احذروا الذهاب للسحرة لفك السحر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
ورد لي هذا السؤال:
أعاني من السحر، وحاولت العلاج بوصفتك المنشورة، ولم أستطع فقد عانيت منها معاناة شديدة، وأحيانا أنساها، فنصحني البعض بأن أذهب لساحر ليفك السحر، وأن هذا جائز للضرورة، فهل ما نصحني به صحيح؟
فأقول لهذا وغيره:
لا يجوز الذهاب للسحرة لأي سبب، سواء عن اقتناع أو غير اقتناع، وسواء ذهبت لهم مازحا أو هازلا، أو جادا مقتنعا، وهؤلاء السحرة لا يصدرون الخير، بل لا يصدر عنهم إلا الشر ولا يتعلمون إلا ما يضر، وأما النفع للآخرين فهم بعيدون عنه، والله سبحانه وتعالى يقول في شأن الملكين في سورة البقرة:
{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
فدلت هذه الآيات الكريمة على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه، كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعاً ولا ضراً وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدري؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر، ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين ولبسوا بها على ضعفاء العقول، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كما دلت الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأنه ليس لهم عند الله من خلاق، أي من حظ ونصيب، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، والشراء هنا بمعنى البيع نسأل الله العافية والسلامة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين.
فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه؛ كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به، فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادَّعوا علم الغيب.
وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) رواه البزار بإسناد جيد.
ووالله إن معاناتكم مع الدواء المباح وصعوبة تطبيق البرنامج العلاجي، خير لكم من معاناتكم مع الداء؛ وأقصد به السحر، فكثير ممن ذهب للسحرة لم يستطع أن يتخلص منهم، وساهمت خطوته هذه بجناية كبيرة على نفسه، فقد هدم وقضى على قوة التوكل على الله لديه، وأمسى لا يعتمد إلا على الساحر الفلاني أو العلاني، بل البعض بدأ يتعمق في السحرة أنفسهم، فصار خبيرا بهم، فتجد لديه أرقام هواتفهم، وإذا ما سألته عنهم تجده يجيببك بالتفصيل وأن الساحر فلان أفضل وأقوى من فلان، بل البعض لبس عليه، فتجده بكل سذاجة يقول لك، أعرف ساحرا لا يستخدم السحر إلا بما ينفع الناس، وليس عنده إلا جن مسلمين!!
ألهذا الحد وصل التزييف واللبس بهؤلاء، والملامة هنا تقع للأسف على من سمح لمثل هؤلاء بالذهاب للسحرة، أو أفتى لهم، فأنادي من هنا؛ أن ندع ما يريبنا إلا ما لا يريبنا، وأن نهرب بديننا، وأن نتوكل على الله، فمن توكل على الله كفاه.
وقد حذر سماحة المفتي العام للملكة العربية السعودية من يذهب للسحرة، أو من يفتي بجواز الذهاب لهم، فقال:
(( الذى نعتمد وندين الله به أن المسلم حرام عليه قصد السحرة وأنه لايجوز له إتيانهم ولاطلب الحل منهم، فهم أهل كذب وباطل وهم من قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } واستطرد قائلا : السحرة أعداء الله وأعداء الإنسان والدين والمال، وكذابون ودجالون يسلبون المال ولايحلون سحرا عن مسحور، إلا إذا قرب المسحور لهم شيئا من دون الله، فيأمرونه أن يذبح لغير الله وينذر لغير الله ويدعو غير الله.
وأضاف سماحه المفتي أن من تأمل النصوص علم الحق وقال إن من يلوى النصوص على مايهوى ويريد ويقول إن هذا مذهب العلماء والائمة وإلى آخره..... فهذه أكاذيب وباطل ...
التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور فهد بن سعود العصيمي ; 2006-06-29 الساعة 3:54 PM.
توقيع الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
|
|