عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2010-11-15, 10:56 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

صحة اللسان
هل سألت نفسَك مرة واحدة: لماذا يُصرُّ الأطباءُ أثناء زيارتنا لهم في العيادة على طلبهم الدَّائم بفتح الفم ومد اللسان... مَن مِنَّا لَم يسمعْ كلمةَ (افتح فمك)؟ أكيد لا أحد.
يسألُك الطبيب أنْ تُخرج لسانَك عند الفحص، وذلك للأسباب التالية: لأنَّه إذا كان لونُ لسانك يَميل إلى الاصفرار، فهذا دليلٌ على أنَّ نسبة الصفراء عالية في الدم، أمَّا إذا كان لون لسانك يَميل إلى الزُّرقة، فهذا يدُلُّ على وجود مرضٍ بالقلب أو الجهاز التنفسي.
إذا كان لونُ اللسان أحمر ورديًّا، فهذا يدل على الصحة.
إذا كان لونُ اللسان باهتًا، فذلك يدُلُّ على وجود أنيميا، أمَّا إذا كان يكسو اللسان طبقةٌ بيضاء، فهذا يدل على وجود حُمَّى واضطراب في الهضم، أمَّا إذا كان هنالك رَعْشَة في اللسان عند إخراجه من الفم، فهذا يدُلُّ على وجود تسمُّم أو توتر عصبي.
واللسان هو أخطرُ جارحة في الإنسان، فهو ترجمان قلبه، وكاشف صلاحه أو عَيْبه؛ ولذا حَذَّر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أحاديثَ كثيرة من شرور اللسان، ونصح أمته من أعطابه ومهالكه، وجعل إمساكه هو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة، فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسولَ الله، ما النجاة؟ قال: ((أمسك عليك لسانَك، وليسعْك بيتك، وابكِ على خطيئتك))؛ (رواه الترمذي وحسنه).
فما شرور اللسان؟ وكيف للمسلم أن يتخطاها؟
مهالك اللسان:
الغِيبة:
وهي أن تذكرَ المسلم بما يكره في غَيْبَته، وتَحريمها مما يستوي في العلم بين العامَّة والخاصَّة، والجاهل والمتعلم، كما أنَّها من الكبائر التي قَلَّ مَن يسلم من مَغبَّاتِها، نسأل الله العفو والعافية، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أتدرون ما الغِيبة؟)) قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره، وإن لم يكن فيه ما تقول، فقد بَهتَّه))؛ (رواه مسلم).
وهي من أمراض القلوب وأسقامها، ومن العادات السيئة التي تُعَدُّ من الأمراض النفسية أو التربوية، فكثيرٌ مِمَّن يقَعون في أعراضِ الناس بالغِيبة والبُهتان يكون دافعهم لذلك البُغْض والحسد، أو الانتقام للنَّفس، وقَلَّ أن يكون ذلك عارضًا لسوء التربية ومَساوئ الأخلاق.
ومهما يكن دافع الغِيبة، فهي كبائر نَهى الله عنها، فقال: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12].
النميمة:
فعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يدخل الجنة نَمَّام))؛ (رواه البخاري ومسلم).
والنميمة هي القالة بين الناس، ونقل الأخبار بينهم على جهة الإفساد، ولا يُبتلى بها أحد إلاَّ كان عاقبته ذلاًّ وهوانًا بين الخلق.
القذف:
وهو من أخطر الكبائر التي يعجل الله عليها العقوبة، فقد قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، فقوله - سبحانه -: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ دليلٌ على أنَّ قذفَ المسلم واتِّهامه بما هو بريء منه، أو إشاعة ما تاب منه من السيئات، وكشفها، ونشرها بين الناس - من أسباب نُزُول العذاب المؤلم الغليظ العنيف، والعاقل الذي يطلُب السلامةَ في الدُّنيا، والنجاةَ في الآخرة هو مَن كفَّ لسانَه عن خَلْقِ الله، فلا يتتبع عَوْرَاتِهم، ولا يَجرؤ على اتِّهامهم، بل يذود عن كلِّ مَن يسمع عنه من السوء بغير موجب ولا دليل؛ ليُرَدَّ عنه في موطن يُحِبُّ أن يُنْصَر هو فيه، كما أخبر بذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رَدَّ عن عِرْض أخيه، رَدَّ الله عن وجهه النارَ يومَ القيامة))؛ (رواه الترمذي وحسنه).
ولطالما أوقع إبليسُ الكثيرَ من الناس في الوقوع في أعراض المسلمين، والنَّيل منهم في دينهم وعرضهم، حتى في شكلهم وأحوال بيوتهم، وهذا لا يعجب منه من نَوَّره الله بالفقه في دِينه، فإنَّ عامَّةَ أهلِ النار إنَّما دخلوها بغَفْلتِهم عن خُطُورة اللسان وآفاتِ الكلام والبُهتان.
الهمز:
وقد نهى الله - جَلَّ وعلا - عنه بقوله: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، والهمز أيضًا يُطْلَق على الغيبة، والجامع بين الهمز والغيبة هو ذكر المعايب، بينما يَفترقان في طريقة عَرض تلك المعايب؛ ولذلك فإنَّ الهمزَ واللمز نوعٌ من أنواعِ الغيبة، وكلاهما في الويل يومَ القيامة، والويلُ وادٍ في جهنم.
والرجل الهُمَزَة رجلٌ مغرور بفطنةٍ جوفاء، يظل يتمرس على أسلوب الغيبة بالإشارة، وإدخال المعاني في قوالب المباني، ويُجهد نفسَه في اختيارِ الأمثال؛ ليظفَرَ بإيذاء الناس في المجالس مع طلب براءة الحال، وهو في كلِّ ذلك يطلُب لنفسه الشقاوة، ويَجلب لنفسه التَّعاسة والندامة، فهو الموعود بالويل، ولا فطنةَ لمن يطرقُ أسبابَ الويل؛ ولذا أخي الكريم، احذر من الغرور... وتذكَّر أنَّ الفطنةَ كل الفطنة في أنْ تكفَّ عليك لسانك، وألا توظف رموش عينيك في إيذاء خلق الله، ولا أطراف أصابعك في تعيُّبهم، ولا صفحات وجهك في التنقيص من شأنِهم.
الكذِب وشهادة الزور:
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "((أربع مَن كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصلة منهم، كانت فيه خَصلة من نفاق حتى يدعَها: إذا اؤتُمن خان، وإذا حَدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر))؛ (متفق عليه)، وعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ أنبئكم بأكبرِ الكبائر؟))، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراكُ بالله وعقوقُ الوالدين))، وكان متكئًا فجلس، فقال: ((ألاَ وقول الزور))، فما زال يُكررها حتى قلنا: ليته سكت"؛(متفق عليه).
الفحش والكلام الباطل:
فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يومَ القيامة من حُسن الخلق، وإنَّ الله يبغض الفاحش البذيء))؛ (رواه الترمذي)، والفاحش البذيء هو الذي يتكلم بالفُحش ورَديء الكلام، فهذه أخطرُ آفات اللسان وأشدها فتكًا بدين المسلم، وخلقه، وعاقبته.
فاحذر - أخي المسلم - من الوقوع في براثنها، وتَذَكَّر أنَّ الله وَهَبك نعمةَ اللسان؛ لكي تسخرها في عبادته وطاعته، وتستثمرها في أعمالِ الخير والبركة؛ لتكونَ لك نَجاة يومَ القيامة، فكيف يتقي المسلم شَرَّ لسانه؟ وكيف يوظفه لصالحه؟



توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟