عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 6  ]
قديم 2006-07-04, 10:19 PM
mk_smart
عضو مشارك
رقم العضوية : 14109
تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2006
عدد المشاركات : 123

غير متواجد
 
افتراضي
55- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ما يقول إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح ؟ .
فأجاب بقوله : هذا الكلام يحتمل معنيين : أحدهما : أن الروح جزء من الله . والثاني : أن الروح من الله خلقاً . وأظهرهما أن أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله – تعالى - : ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ( (1) وأضاف روح عيسى إليه فقال : ) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ( (2) وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله : ) وطهر بيتي للطائفين والقائمين ( (1) . وقوله : ) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ( (2) . وقوله عن رسوله صالح : ) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ( (3) ولكن المضاف إلى الله نوعان : أحدهما : ما يكون منفصلاً بائنا عنه ، قائما بنفسه أو قائما بغيره ، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكون ، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمه الله – تعالى - ، لعظم المضاف ، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله – تعالى - ، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن تتجزأ أو تتفرق ، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والقوة ، والسمع ، والبصر ، وغيرها . فإن هذه الصفات لا تباين موصو فها ، ومن هذا النوع إضافة ا لله – تعالى – روح آدم وعيسى إليه ، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه ، وإضافة الناقة إليه ، فروح آدم ، وعيسى قائمة بهما ، وليست من ذات الله – تعالى - ، ولا من صفاته قطعاً ، والبيت وما في السموات والأرض ، والناقة أعيان قائمة بنفسها ، وليس من ذات الله ولا من صفاته ، وإذا كان لا يمكن لاحد أن يقول : إن بيت الله ، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته ، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله – عزل وجل – وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله، يتوفاها الله حين موتها ، ويمسك التي قضي عليها الموت ، ويتبعها بصر الميت حين تقبض ، لكنها جسم من جنس آخر . النوع الثاني من المضاف إلى الله : ملا يكون منفصلا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية ، كوجهه ، ويده ، سمعه ، وبصره ، واستوائه على عرشه ، ونزوله إلى السماء الدنيا ، ونحو ذلك ، فإضافته إلى الله – تعالى – من باب إضافة الصفة إلى موصفها ، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه . وقول المتكلم (إن الروح من الله ) يحتمل معنى آخر غير ما قلنا : إنه الأظهر ، وهو أن البدن مادته معلومة ، وهي التراب ، أما الروح فمادتها غير معلومة ، وهذا المعنى صحيح . كما قال الله – تعالى - ) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( (1) . – وهذه والله أعلم – من الحكمة في إضافتها إ ليه إنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل ، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله – تبارك وتعالى - . فنسأل الله – تعالى - ، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا ، وفلاحنا في الدنيا والآخرة .

56- سئل فضيلة الشيخ : عن المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟ .
فأجاب قائلا : الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا أو معنى ، فالقران يسمى روحا قال الله – تعالى - : ) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( (1) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان ، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله – تعالى - ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ( (2) أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله – تعالى - : ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ( (1) . وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات ، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا ، بحسب السياق . وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق ، فالقرية مثلا تطلق أحيانا على نفس المساكن ، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه ففي قوله – تعالى – عن الملائمة الذين جاءوا إبراهيم ) قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية ( (2) المراد بالقرية هنا المساكن ، وفي قوله – تعالى - : ) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أم معذبوها عذاباً شديداً ( (1) المراد بها المساكن ، وفي قوله – تعالى : ) أو كالذي مر على قرية هي خاوية على عروشهـا ( (2) المراد بها المساكن ، وفي قوله : ) وأسأل القرية التي كنا فيها ( (3) المراد بها الساكن ، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه ، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز ، وأن جميع الكلمات التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان ، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران مجازا ، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ، ومن أبين ما يجعل هذا القول صوابا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال : فلان أسد ، صح له نفيه ، وهذا لا يمكن أن يكون في القران ، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئا مما ذكره الله – تعالى – في القران الكريم .

57- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى ؟ .
فأجاب بقوله : إطلاق السيد على غير الله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان المقصود به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به سيد ، أو نحو ذلك ، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به .

58- سئل فضيلة الشيخ : من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة ؟ .
فأجاب بقوله : لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله – عز وجل – فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم ، وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدا ، وقد يقال للزوج سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله – تعالى - : ) وألفيا سيدها لدا الباب ( (1) . فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد أن من كان من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أولاد فاطمة – رضي الله عنها – أي ذريتها من بنين وبنات ، وكذلك الشريف ، وربما يراد بالشريف من كان هاشميا وأيا كان الرجل أو المرأة سيدا أو شريفا فإنه لا يمتنع شرعا أن يتزوج من غير السيد والشريف ، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان ، وليس هاشميا ، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميا .


59- وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير – رضي الله عنه – قال ( انطلقت في وفد بين عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا أنت سيدنا فقال " السيد الله تبارك وتعالى " . وما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " . وحديث " أنا سيد ولد آدم " ؟ .
فأجاب قائلا : لا يرتاب عاقل أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك ، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله – وتعالى - : )من يطع الرسول فقد أطاع الله ( (1) ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم ، سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله – سبحانه وتعالى- وأنه المطاع فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع ، عليه الصلاة والسلام ، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ) وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الأفضل ألا نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، بها ، وإنما نصلى عليه بالصيغة التي علمنا إياها . وبهذه المناسبة أود أبنه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دينه الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم ، علينا . وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه ، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله : " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور ، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شئ محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم ، أو نوع من الخلائق دون نوع .

60- وسئل فضيلته عن هذه العبارة ( السيدة عائشة – رضي الله عنها - ) ؟ .
فأجاب قائلا : لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة ، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و( السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من أوضع النساء ، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا ، والحقيقة أن المرأة مرأة ، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة ، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة . كما أن التعبير بالسيدة عائشة ، والسيدة خديجة ، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة ، فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك .