=====================
* قال أبو الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي - رحمه الله - أيضاً في صيد الخاطر (ص/25) :
• تأملت التحاسد بين العلماء فرأيت منشأه من حُبِّ الدنيا ؛ فإنَّ علماء الآخرة يتوادُّون و يتحاسدون ؛ كما قال الله عزوجل : ( ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ) .
وقال تعالى : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للَّذين آمنوا ) .
- وقد كان أبو الدرداء يدعو كل ليلةٍ لجماعةٍ من أصحابه .
- وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي : أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر .
• والأمر الفارق بين الفئتين :
- أنَّ علماء الدنيا ينظرون إلى الرئاسة فيها ، ويُحبُّون كثرة الجمع والثناء .
- وعلماء الآخرة بمعزلٍ من إيثار ذلك ، وقد كانوا يتخوَّفونه ، ويرحمون من بُلِيَ به .
- وكان النخعي لا يستند إلى سارية !
- وقال علقمة : أكره ان توطأ عقبي !
- وكان بعضهم إذا جلس إليه أكثر من أربعةٍ قام عنهم !
- وكانوا يتدافعون الفتوى ، ويحبُّون الخمول .
- مثل القوم كمثل راكب البحر ، وقد خبَّ ؛ فعنده شغلٌ إلى أن يوقن بالنجاة .
- وإنما كان بعضهم يدعو لبعضٍ ، ويستفيد منه لأنهم ركبٌ تصاحبوا فتوادَّوا .
فالأيَّام والليالي مراحلهم إلى سفر الجنة. انتهى كلامه رحمه الله .
=====================
* قال الإمام الحُجَّة أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم رحمه الله بواسع رحماته ، في كتابه مداواة النفوس - الأخلاق والسير - ( ص/66) :
- من امتحن بالعجب فليفكِّر في عيوبه .
- فإن أعجب بفضائله فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة .
- فإن خفيت عليه عيوبه جملة ؛ حتى يظن أنه لا عيب فيه = فليعلم أن مصيبته إلى الأبد ، وأنه أتم الناس نقصاً ، وأعظمهم عيوبا ، وأضعفهم تمييزاً .
- وأول ذلك أنه ضعيف العقل جاهل ، ولا عيب أشد من هذين ! ؛ لأن العاقل هو من ميَّز عيوب نفسه ؛ فغالبها ، وسعى في قمعها .
- والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه ؛ إما لقلة علمه وتمييزه وضعف فكرته ، وإما لأنه يقدر أن عيوبه خصال ، وهذا أشد عيب في الأرض .
- وفي الناس كثير يفخرون بالزنا واللياطة والسرقة والظلم ؛ فيعجب بتأتي هذه النحوس له ، وبقوته على هذه المخازي .
- واعلم يقيناً أن لا يسلم إنسي من نقص ؛ حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم .
- فمن خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط ، وصار من السخف والضعة والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم ؛ بحيث لا يتخلف عنه متخلف من الأرذال ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة !.
- فليتدارك نفسه ؛ بالبحث عن عيوبه ، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها ، وعن عيوب غيره التي لا تضرَّه لا في الدنيا ولا في الآخرة .
- وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها ؛ فيجتنبها ، ويسعى في إزالة ما فيه منها ، بحول الله تعالى وقوته .
- وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير ، لا يسوغ أصلاً ، والواجب اجتنابه ؛ إلا في نصيحة من يتوقَّع عليه الأذى بمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت المعجب فقط في وجهه ، لا خلف ظهره ، ثم يقول للمعجب : ارجع إلى نفسك ، فإذا ميَّزْتَ عيوبها ، فقد داويت عجبك .
- ولا تمثل بين نفسك وبين من هو أكثر عيوباً منها ؛ فتستسهل الرذائل ، وتكون مقلداً لأهل الشر ، وقد ذُمَّ تقليد أهل الخير ؛ فكيف تقليد أهل الشر ؟!
- لكن مثل بين نفسك وبين من هو أفضل منك ؛ فحينئذ يتلف عجبك ، وتفيق من هذا الداء القبيح ، الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس !! وفيهم بلا شك من هو خير منك !! فإذا استخففت بهم بغير حق استخفوا بك بحق ! ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) .
- فتولد على نفسك أن تكون أهلاً للاستخفاف بك ، بل على الحقيقة مع مقت الله عز وجل ، وطمس ما فيك من فضيلة .
- واعلم أن كثيراً من أهل الحرص على العلم يجدون القراءة والإكباب على الدروس والطلب ، ثم لا يرزقون منه حظاً !؟!.
- فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه ، فصح أنه موهبة من الله تعالى ، فأي مكان للعجب ها هنا ؟!!.
- ما هذا إلا موضع تواضع ، وشكر لله تعالى ، واستزادة من نعمه واستعاذة من سلبها .
- ثم تفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع العلم ، ثم من أصناف علمك الذي تختص به ، فالذي أعجبت بنفاذك فيه أكثر مما تعلم من ذلك ، فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك ، واستقصاراً لها فهو أولى .
- وتفكَّر فيمن كان أعلم منك ؛ تجدهم كثيراً ، فلتهن نفسك عندك حينئذ .
- وتفكر في إخلالك بعلمك ، وأنك لا تعمل بما علمت منه ؛ فلعلمك عليك حجة حينئذ ، ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً .
- واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالا وأعذر فليسقط عجبك بالكلية .
- وإن أعجبت بجاهك في دنياك فتفكر في مخالفيك وأندادك ونظرائك ، ولعلهم أخساء وضعفاء سُقَّاط ؛ - فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه ، ولعلهم ممن يستحيا من التشبه بهم ؛ لفرط رذالتهم وخساستهم ، في أنفسهم وأخلاقهم ومنابتهم ؛ فاستهن بكل منزلة شاركك فيها من ذكرت لك .. .انتهى كلامه رحمه الله .
• شعرٌ : قال الأول :
إذا وُعِــظ الـسـفيه جـرى iiإلـيه وخالف ، والسفيه إلى خلاف !
• وقال الثاني :
لا تـفـكِّر فــي هـمـومٍ سـلفا وتـفـكَّر فـي ذنـوبٍ iiسـلفت
واترك الآمال واطلب توبةً أدرك الـنـفس وإلاَّ تـلفت ii!
• وقال آخر :
وواعــظٌ يـنـصح الـنـاس iiبـالتقى طبيبٌ يداوي الناس وهو عليلُ !
• قال بعض الناس :
عِشْ خامل الذكر بين الناس وارض به فـــذلـــك أســـلـــمُ لــلــدنـيـا iiولــلــديـنِ
مَــن عـاشـر الـنـتاس لــم تـسـلم ديـانته ولـــم يـــزل بــيـن تـحـريـكٍ iiوتـسـكينِ
الايميل