الفصل الثالث، بعنوان “علم اجتماع الصلاة”..
هذا الفصل باختصار، يحكي عن الشعائر أو الطقوس الدينية، أو سمها ماشئت..
فالمؤلف هنا يتحدث أن كل مخلوق حي لديه شعائر يناجي بها ربه وخالقه، وكل دين مهماً كان هذا الدين فله طقوس وشعائر اختلفت طرائقها أو تشابهت..
خلاصة هذا الفصل، أن الصلاة بصفتها شعيرة دينية، لايوجد شبيه أو مثيل لها في أي دين..
الفصل الرابع، [ مخلوق شعائري، رغماً عن أنفه.. ]
هاهنا يواصل المؤلف ما تحدث عنه في الفصل الثالث لكن بتفصيل أكثر للنفس البشرية، يتحدث عن حاجات الإنسان البيولوجية للدين والدنيا..
كما تحدث عن الردة في كلام مذهل يسلب الألباب –بلا مبالغة-..
يقول المؤلف واصفاً ترك الصلاة والدين بالردة.. :
{ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم }
نعم.. ولقد رأينا ذلك وبرهان ذلك لا يزال قائماً في جمجمته .. في ذلك الجهاز الأعقد والأكثر كفاءة من بين كل الأجهزة والآلات في الكون..
{ثم رددنه أسفل سفلين}
ولقد رأينا ذلك أيضاً، آسفين، رأيناه يتنازل عن قمته العالية. يهبط إلى القعر. وبدلاً من أن يحلق في عوالم اللازمان واللامكان، رأيناه يهبط درجة تلو أخرى.. ليحبس نفسه، في قفص ضيق من أبعاد ثلاثة..
عبر شعائر لا تصله بالله، بل محض شعائر لاتتصل إلا بالواقع الأدنى..
إنها الردة!
الآن أفهم الردة حقاً!..
لا أريد أن أدخل حقل الألغام الفقهي، فهو بالتأكيد ليس مناسباً هنا..
لكني الآن أفهم “الردة” بمعنى أوسع واكثر تجريداً: إنها ارتداد عن القمة العالية التي وصلها الإنسان بصفته الأرقى بين المخلوقات. إنها ارتداد عما جعل آدم يستحق سجود الملائكة، إنها ارتداد عن تلك القمة العالية التي حزناها.. وهبوط إلى القعر..
أرأيتم كيف يربط المؤلف بين الأشياء ويُعمل عقله فيها؟
الفصل الخامس معنون بـ : شعائر الدين الخاتم: شعائر خاتمة؟
فيه يتكلم المؤلف عن أن شعائر الدين الخاتم –الإسلام- لن تكون عادية، فكل شعيرة مهما صغرت لها وظائف أخرى، ومعاني أكثر مما نتخيل..
يتحدث عن بعض الآيات ويربطها بالصلاة وبأشياء أخرى مهمة في ديننا..
الفصل السادس ويحمل عنوان : الصلاة عبر المجهر، الصلاة عبر التلسكوب..
هذا الفصل من الفصول المتميزة الأخرى،فالمؤلف هنا يأتي بكلمة أو جملة أو آية ثم يفسر معناها، مرة تحت المجهر (مجهر اللغة) ومرة عبر التلسكوب، بشكل أكبر وأكثر تفصيلاً ..
إليكم مثالاً :
فالإعراض عن اللغو، واللغو هو أي سقط من الكلام والفعل، أي كل ماهو تافه مسطح بلا غرض ولا اعتماد من الأفعال والأقوال؛ هو ليس إعراضاً لمجرد الإعراض، بل لأنك مشغول بقضايا أهم، لأن لديك في حياتك ماهو أهم، وأغنى، وأجدر، لأن وقتك المحدود على هذه الأرض أثمن من أن يضيع فيما هو “لغو”..
الخاتمة بعنوان: أقزام وعماليق..
مقارنة بسيطة بين عمر بن الخطاب ذلك الصحابي العظيم مع الأعرابي الذي تحدثنا عنه في الفصل الثاني..
وكيف وصل عمر إلى ما وصل إليه بفضل رؤيته ونظرته إلى الدين بكل مافيه، ولم يرغب في أن يكون كالأعرابي يقنع بأقل القليل..
والنتيجة واضحة، فنحن نعرف عمر بن الخطاب وكثيراً مما قيل عنه.
أما ذلك الأعرابي، فلا نعرف عنه شيئاً..
أرأيتم الفرق؟
قبل الختام، إليكم هذه الإقتباسات الرائعة ..
إن الصلاة –لكي تصل إلى آثارها النهائية- تتطلب صبراً دؤباً وجهداً شاقاً، وعندما تصل إلى معادلتها النهائية، تحتاج المواصلة والمزيد منها للمحافظة على هذه النتيجة.. وسيحتوي ذلك المخاض كله على “تراجعات” يجب أن نتقبل حدوثها، وأن تعوض بالتدريب مجدداً والعودة إلى ذات اللياقة.. لذلك كله، فإن السياق ينتهي، بعد كل هذا الوصف، بالقول مجدداً {على صلواتهم يحافظون}.. ذلك أن المحافظة – رغم ما يبدو أنها تكرار ورتابة ) ضرورية لجودة النتائج، ولتقويمها المستمر، وللتعويض تراجعات هي الأخرى ملازمة للإنسان..
الإسلام يولد نمطاً (شمولياً) (كلياً) في التفكير بحيث إنه لا يقف عند الأجزاء والتفاصيل دون ربطها بالكل.
المعنى الذي ننقب عنه ونحفر لنستخرجه يكون أثبت وأعمق من المعنى الجاهز الذي لا نحرك عضلة في أدمغتنا في تلقيه..