منتديات موقع بشارة خير - عرض مشاركة واحدة - التسمية الغربية للجنس العربي عدائية
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2010-11-05, 1:32 AM
imabel
عضو مشارك
رقم العضوية : 116300
تاريخ التسجيل : 12 - 5 - 2010
عدد المشاركات : 101

غير متواجد
 
افتراضي
التسمية الغربية العدائية:



صحيح أن الباحثين الغربيين، وتابعهم العالم، أطلقوا في البداية على هذه الموجات اسم “الشعوب السامية”، ولكن الدراسات المستفيضة للهجات هذه “الشعوب” وعقائدها كشفت عن وحدة لغوية وثقافية وجغرافية دعت الكثيرين إلى التخلي عن مصطلح الساميين بعد أن أصبح خالياً من المعنى، واقتراح أسماء أخرى مثل اسم “الشعوب الجزيرية” نسبة إلى الجزيرة العربية المهد أو اسم “العربية” نسبة إلى اللغة الواحدة والمهد وإن اختلفت اللهجات. وفي الخمسينات كشفت التنقيبات في سواحل الخليج العربي الشرقية عن مدن العصر المطير وأنماط العمارة والأسماء والمصنوعات ذات الصلة بالمراكز الحضارية الشمالية في وادي الرافدين سبقتها وتزامنت معها.



إذن يمكننا القول إن الإصرار على استخدام الاسم “فينيقي” و ”فينقيين” أي ذوي الجلد الأسمر يخلو من أي معنى ثقافي أو سلالي إلا في سياقين متصلين بطريقة أو بأخرى هما سياق الاستخدام اليوناني والروماني، وهو سياق دافعه العداء والتنافس كما لاحظنا، وسياق الاستخدام الغربي المعاصر الذي تبنى التسمية ذاتها مواصلة لتراث العداء للعربي وانسجاماً مع نزعة اعتبار التسمية فعلاً من أفعال الهيمنة على الآخر وفرض سلطة صاحب التسمية بغض النظر عن كونها دقيقة أو غير دقيقة.


يضاف إلى هذا أن أمثال هذه التسميات المصطنعة تحاول إفقاد العربي الراهن أي صلة بهذا الماضي الحضاري لأسلافه، وقطع الاستمرارية الحضارية بين شعب الأمس وشعب اليوم.



والملاحظ أنه رغم الدلائل المتكاثرة التي أصبحت من البديهيات لدى عدد كبير من علماء اللغات والآثار، فإن تفسير هذه الدلائل وإعطائها مصطلحاً مناسباً في اللغة العلمية ما زال يتعثر تعثراً غريباً وغير مفهوم، والجامع المشترك بين كل من يصرون على اعتناق معتقدات القرن التاسع عشر وتبجيلها وكأنها من المقدسات هو الهرب من تسمية “العربي” و ”العربية”.



ونذكر في هذا الصدد أن أي اكتشاف لوجود حضاري في المنطقة العربية، وبخاصة اكتشافات العصر المطير في الجزيرة العربية تتبعها تساؤلات غريبة عن المكان الذي جاء منه أصحاب هذه المكتشفات، وكأن كل ما له صلة بالتحضر لا بد أن يكون مجلوباً من أماكن أخرى، بينما يفرض المنطق البدء من فرضية أن هذه الآثار هي آثار أصحاب هذه الأرض وسكانها لا العكس.



استشراق في علم الآثار:



إن اللغة الواحدة والعقائد المتماثلة الأصول وطرز البناء، منذ البواكير المسماة “بواكير السامية” حتى العصر الراهن لتدل دلالة واضحة على وجود شعب تعددت أقطاره ولهجاته، ومع ذلك فإن ما يبذله عدد من علماء الآثار وشارحو دلالة مكتشفاتهم يكاد يكون عملاً معاكساً بل ومضللاً لأدلة هذه الآثار، وهي الظاهرة التي أطلقنا عليها منذ أوائل التسعينات اسم “الاستشراق في علم الآثار”. فهم يطلقون على القبائل تسمية “الشعوب”، وحين ترد في ألواح المسند تسمية “شعب” دلالة على وجود تنظيم حضري متميز عن التنظيم القبلي تترجم بكلمة “قبيلة”، ويطلقون على اللهجات تسمية “اللغات” رغم إدراكهم بأن اختلاف طريقة تصويت الكلمات بين عدة مناطق لا يعني وجود عدة “لغات”.



والغريب أن هؤلاء ما إن يعلموا باكتشاف مدينة أو قرية حتى يسارعوا إلى إعطائها اسم “حضارة” مستقلة، وهو ما لا يفعلونه في مناطق أخرى من العالم يحاولون فيها تجميع أدلة على وحدة حضارية قدر الإمكان بين مناطق متباعدة، وكأن الأرض العربية ذات الطبيعة المنبسطة في غالبيتها ليست سوى شظايا، في كل قطعة منها حضارة منفصلة عما يجاورها، وشعب منفصل لغة وثقافة ومساراً.



إن هذا السيناريو التاريخي الذي تعرض ويتعرض للتقطيع والتجزئة يحتاج تجميعاً وتركيباً وفق منهج مختلف عن مناهج الباحثين الغربيين، منهج يأخذ في اعتباره الانطلاق من المحيط الأوسع، أي من الافتراض المحقق تاريخياً بأن ثمة حاضنة جغرافية - اقتصادية - ثقافية لهذه “الحضارات”، حضارات المدن والقرى العربية، وثمة إطار واحد يجمعها منذ أقدم الأزمان. وإلى أن يثبت العكس، وهو ما لم يثبت حتى الآن، فلا بديل عن هذا النهج أمام الباحث.



حضارات تزدهر وتتصارع:



طوال القرون العشرة التي سبقت ميلاد السيد المسيح عليه السلام لم تهدأ أمواج البحر الأبيض المتوسط تحت وطأة السفن العابرة باتجاه الشرق تارة واتجاه الغرب تارة أخرى: سفن التجارة والدبلوماسية والحرب على حد سواء.



فالأساطيل تنهب المدن الساحلية وتشتبك في مياهها مع أساطيل أخرى، والوفود تتحرك بين هذه المملكة وتلك، والتجار يتنقلون بين الموانئ ويغامرون وصولاً إلى أبعد نقطة معروفة، والشعوب تهاجر من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى. وفي هذه القرون ازدهرت حضارة أتروريا وكنعان واليونان في حوض المتوسط، ودخلت في صراعات دامية للسيطرة على الموانئ والطرق البحرية، وفي أواخر هذه القرون جاءت “روما” لتضع بيدها الثقيلة النهاية المحزنة لهذه الحضارات بعد أن هضمت الأتروسك وأسقطت “قرطاجنة” العربية بعد صراع مرير استمر ما يقارب 120 عاماً، ثم هيمنت على العالم الهليني.


توقيع imabel

اللهم إني أسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل، و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل، و أسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خير...