عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 8  ]
قديم 2006-06-17, 5:47 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
وفي ذلك اليوم ..
كان طلاب فصلنا كعادتهم في نشاطهم وحماسهم ..
لكن ..
كان في آخر الفصل سكون غير معتاد ..
كان أحمد ساكنا هادئا .. قد أسند رأسه إلى يده اليسرى واضعا يده على الطاولة .. مطيلا النظر في جدار الفصل ..
تشعر من نظرة إليه أنه مهموم .. أو أنه قد أصيب بموقف غير معتاد ..
تفكير بعيد .. وسرحان .. وغياب تام عن ما يحدث داخل الفصل ..

كان منظر أحمد مثيرا لزملائه .. تسمع همسات هنا وهناك ( أحمد .. وش فيه اليوم؟؟)) ..

هدوء ..
لكنه .. كان هدوءا .. يسبق العاصفة ..

-----------------------

بعد صلاة الظهر ..
كان المصلى المدرسي قد امتلأ بالطلاب ..
لم يكد الإمام يسلم .. حتى قام أحمد أمام الطلاب ..
بدأ أحمد في كلمة رنانة هزت أرجاء ذلك المصلى الصغير ..
ربما لا أذكر شيئا مما قاله أحمد في كلمته .. لكنه كان موقفا عجيبا ..!!
وتستوحي ذلك من همسات الطلاب فيما بينهم ..

أحمد .. يتوب ؟؟
أحمد .. يتغير ؟؟
سبحان الله ..
سبحان من يُغـيّر ولا يتغير ..
سبحان من يحيي العظام وهي رميم ..
سبحان الله ..

--------------------

وبعد انتهاء الكلمة ..
وفي فصلنا ..
كان أحمد يعيش نوعا من المتناقضات ..
فواحد يشكره .. ويمدحه ..
وآخر يضحك عليه ساخرا ..
وثالث .. يسأله متعجبا ..
ورابع .. ساكت مشدوه ..

--------------------

كانت قصة أحمد بعدها .. الحديث السائد في غرفة المدرسين ..
عبرة وعظة ..
وتساؤل وتعجب ..
ونقد وتحليل ..

وفي خضم تلك النقاشات ..
كان الأستاذ محمد .. المشرف على جماعة التوعية الإسلامية شاردا بذهنه يفكر ..
لحظات .. ثم كانت المجازفة ..

لقد قرر الأستاذ محمد أن يقدم مجازفة .. وخطوة غير مسبوقة .. لكن .. في سبيل الدعوة إلى الله ..
نعم .. في سبيل الدعوة إلى الله ..
لكنها مجازفة واضحة النتائج ..
..
..
وانظم أحمد إلى جماعة التوعية الإسلامية ..

---------------------

كان أحمد شخصية قيادية ..
وداعية فذا ..
وناصحا وموجها ..
كما كان ذا قدر عال من اللطافة والظرافة ..
مما جعل أ. محمد يزداد إعجابا بـأحمد ..

-------------------

انتهى ذلك العام ..
وانتقلنا إلى الصف الثاني المتوسط ..
وانتقل جميع طلاب فصلنا إلى الفصل الجديد ..
سلام حار .. ولقاء من جديد .. وسعادة كبيرة بأول الأيام الدراسية في العام الجديد ..

أما أحمد .. فكان شيئا آخر ..
لقد حل أحمد عقدة لازمته .. عقدة الصف الأول متوسط .. وانتقل مع زملائه إلى فصلهم الجديد ..
لكن .. كان له مع تلك السنة حوادث جديدة ..

--------------------

ها هو أحمد .. يجلس كعادته في آخر الصف ..
كان قد وضع شماغه على طاولة الفصل ..
فلقد أصبح ذلك اللباس عدوه اللدود ..

عذرا .. فلم أخبركم بالأمر ..
لقد تغير أحمد ..
انقلب فجأة ..
عاد لحياته السابقة ..
وربما أسوأ ..
وعاد للتدخين من جديد ..
لكن .. تغير فيه شيء وحيد عن حاله الأولى ..
لقد أصبح أحمد يشجع الفريق المنافس لفريقه السابق ..
عذرا .. أعلم أن مقامكم أعلى من تلك الترهات ..
لكنها العقول الضيقة ..
تلك التي تتعصب لفريق .. وتجعل الحياة كلها حوله ..
يتابع مجريات السير فيه بشغف وحماس ..
يصاحب لأجله .. ويخاصم لأجله ..
يوادد لحبه .. ويعادي لحبه ..
ما أتفهها من عقول .. تلك التي جعلت التشجيع ملؤها وحياتها ..
ترى .. وتقرأ .. وتسمع .. فيردد لسانك : (( الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به .. وفضلنا على كثر ممن خلق تفضيلا )) ..

--------------------