عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2006-07-24, 4:01 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
الأصدقاء

معظم أصدقائي تخلّوا عنِّي في السنة الأولى من إسلامي. فلم أَعُدْ في نظرهم مُسلِّيةً على الإطلاق. فأنا لا أرافقهم إلى الخمَّارات والحفلات، ولم أكن مهتمّةً بإيجاد صاحب لي؛ بل كان كلُّ ما

أفعله هو قراءة ذلك الكتاب (القرآن) والحديث عن الإسلام... فما هذا الملل؟! ولم يكن لديَّ المعرفة الكافية لكي أساعدهم على فهم الإسلام ولأُبيّن لهم كم هو جميل.

الوظيفة

ثم كانت وظيفتي هي التالية في الذهاب. ففي حين كنت أفوز بكلّ جائزةٍ في مجال عملي، وكانوا يعترفون بخبرتي كمُبتكرةٍ لأساليب كسب المال، إلا أنَّ هذا لم يمنع من أن يكون أول يومٍ وضعت فيه حجابي هو آخر يومٍ في وظيفتي. فأصبحت حينئذٍ بلا عائلةٍ، أو أصدقاء، أو عمل.

المكافأة من الله تعالى على النجاح في الابتلاء

كانت جدَّتي هي شعاع النُّور الأوَّل بعد إسلامي، فلم تُثنِ على قراري فقط بل وانضمَّت إليّ مُعْتنقةً الإسلام مثلي... فيا للمفاجأة! أنا كنت أعرف دائماً أنّها تمتلك الكثير من الحكمة... ولكن

إلى هذا الحد؟! وتُوفِّيت بعد اعتناقها الإسلام بساعاتٍ قليلة، رحمها الله تعالى. وعندما أتوقّف

لأتأمَّل في ذلك أشعر بأنِّي أغبطها كثيراً. ففي اليوم الذي أعلنت فيه إسلامها، ومُحيَتْ فيه كلُّ آثامها وبُدِّلتْ حسنات، يتوفاها الله تعالى لتكون كفّة حسناتها في الميزان ثقيلةً جدّاً، مما يملأني بسعادةٍ غامرة.

ومع مرور الوقت وازدياد معرفتي بالإسلام كنت أكثر استعداداً للإجابة على أيّ تساؤلات، فتغيَّرت أمورٌ كثيرةٌ في حياتي، ولكنَّ الأثر الأعظم كان للتغييرات التي حصلت في شخصيِّتي.

وبعد بضع سنوات من إعلاني الإسلام، هاتَفَتْني أمي وقالت بأنّها لا تعرف ما هو هذا (الشيء) الذي يُسمَّى (الإسلام)، ولكنّها تأمل في أن أبقى مؤمنةً به، فقد كان يُعجبها ما كان يصنعه الإسلام في حياتي. ثم اتَّصلت بي بعد ذلك بعامين وسألتني: "ماذا يجب على الإنسان أن يفعل ليصبح مسلماً؟" فقلت لها بأنّ كلّ ما عليها أن تفعله هو "شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً

رسول الله". فقالت: "إنّ كلّ أحمقٍ يعرف هذا! ولكن ما هي الإجراءات التي يجب عليَّ القيام

بها؟!" فأعدت عليها ما قلت، فقالت: "حسناً، ولكن لا تُخبري أباك الآن". ولكنها لم تكن تعلم بأنّ أبي كان قد سبقها بالحديث مع عن هذا الموضوع. فوالدي -الذي كان يظنُّ بأنَّه من الواجب قتلي قبل أن أتعمَّق في جهنم- كان قد دخل الإسلام قبل ذلك بشهرين. ومن ثم أخبرتني أختي -الخبيرة في الصِّحة النفسيّة- بأنِّي الشخصيَّة الأكثر تحرُّراً من بين من تعرفهم... وإنه لإطراء عظيمٌ حين يصدر ممن هم مثلها!

وبدل أن أُحدثكم بتفاصيل دخول كلٍّ منهم الإسلام، دعوني أخبركم ببساطة بأنِّ معظم أفراد عائلتي يواصلون دخول الإسلام كل سنة. وقد كنت في غاية السعادة حين أخبرني أخٌ عزيزٌ من المركز الإسلاميِّ بأنَّ زوجي السابق دخل الإسلام. وقال لي بأنَّه سأله لماذا يريد اعتناق

الإسلام؟ فأجاب: "ذلك لأنّي -ولستَّة عشر عاماً- كنت أُراقب حياة زوجتي كمسلمة، وأنا الآن أريد أن تكون ابنتي مثلها". ثم زارني بعد ذلك وطلب مني أن أُسامحه على كلِّ ما فعله لي. ولكنِّي كنت قد سامحته منذ وقتٍ طويل.

وفي الوقت الذي كنت أكتب فيه هذه السطور، هاتفني ابني البكر –ويتني- ليقول لي بأنَّه

سيدخل في الإسلام، وقد خطّط لإعلان إسلامه في المركز الإسلاميّ بعد أسبوعين، وهو الآن يقرأ عن الإسلام قدر ما يستطيع من أجل ذلك... إنّ الله هو الرحمن الرحيم.

بمرور السنين، اشتهرت بحديثي عن الإسلام. والكثير من الذين حضروا للاستماع إليّ دخلوا الإسلام والحمد لله. وازدادت سكينتي الداخليَّة مع ازدياد معرفتي وثقتي بحكمة الله سبحانه

وتعالى. فقد عرفت بأنّ الله تعالى ليس فقط خالقي، بل هو أيضاً أعزّ (أصدقائي)، ولذلك فأنا على يقينٍ بأنَّه تعالى سيكون دائماً إلى جانبي، وأنَّه لن يتخلّى عني أبداً. فكلّ خطوةٍ أخطوها تجاهه سبحانه وتعالى يخطو مقابلها تجاهي عشراً؛ وكم هو جميلٌ أن ندرك هذا.

حقيقة أنّ الله تعالى اختبرني -كما وعد بأن يختبر المؤمنين- ولكنّه أنعم عليّ أكثر مما كان

بإمكاني أن آمل. فقبل بضع سنوات أخبرني الأطباء بأنّ لديَّ سرطاناً مُنتشراً. وأوضحوا لي بأنَّه لا يمكن علاجه حيث كان قد تطوَّر لدرجةٍ كبيرة، وعملوا على تهيئتي للموت بإيضاحهم لي مراحل تطوُّر المرض، وأخبروني أنَّه ربما بقي لي سنةً من العمر. كنت قلقةً من أجل أطفالي -وخاصة

الأصغر عمراً – فمن ذا الذي سيعتني بهم؟ ومع هذا فلم أقنط من رحمة الله تعالى، وفي النهاية فكلُّنا صائرٌ إلى الموت. وكنت مُتيقِّنةً في قلبي بأنّ الألم الذي كنت أُعانيه يحوي الكثير من البركة.

وأذكر وفاة أحد الأصدقاء -وهو كريم الميساوي الذي مات بالسرطان حين كان في العشرينات من عمره- وفي سكرات الموت الأخيرة كان يبدو عليه الحزن والألم بطريقةٍ لا تُصدَّق، ولكنَّه كان يُشعُّ بحبِّ الله تعالى، وقال لي: "إنّ الله تعالى حقّاً رحيم؛ فهو سبحانه وتعالى يريد لي أن أدخل الجنَّة بكتابٍ نظيف". فعلّمني بموته حبّ الله تعالى لعباده ورأفته بهم، وأعطاني بذلك شيئاً للتأمُّل، فهذا يُعتبر من الأمور التي يَندُر أن يناقشها الناس!

ولم أنتظر طويلاً لأرى النِّعم التي كانت تحلُّ عليَّ من الله تعالى. فالأصدقاء الذين يحبونني كانوا يظهرون من حيث لا أدري. ثمّ أنعم الله تعالى عليَّ بتأدية فريضة الحج. وتعلّمت مدى أهميّة أن

نشارك الآخرين حقيقة الإسلام. ولم أكن أهتمُّ إذا كان الناس الذين أتحدَّث إليهم من المسلمين أو من غيرهم، أو إذا كانوا يتفقون معي أم يختلفون، أو إذا كانوا يحبونني أم يكرهونني؛ فقد كانت الموافقة التي أنشُدُها هي موافقة الله تعالى، وكان الحبُّ الوحيد الذي أحتاجه هو حبُّ الله

تعالى. ولكنِّي مع هذا اكتشفت بأنّ الناس كانوا يحبونني أكثر وأكثر دون سببٍ واضح. فتذكرت ما

قرأته بأنّ الله تعالى إذا أحبَّ عبداً فإنَّه يُلقي له القَبول في الأرض. فأنا لا أستحق كلّ هذا الحب، ولكن لا بدَّ وأنّ هذه نعمةٌ أخرى من نِعَمِ الله تعالى... الله أكبر!

لا توجد الكلمات التي تستطيع أن تُعبِّر عن مدى تغيُّر حياتي بالإسلام، فأنا سعيدةٌ جدّاً بكوني

مسلمة. فالإسلام هو حياتي. والإسلام هو نبض قلبي. والإسلام هو الدَّم الذي يجري في

عروقي. والإسلام هو قوّتي. والإسلام هو الذي جعل حياتي في غاية الرَّوعة والجمال. فأنا بدون الإسلام لا أساوي شيئاً، فلو حصل -لا قدَّر الله- وتخلّى الله عني لما استطعت البقاء.

"اللهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُوراً وَفيِ بَصَرِي نُوراً وَفي سَمْعي نُوراً وَعَنْ يَميِنِي نُوراً وَعَنْ يَسَارِي نُوراً وَفَوْقِي نوراً وَتَحْتِي نُوراً وَأمَامي نُوراً وَخَلْفي نُوراً وَاجْعَلْ لي نُوراً". (صحيح البخاري).

"رَبِّ اغْفِر لي خَطيئتَي وَجَهْلي وَإسْرَافي في أمْري كُلّه، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي. اللهُمَّ اغفر لي

خَطَايَايَ وَعَمْدي وَجَهْلي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي. اللهُمَّ اغْفْر لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ. أنتَ المُقَدِّمُ وَأنْتَ المُؤَخِّرُ وَأَنْتَ علَى كُلّ شَيءٍ قديِر". (صحيح البخاري).

أختكم في الله

أمينة أسيلمي



المصدر : موقع مجله الفرقان