عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 2006-07-22, 3:30 AM
mk_smart
عضو مشارك
رقم العضوية : 14109
تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2006
عدد المشاركات : 122

غير متواجد
 
افتراضي
* الطرف الثاني : الذوَّاقون؛ الذين ألفوا ـ دائماً ـ الحديث عن كلِّ قضيةٍ يطبخها، أو يقدمها الطباخون !، وليس لهم من وراء هذا ـ للأسف ـ إلاَّ دراهم معدودة ، أو نشر أسمائهم على الملأ في قائمة المثقفين !، ليقال عنهم : صانعوا الأحداث، ومحرِّروا الأفكار، ومنظِّروا القضايا ! .
وهؤلاء في الحقيقة ليس لهم نصيبٌ من القضية إلاَّ أن هنالك ثمة خطوط عريضة تملى عليهم، وخانات تعرض عليهم بطريقة أو أخرى، لذا نجدهم يركضون في سراديب محكومة، وأُطُرٍ محدودة؛ يحسبون أنهم على شيْ، وما علموا ـ المساكين ـ أنهم بمنأى عن حقيقة الخلطة السرِّية التي لا يعلمها إلاَّ الطباخون !! .
فلا شك أن هؤلاء الذين يحكِّمون أذواقهم في مثل هذه القضايا المصيرية؛ يعيشون في منأى وبعد عن حقيقة الخلطة السِّرية؛ حيث استهواهم الحديث عن ( قيادة المرأة للسيارة )، ونظروا إليها بقصور نظر، وقلة علم ،وغفلة عن الشبكة العنكبوتية ـ العلمانية ـ التي لا يقع في حبالها ـ غالباً ـ إلاَّ أضعف الحشرات نظراً، وأوهاها قوةً، حيث قاموا - للأسف - يتسابقون في كلِّ درب، ويتراهنون رجماً بالغيب؛ على قضية ( قيادة المرأة للسيارة ) بجميع طبقاتهم الفكرية، والثقافية، والذوقية !، فكأن هذه القضية أصبحت لديهم حقاً مشاعاً لكل من هبَّ ودبَّ، أو قضيةً تحكمها الأذواق، والأهواء، والعادات فحسب، وهو ما يسمونه ( استطلاع الرأي العام ) تغليفاً للباطل بأسماء، وعبارات مفخمة ـ ملغمة ـ يحسبها الظمآن ماءاً حتى إذا جاءها وجدها سراباً، وهذا ـ الاستطلاع العام ـ هو في الحقيقة ( ديمقراطيةٌ ) أي حكم الشعب بالشعب، لا شريعة الربِّ !، لذا ألبسوها لبوس الظآن، ومرَّروها على الصُّمِّ والعميان ! .
وصدق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حينما قال : " سيأتي على الناس سنواتٌ خدَّعاتٌ، يصدَّقُ فيها الكاذبُ، ويكذَّبُ فيها الصَّادقُ، ويؤتمنُ فيها الخائنُ، ويخوَّنُ فيها الأمينُ، وينطقُ فيها الرُّويبضةُ . قيل : وما الرُّويبضةُ ؟ قال : الرجلُ التَّافهُ يتكلَّمُ في أمور العامةِ " رواه أحمد، وابن ماجه، والحاكم () .
فإن تعجب فعجب لمن ذهب يُحَكِّم أذواقَه في قضايا الأمة الإسلامية مع فساد لسانه !! .
وقد أحسن أبو الطيب المتنبي في قوله :
ومَن يَكُ ذا فمٍّ مُرٍّ مَريضٍ يجد مُرَّاً به الماءَ الزُّلالا()
وحقيقة ما ذهبت إليه : أن هذه اللقاءات الساخنة؛ لم تزال تُطبَخْ عبر الحوارات الدائرة، والنقاشات الجارية بين الذواقين، والذواقات؛ فهذه امرأة مطلقة تعالج القضية وكأن العصمة بيدها، وهذه طالبةٌ ساذَجةٌ تتكلَّمُ فيها بعاطفتها، وهذا طبيب يعالجها بسماعته الطبية، وهذا شاعر يصفها بشعره الخاسر، وهذا فنَّان يغازلها بطربه الفاتر، وهذا مهندس يحلِّلُها في معمله المبتكر، وهذا مُفكِّر قد فكَّرَ وقدَّر دون مُعتبر، وهذا محرِّرٌ مجهول ذهب يفسِّر كيفما يقول، وهذا بقَّال باع واشترى القضية بريال، والكلُّ لم يبرح يتكلم بالقيل والقال..الخ ، وإلى الله المشتكى، وعليه التكلان .
ولو أننا أردنا هذه المسألة وأمثالها " ديمقراطية " _ عياذاً بالله _ فليكن استطلاع الرأي حينئذ على كافة أهل هذه البلاد العزيزة، ولو حصل ـ جدلاً ـ لتجاوزت الأرقام الحسابات، وعلت الأصوات كل مكان؛ حتى أنك لا تجد أهل بيت مَدَرٍ، ولا حَجَرٍ إلاَّ ونادى : بمنع وحرمة (قيادة المرأة للسيارة)، في هذه البلاد، في حين تَخفق أصوات الآخرين، وتتلاشى أرقامهم بين الملايين ... فلله الأمرُ من قَبلُ، ومن بَعدُ .
ونصيحتي إلى هؤلاء الذواقين بجميع طبقاتهم أن يحفظوا ألسنتهم، وأقلامهم من الخوض في مثل هذه النوازل العظام التي لو عرضت على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لجمع لها أهل بدر !!.
وأذكرهم ـ أيضاً ـ بقول الله تعالى : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) الأعراف 33، وقوله تعالى : (و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء 36 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوان الله لا يُلقي لها بلاً؛ يرفعُ الله بها درجاتٍ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ الله لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنَّم ) رواه البخاري .
* القول الوسط :
وهم أهل العلم؛ مصابيح الدُّجي، وأعلام الهدى، فكم من قتيل للهوى أَحْيَوه، وكم من ضالٍ هَدَوه، فهم أركان الأمة، وكراسي النظر والاجتهاد، وأهل البر والرشاد، فلا ينظرون في أي قضية إلاَّ بنور من الله، ولا يتكلمون فيها إلاَّ بآية ناطقة أو سنة محكمة، فحسبهم أن الله قد كتب لهم بين الناس القبول؛ على رغم أنوف الطباخين والذواقين وكل جاهل جهول، فعنهم الناس يُصدرون، ومنهم ينهلون، وإليهم ـ بعد الله ـ يفزعون … فلله الأمر من قبلُ ومن بعدُ !! .
* فليت شعري : هل يظن الطباخون : أنهم سيمرِّرون مخططاتهم، أو يغلِّفون مصطلحاتهم على جماعة المسلمين، وسواد بلاد الحرمين ـ أعزها الله ـ مع وجود أهل العلم الناصحين، وحماة العقيدة المدركين ؟!، فبينكم وما تشتهون بُعد المشرقين قال تعالى ( … وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) البقرة 11، وقال تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلاً عمَّا يعمل الظالمون إنَّما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتدُّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) إبراهيم 42-43.
* وهل يظن الذواقون ـ أيضاً ـ : أنهم بأمراض أذواقهم ، وسخافة أفكارهم، وضيق مداركهم، وسذاجة أنظارهم، وخفة عقولهم ـ أن يستأنس العقلاء بأراءهم، أو يتكأ الناس على أحكامهم، أو ينتظر أحد إلى سواد أقلامهم ؟!،هيهات هيهات!.
فإننا بقدر ما نعجب منهم؛ فإننا ـ في الوقت نفسه ـ نحزن عليهم، وندعوا لهم بالهداية، والسداد في القول والعمل، وأن يعودوا إلى رشدهم وعقولهم .
وبعد هذا نجد علمائنا الأجلاء ـ حفظهم الله ـ لم يدعوا مجالاً لأحد ـ كائناً من كان ـ أن يُحَكِّم ذوقه، أو يمرِّر مكره في قضية ( قيادة المرأة للسيارة )، لعلمهم أنَّ هذه القضية من القضايا الحاسمة المصيرية التي قد يترتب عليها مصير أمة لا سيما أهل هذه البلاد -شرفها الله - لذا قاموا بواجبهم الشرعي ـ مأجورين ـ تجاه هذه القضية بكل أمانة وعلم بياناً للحق، وكشفاً للباطل، ورداً لعادية المعتدين ـ الطباخين ـ، ومنعاً لأحكام الغافلين ـ الذواقين ـ، حيث أفتوا بالإجماع على حرمة ومنع ( قيادة المرأة للسيارة )، استناداً منهم - حفظهم الله - على الدليل والتعليل، وهذا الحكم منهم بعد النظر، والجمع بين فقه الواقع، والشرع .
وعلى رأس هؤلاء : الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ بكر أبو زيد، والشيخ عبد الله بن غديان وغيرهم كثير لا يسعهم هذا المقال، قال تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) الأنبياء ( 7 ) .
فأقول : هؤلاء هم أهل الذكر ـ والله حسيبهم ـ فكيف أيها المسلم، وأيتها المسلمة تذهبان بعد هذا إلى حكم الجاهلين، وتذران حكم العالمين، والله تعالى يقول : ( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) الأنعام (81 ) .
فقولا لي بربكما : بأيِّ حجة تلقيان الله تعالى يوم القيامة ؟، هل بسؤال الجاهلين الذين حرَّم الله عليكما سؤالهم، أم بسؤال العالمين الذين أمركما الله بسؤالهم ؟؟! .
وبعد هذا كان من العدل والإنصاف أن نذكر بعض الأدلة الشرعية، والقواعد الفقهية المانعة من ( قيادة المرأة للسيارة )، ونذكر ـ أيضاً ـ بعض الشُّبه التي يحوم حولها كثير من الطباخين، والذواقين كما ذكروها في غير موضع من مقالاتهم، ومن ثمَّ نقوم بكشفها، وبيان الحق فيها - إن شاء الله - ربطاً لجوانب الموضوع، واستكمالاً للفائدة، تحت عنوان (كشوف، وزيوف ) .


توقيع mk_smart


[IMG]http://latansallah.******.com/images/k19.gif[/IMG]