عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 7  ]
قديم 2006-07-22, 3:33 AM
mk_smart
عضو مشارك
رقم العضوية : 14109
تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2006
عدد المشاركات : 122

غير متواجد
 
افتراضي
* الأدلة الشرعية، والقواعد الفقهية :
أولاً :
لا شك أن الأحكام الشرعية لا تخرج في أيِّ مسألةٍ عن الأحكام الخمسة وهي : (الواجب، السنة، الحرام، المكروه، المباح ) .
فيعود السؤال جذعاً وهو : أيُّ الأحكام الشرعية الخمسة يناط بقضيتنا؟ .
فالجواب : أن أصل مسألة ( قيادة المرأة للسيارة) الإباحة؛ قياساً على ركوب الدواب آنذاك في الجملة؛ وهذا ولا يعني أنها مباحة على إطلاقها دون نظر أو اعتبار لمقاصد الشريعة التي جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بل للتفصيل حقٌّ واعتبار .
وإذا علمنا ـ أيضاً ـ أن المباح ليس من الأحكام الشرعية الأصلية؛ بل دَمْجُه وضَمُّه للأحكام الشرعية الخمسة من باب التوسعة، وإتماماً للقسمة التي مشى عليها أكثر أهل العلم من الأصوليين؛ وبهذا نقول : إن المباح من الأحكام التي قد يتأثر، ويتكيَّف بالأحكام الأخرى؛ خلافاً للأحكام الأربعة؛ فهي أصلية لا تتغير، ولا تتبدل بتغير الزمان أو المكان؛ بل ثابتةٌ وراسيةٌ مثل الجبال الرواسي؛ لأنها مستمدة من الوحيين – الكتاب والسنة - .
فإذا علم هذا نجد ( المباح ) أسهلها تناولاً حيث يتنازعه، ويطلبه كلٌّ من الأحكام الأربعة الباقية، فحيناً ينقلب من الإباحة إلى الحرمة؛ وهو ما يسمى بـ ( الحرام لغيره )، ومثاله : بيع السلاح وقت الفتة، أو بيع العنب لمن يُعلم أنه يتخذه خمراً؛ مع العلم أن الأصل في البيع هو الإباحة ! .
وحيناً ينقلب إلى الوجوب، ومثاله : شراء لباساً لستر العورة بثمن المثل، والماء للوضوء بثمن المثل، وعلى هذا تجري الأحكام الباقية كما لا يخفى، والأمثلة في هذا كثيرة لا تعد ولا تحصى .
ومن خلال هذا التقعيد والتأصيل الأصولي؛ يتضح لنا أن حكم الإباحة من باب الوسائل في الأعم الأغلب، والأحكام الأخرى من باب المقاصد قطعاً؛ فإذا كان فعل المباح وسيلةً للحرام فيكون حراماً، وإذا كان وسيلةً للواجب فيكون واجباً، وهكذا في بقية الأحكام .
فالسؤال الذي يطرح نفسه : هل ( قيادة المرأة للسيارة ) وسيلة للحرام أم لا ؟ .
وقبل الإجابة عن هذا السؤال : كان من الجدير أن نُحَكِّم الواقع الذي سيكون برهاناً قاطعاً في مسألتنا؛ فعند النظر والتأمل في البلاد ـ الكافرة والمسلمة ـ التي قادت فيها المرأة السيارة، نجد الواقع أكبر شاهد على الحياة الهابطة والعربدة الممقوتة، والانحلال المشين، والعفة الضائعة، والغيرة المعدومة، والجرائم الفاضحة، وقتل الحياء، وكلُّ هذا مع مرور الأيام، أو قلّ تتابع الساعات …
ولولا الفضيحة؛ لذكرت من الحوادث والقصص ما يندى له الجبين؛ ولا أقول هذا في بلاد الكفر فقط؛ بل في البلاد العربية المجاورة ـ للأسف ـ التي تساقطت في أحضان التبعية، حين زجَّت بفتياتها في غياهب القيادة؛ دون تعقل أو نظر، فآل بهم الحال إلى التبرج، والسفور، والاختلاط الفاضح... ! .
وجدير بالعاقل أن يسأل أخواتنا الَّلاتي تدافعن على قيادة السيارة كالفراش المبثوث في تلكم البلاد !، أو حتى المسؤولين هنالك عن أنظمة المرور وما يلاقونه من فضائح أخلاقية؛ جرَّاء (قيادة المرأة للسيارة )، فكم عفيفةٍ ذهب شرفها، وكم حرة خُدش حيائها؛ بسبب المواقف المحرجة التي تواجهها أثناء الحوادث المروريَّة؛ فهذا يساومها على عرضها، وذاك ينتهز ضعفها، وأخر يسترق عاطفتها … لا سيما إذا علموا أن المسكينة كارهةٌ لهذا الموقف المحرج؛ الذي لا تريد أن يعلم به وليُّ أمرها، أو زوجها … ! .
ومن خلال هذا وذاك نستطيع أن نجزم أن ( قيادة المرأة للسيارة ) في هذا الزمان حرامٌ حرام – دون شك – لأنها وإن كانت في الأصل مباحة إلاَّ أنها مفضيةٌ وذريعةٌ للحرام بجميع أنواعه .
ثانياً :
ومن خلال هذه نستنتجُ قاعدةً شرعيةً عظيمةً، أحسبها من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية وهي : ( سدُّ الذرائع )، وبهذه أجمعت الأمة على سدِّ الذرائع المفضية إلى الحرام، وكذلك ما كان مظنَّةً للحرام، ولا نعلم في ذلك خلافاً عند أهل العلم، كالمنع من سبِّ الأصنام عند من يُعلم أنه يَسُبُّ الله تعالى حينئذ، وكحفر الآبار في طرق المسلمين إذ علم وقوعهم فيها، أو ظنَّ ذلك، ومنعه صلى الله عليه وسلم من هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم خشية المفاسد والشكوك ممَّن هم قريبوا عهدٍ بإسلام، وغير ذلك من الأدلة الشرعية، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية على سد الذرائع بـ (أربعةٍ وعشرين ) وجهاً، وكذا تلميذه ابن القيم بـ ( تسعةٍ وتسعين ) دليلاً ، وكذا نقل الإجماع عليها الإمام الشاطبي وغيره من أهل العلم.
ولا ننس ـ أيضاً ـ أن المرأة في الأصل مظنَّة الفتنة والشهوات؛ هذا إذا خرجت عن الأحكام الشرعية، أو تنكرت لفطرتها، أو خالفت طبيعتها... !.
فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال بعدي من النساء " متفق عليه .
وقال ـ أيضاً ـ صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حُلوةٌ خَضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون ؟، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " رواه مسلم ، وهذا دليل قاطع أن المرأة في الأصل بابٌ للفتنة والمعاصي … ما لم تمتثل بشريعة الرحمن، وتتقيَّد بأهداب الأخلاق الإسلامية، والآداب المرعية … !، لهذا وجب مراعاة تحركاتها، والتريث فيما يتعلق بها من أحكام وأراء سدَّاً لكلِّ ذريعةٍ مفضيةٍ للحرام .
لهذا اشتهر عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت ترى منع النساء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، من الذهاب إلى المساجد للصلاة، فيما روته عنها عمرة بنت عبد الرحمن : حيث قالت : " لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما مُنِعهُ نساء بني إسرائيل "، قيل لعمرة أو منعن ؟ قالت : نعم " متفق عليه، في حين أنها تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة، وهو قوله : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " لذا لم ترد بقولها معارضة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل علمت من كلامه صلى الله عليه وسلم، أنه أراد جواز وإباحة ذهاب النساء للمساجد، لا مطلق الوجوب، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ "، فلما علمت ـ رضي الله عنها ـ أن هذه الإباحة قد توسع فيها بعض النساء على غير مراد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها ستفضي للحرام، سارعت بسد الذرائع؛ مظنة الوقوع في المحذور، والله أعلم .
ثالثاً :
العمل بالقاعدة المشهورة ( درء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح)، وهي من مقاصد الشريعة، وصورتها : أنه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد في الشيْ الواحد يجب تقديم درء المفاسد، وتغليب حكمها على جلب المصالح، وهذه القاعدة متفق عليها بين أهل العلم دون خلاف كسابقتها، والأصل فيها قول الله تعالى( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنَّاس وإثمهما أكبرُ من نفعهما ) البقرة 219
فالله تعالى في هذه الآية وغيرها ذكر لنا أن الخمر مع كونها تشتمل على بعض الفوائد إلاَّ أن الحكمة الإلهية، والمصالح الشرعية تحرِّمُها لأنها تشتمل على المفاسد والإثم أضعاف تلكم الفوائد القليلة، لذا كان الحكم للأغلب لا سيما إذا كان الغالب محرماً ـ عياذاً بالله ـ كما هو حاصلٌ في ( قيادة المرأة للسيارة ) ! .
ونحن لن نشطط في حكمنا في ( قيادة المرأة للسيارة )، حيث نُسلِّم أن هنالك بعض الفوائد القليلة العائدة على المرأة في قيادتها للسيارة؛ إلاَّ أننا بالنظر إلى ما يترتب عليه من مفاسد نجده أضعافاً مضاعفةً بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي كنَّا نرجوها !، لأن أخطارها ومفاسدها قد بلغت من الكثرة والعموم ما لا ينكره عاقل، ممن يستطيع أن يفرقَ بين التمرة والجمرة ! .
رابعاً :
لقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه وغيره، وممَّا لا شك فيه أنَّ ( قيادة المرأة للسيارة )، ضررٌ متحققٌ، وضرارٌ متعدي لا ينكره ذو البصر والبصيرة، ممن يستطيع أن يفهم الخطاب ويرد الجواب ! .
خامساً :
لقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات؛ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينِه وعرضِه، ومن وَقَعَ في الشبهات وقَع في الحرام... " متفق عليه .
فإذا سلمنا ـ جدلاً ـ أن ( قيادة المرأة للسيارة )؛ من الأمور التي تنازع الناس في كونها من الحرام البيِّن، أو الحلال البيِّن؛ فلا نشك جميعاً أنها إذاً ـ في أقل أحوالها ـ من الأمور المشتبهة؛ والحالة هذه فهي حينئذ حرامٌ، لا سيما أن القائلين بإباحتها من أجهل الناس في حكمها والنظر في دليلها !، هذا مع جهلهم – تجاهلهم –بحال الواقع المرير؛ وإلاَّ عند العدل والإنصاف فالمسألة بيِّنة أنها حرامٌ لا شبهة فيها .
سادساً :
لقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " دَعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَريبُكَ " رواه الترمذي وغيره، وهذا الحديث كسابقه دليل على أنَّ الاحتياط تحريم ( قيادة المرأة للسيارة)، ومعناه أنه يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتقائها وتجنبها، فإن الحلال المحض لا يحصل للمؤمن في قلبه منه ريب، بل تسكن إليه النفس، ويطمئن به القلب، وأما الشبهات فيحصل بها للقلوب القلق والاضطراب الموجب للشك، والحالة هذه لاشك أن ( قيادة المرأة للسيارة ) في أقل أحوالها؛ من الأمور المشتبهات التي يترجح تجنبها واتقاءها، والوقوف عندها، مع العلم أنها من القسم الثاني وهو الحرام البيِّن قطعاً !.
سابعاً :
قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : البرُّ حسنُ الخلق، والإثمُ : ما حاك في نفسك، وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناس "() رواه مسلم.
هنا سؤال : من هذا الذي لا يجدُ في نفسه غضاضةً عندما تقوم إحدى محارمه سواء كانت زوجته، أو أخته، أو ابنته؛ بقيادة السيارة ؟! .
أفلا يجدُ في نفسه كراهةً حينما يشعرُ أن الناس يعلمون أن إحدى محارمه تقود السيارة؛ لا سيما وهي تجول في الطرقات، وتهبط الأسواق … ؟؟
والجواب على هذه الأسئلة ليس حقاً مشاعاً لكلِّ من هبَّ ودبَّ !، بل هو حقٌ لمن سَلِمتْ فطرتُه، وظهرتْ غيرتُه، وبان حياؤُه، فمن هذه حالُه فلا شك أن الغضاضةَ، والكراهيةَ يجدها ضرورةً في نفسه، والحياءَ، والخجلَ يعلوهُ طبعاً، وشرعاً …والحالة هذه تكون إذاً ( قيادة المرأة للسيارة ) إثماً، والإثم حرام ، فالحمد لله على نعمة الإسلام، ووجود الحياء بين الأنام .


توقيع mk_smart


[IMG]http://latansallah.******.com/images/k19.gif[/IMG]