الموضوع: لنقـل شكراً
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2006-06-22, 1:04 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي لنقـل شكراً
لنقـل شكراً

منذ ما يزيد على العام قرأت بحثاً يتناول أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلق والاضطراب العصبي
خلال العشرين سنة الماضية ،

ويلخص كاتب البحث إلى أن السبب الرئيسي يعود إلى انعدام روح العاطفة بين الناس وداخل الأسرة .

فمثلاً الموظف يعمل من ( 8 – 10 ) ساعات متواصلة على مدى ( 5 – 6 ) أيام في الأسبوع ،
ويتعرض خلال فترات العمل لمشاكل وصعوبات ، فيجتهد في حلها وتخطيها ،
ويبذل الجهد في عمله كي يؤديه على أفضل صورة ثم هو لا يسمع كلمة شكر أو تقدير من رئيسه ،
ويعود إلى المنزل فتواجهه مشاكل أخرى ومتطلبات جديدة يجتهد فيها ، ومن جديد لا يجد التقدير .

ومثله تلك الزوجة التي تقضي صباحها في العمل أو في إعداد الطعام وتجهيز المنزل ،
وتخصص وقت ما بعد العصر لاستذكار دروس الأطفال ،
وتنتقل بعد ذلك لإعداد العشاء ثم مهمة تهيئة الأطفال للنوم ثم تدخل هي سريرها مرهقة منهكة ولا تجد
بعد ذلك كلمة شكر .

يؤكد الباحث د. فريمان ( Dr. Freemen ) من جامعة أدنبرة
أن فقدان كلمة (شكراً) وغياب اللمسة الرقيقة وانعدام الكلمة الحانية تعد من الأسباب الرئيسية
لارتفاع نسبة أمراض التوتر في السنوات الأخيرة

فالعصر الحديث يتميز بماديته المفرطة حتى في علاقاتنا الزوجية ، وهذه الحياة المادية مرهقة لنسياتنا
مما يجعل فرصة الإصابة بهذه الأمراض أكبر من أي وقت مضى .

كانت هذه هي خلاصة البحث الذي قرأته منذ عام تقريباً وهذه هي تحليلاته ،
لكنه بالنسبة لي كان مجرد بحث قرأته وانتهى الأمر ، حتى أسبوع مضى من إعدادي لهذا المقال ،
فما الذي حدث ؟!
التقيت بامرأة أعرفها لكنها لم تكن تلك المرأة التي عهدتها ، فعصبيتها الزائدة وشكواها من الأرق المستمر
الذي أصبح يهدد صحتها ، والانخفاض الحاد في وزنها ،
كل تلك كانت دلائل على وجود شيء ما غير صحيح في حياتها ، عندها ..
وعندها فقط تذكرت ذلك البحث ووجدت في الأمر فرصة جيدة ومواتية لتجربة نتائج هذا البحث وتحليلاته
.

ناديت الزوج وطلبت منه أن أتحدث معه على انفراد ، وقلت له إن شكوى زوجته من الأرق بجانب المظاهر
الآخرى التي لاحظتها كلها دلائل على أنها تشتكي أعراض
مرض ( القلق النفسي ) ( anxiety disorder )
وأنا شخصياً أفضل مبدئياً أن نبتعد عن الأدوية المهدئة ،
وأن نحاول التماس طرق أخرى وذلك بعد تأكدي أنها عرضت نفسها على طبيب أمراض باطنية
للتأكد من خلوها من أي أمراض عضوية .

* فتساءل الزوج مسرعاً :
أي طرق تقصد ؟! أنا على استعداد لأن أفعل أي شيء بشرط أن تعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه ،
من رقة ووداعة وابتسامة جميلة .

* لا تخف ستعود إن شاء الله لكن عليك أن تسمع جيداً ما سأقوله لك .
* تفضل كلي آذان صاغية .

* أعتقد أن حل مشكلة زوجتك يكمن في بعض الكلمات .
* دكتور: أنا لست مستعداً لسماع تخريفات الطب النفسي وتعليقاته الجديدة .

* لا بأس : سمّها كما شئت ولكن لن يضيرك شيء إن جربتها ، خصوصاً إذا افترضنا أنه قد يكون في هذه التخاريف شفاء لزوجتك بإذن الله .
* حسناً ماذا عندك ، أسمعني ..

* أرجو منك إذا دخلت إلى منزلك أن تستقبل زوجتك بابتسامة جميلة ، وأكثر من كلمة
( يعطيك العافية ) و ( ما قصرت ) و ( جزاك الله خيراً )
وما أشبه ذلك من الكلمات الجميلة ..
وأثن على حسن ترتيب المنزل وجودة الطعام ، وأظهر لها تقديرك لمجهودها مع الأطفال ،
وما إلى ذلك من الأمور .

نَظر إلىّ نظرة ملؤها الاستخفاف بما قلت لكن يبدو أن العلاقة التي بيننا منعته من التصريح بما يخفي ،
وقبل أن نفترق ، قلت له : لا تنس الموعد ..

فنظر إلىّ باسماً من جديد وقال بنبرة جادة : سأحاول ما استطعت .

في اليوم الرابع رن جرس الهاتف في العاشرة ليلاً وقال لي وصوته يحمل نبرة فرحة ،
صدّق ما قلتَ أيها الطبيب النفسي ويبدو أن تخريفاتكم تنجح أحياناً فضحكت أنا الآخر وقلت له ،
إنه فضل الله ، ولكن طمئني هل فعلاً انتهى كل شيء .

- قال : كل شيء .. وها هي على الهاتف ، اسمع منها بنفسك ،
فجاءني صوتها في سماعة الهاتف وفيه شيء من الحياء ..
نعم يا دكتور كل شيء على ما يرام ، لا عصبية ولا أرق وأخشى إن بقيت على رغبتي في التهام الطعام ،
أن يتضاعف وزني .

فجاء صوت الزوج من بعيد عبر الهاتف سأخفف جرعة الكلمات حتى لا يزيد وزنك فتعالي ، ضحكنا .

وهكذا انتهت مشكلة كبيرة بمجموعة من الكلمات الرقيقة وصدق الدكتور ( فريمان )
في بحثه الفريد الغريب .

وهذه دعوة للجميع أزواجاً وزوجات أباء وأمهات ، موظفين وموظفات ، رؤساء ومرؤوسين إلى أن نقول
( شكراً ) .
ولكم : الشكر وألف شكر ...
الفرحة
العدد (8) مايو 1997 ـ ص : 46