بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد أصحابه أحياناً إلى شيء من هذا وساعدهم عليه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري[51] قال: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ،فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا، فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَادَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَفْضِلا لأُمِّكُمَا مِمَّا فِي إِنَائِكُمَا،فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً[52].
بل إن الصحابة ومن بعدهم من التابعين كانوا يتبركون بآثاره - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته.
روى مسلم في صحيحه من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - أَنَهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ [53]، وقَالَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا [54].
وروى البخاري في صحيحه أن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ سَقى الرَسُولُ- صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ - رضوان الله عليهم -بِقَدَحٍ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ [55].
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : "ونحن نعلم أن آثاره - صلى الله عليه وسلم - من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين، لا سيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحصول على بعض الأغراض، كما وضعت الأحاديث ونسبت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذباً وزورًا، وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل والاقتداء به والسير على منهاجه ظاهرًا وباطناً، وإن في هذا الخير كله "[56].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في بركته لما آمنوا به وأطاعوه، فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة، بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه حصل له من بركة الرسول بسبب إيمانه وطاعته من خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله[57].
[1] ص645 برقم 3365.
[2] ص540 برقم 1373.
[3] (27/144) برقم 16599، وقال محققوه حسن لغيره.
[4] ص695 برقم 3642.
[5] ص223 برقم 1258، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2/18) برقم 1010.
[6] ص1220 برقم 6344، وصحيح مسلم ص1006 برقم 2480.
[7] ص1006 برقم 2480.
[8] فتح الباري (4/229-230)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/234) برقم 3011.
[9] ص376 برقم 1982، وصحيح مسلم ص1006 برقم 2481.
[10] ص1006 برقم 2480.
[11] فتح الباري (4/229-230).
[12] ص680 برقم 3540، وصحيح مسلم ص955 برقم 2345.
[13] ص380 برقم 3541، وصحيح مسلم ص955 برقم 2345 واللفظ له.
[14] فتح الباري (6/563).
[15] ص473 برقم 2502.
[16] (34/262-263) برقم 20665، وقال محققوه إسناده صحيح.
[17] الوسق: ستون صاعاً على المشهور، أو حمل بعير، القاموس المحيط ص928.
[18] سنن الترمذي ص595 برقم 3839 وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (3/235) برقم 3015.
[19] الإبل التي يستقي عليها.
[20] الظهر: الإبل التي يحمل عليها وتُركب.
[21] النطع: بساط يتخد من الأديم.
[22] المقصود: اتخذنا دهناً من شحومها.
[23] ص45 برقم 27.
[24] ص1108 برقم 5639، وصحيح مسلم ص775 برقم 1856 مختصراً باختلاف.
[25] فتح الباري (10/102).
[26] في (م) و (ظ2) و(ق): رفعتها.
[27] (39/234) برقم 23812 وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم.
[28] مسند الإمام أحمد (39/244) برقم 23822 وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم.
[29] ص75 برقم 279.
[30] (3/440) برقم 1978، وقال محققوه حديث حسن.
[31] ص97 برقم 464، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن الترمذي (1/144) برقم 411.
[32] (45/379) برقم 27381، وقال محققوه إسناده صحيح.
[33] السنن الكبرى (5/400) برقم 10280، وقال الألباني - رحمه الله - في السلسلة الصحيحة (2/573) برقم 883 إسناده جيد.
[34] ص174 برقم 963، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، والبخاري في التاريخ الكبير (3/189) وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/572-573) برقم 883.
[35] التبرك : أنواعه وأحكامه للجديع ص244.
[36] الاعتصام للشاطبي (2/8-9).
[37] أي أن ذلك خاص به.
[38] الاعتصام للشاطبي (2/9).
[39] ص1126 برقم 5751 وصحيح مسلم ص902 برقم 2192 واللفظ له.
[40] ص681 برقم 3553، وصحيح مسلم ص206 برقم 503 واللفظ للبخاري.
[41] ص1209، برقم 6281، وصحيح مسلم ص952، برقم 2331. واللفظ له.
[42] ص1068، برقم 6036.
[43] (26/347-349) برقم 16421، وقال محققوه حديث صحيح بطرقه وشواهده.
[44] ص204 برقم 1742، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن أبي داود (1/327) برقم 1532.
[45] صحيح مسلم ص514 برقم 1305.
[46] صحيح مسلم ص514 برقم 1305.
[47] شرح صحيح مسلم للنووي (3/54.
[48] ص61 برقم 187، وصحيح مسلم ص206 برقم 503.
[49] فتح الباري (2/295).
[50] ص61 برقم 189.
[51] أبو موسى الأشعري وبلاب بن رباح.
[52] ص817 برقم 4328، وصحيح مسلم ص1013 برقم 2497 واللفظ له.
[53] الطيلسان : الأسود.
[54] ص859-869 برقم 2069 مختصراً.
[55] ص1107 برقم 5637، وصحيح مسلم ص834 برقم 2007.
[56] التوسل.أنواعه وأحكامه ص145.
[57] مجموع الفتاوى (11/113)