّرعُ و ذمّ فاعلها ، قالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ( مَنْ تشبَّه بقومٍ فهو منهم ) رواه أبوداود .
و التَّشبُّه بالظَّاهرِ يُوجِبُ التَّشبُّه بالباطنِ ، و يُوجِبَ أيضاً المحبَّة و المودَّة بين المتشبِّه و المتشبَّه به ، و لذلك قطعَ الشَّرعُ الحكيمُ كلَّ وسيلةٍ توصِلُ المسلمَ إلى الإعجابِ بالكفَّارِ و الرِّضَا بدينِهم و اللَّحاقِ بعسكرِهم .
سابعاً : العيدُ المشروعُ للمسلمينَ ما كانَ بعدَ الفراغِ مِنَ العبادةِ ، فهو شكرٌ لله على تيسيرهِ للعبادةِ ، و فَرَحٌ للمسلمِ على إتمامهِ العبادةَ ، فعيدُ الفِطْرِ بعد إتمامِ الصَّومِ ، و عيدُ الأضحى بعد إتمامِ الحجِّ و عَشْرُ ذي الحِجَّة ، فهو فرحٌ و عبادةٌ و شكرٌ و إنابةٌ للمولى عزَّ و جلَّ و ليسَ فرحاً لمخلوقٍ أو أمرٍ مِنَ الدُّنيا ، و هذا المعنى غيرُ موجودٍ في عيدِ المسيح عليه السَّلامُ ، و شريعتُه قد نُسِخَتْ فلا يشرعُ لمسلمٍ أنْ يحتفلَ به و يتَّبعَ شَرْعَه .
ثامناً : إنَّ الاحتفالَ بهذا اليوم فيه مخالفةٌ لهدْيِ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم و تنكُّبٌ لسبيلهِ ، فقد كانَ رسولُنا عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ يُبالغُ في مخالفةِ طريقةِ أهلِ الكتابِ ، و يعجبه ذلك في عبادتهِ و زِيِّه و أخلاقهِ و عادتهِ في شؤونِ الدُّنيا ، كمخالفتهِ لهم في استقبالهِ القِبْلَة و فَرْق شعرهِ و قيام النَّاس له و تغيير الشَّيب و صِفَة السَّلام و غير ذلك مما هو مِنْ خصائصِهم ، و قد ثبتَ عنه ذلك بالقولِ و الفعلِ ، و هذا أصلٌ عظيمٌ يجبُ على المسلمِ الاعتناء بهِ .
و قد أخبرَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ بوقوع طائفةٍ مِنَ المسلمينَ في التَّشبُّه باليهودِ و النَّصارى آخرَ الزَّمانِ ، فقالَ صلَّى الله عليه و سلَّم : ( لتتبعن سُنَن مَنْ كانَ قبلَكم شبراً بشبرٍ و ذرعاً بذراعٍ ؛ حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم . قالَ الصَّحابةُ يا رسولَ الله : اليهود و النَّصارى ؟ قالَ : فَمَنْ ) متَّفقٌ عليه ، و هذا أمرٌ مشاهدٌ ، و الله المستعانُ .
فلأجلِ هذا يحرمُ على المسلمِ الاحتفال بعيدِ النَّصارى و شهوده و المشاركة فيه بوجهٍ مِنَ الوجوهِ ، و تبادل الهدايا فيه ، و تهنئتهم بذلك ، و التِّجارة فيما يعينهم على فِعْلهِ ، و التَّسويق و الدِّعاية له .
والله أعلمُ ، و صلَّى الله و سلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ و آلهِ و صَحْبهِ أجمعينَ