عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-06-17, 5:43 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
---------------

أذكر أن أحد الشباب كان يضربه دائما على رقبته ..
وعندما يلتفت . يقول له : ( يا اخي .. رقبتك تشهي للضرب ) .. فيبتسم خالد .. ..
وبعد ذلك يضربه .. فيلتفت خالد .. ، ويقول : ( تشهي .. هاه .. ) .. فلا يمتلك صاحبنا إلا أن يضحك ..

---------------

كان خالد .. مضربا للمثل في حرصه وحماسه ..
فكان لا يغيب أبدا عن الحلقة ..
بل ربما مشى أكثر من كيلين حين لا يجد من يحضره ..!

---------------

لا زلت أذكر حين أرجعته مرة إلى بيتهم .. فطلب مني أن أنزله في المكتبة الموجودة في الحي المجاور .. ليعود بعدها على قدميه إلى بيته في طريق مسافته أكثر من كيل ..
همة وقادة .. وعزم نادر ..

----------------

كان خالد .. مضرب المثل في سلامة الصدر ..
فلم يكن يحمل في قلبه غلا على أحد ..
صفة نادرة .. جعلته مضرب المثل ..

-----------------

وفي الصف الثاني ثانوي ..
اختار خالد .. القسم الشرعي ..
فهو يرى نفسه متحمسا لذلك القسم .. ومبدعا في مجاله ..
ولم يكن في تلك المدرسة إلا فصلا واحدا للقسم الشرعي ..
فكان صاحبنا أحد طلابه ..

-----------------

وكان لخالد .. جولات مع القرآن ..
فكان يحب الاستماع لأشرطة الشيخ د.خالد الماجد ....
وأذكر أنه مرة كان معي في السيارة فأخرج شريطا أصفر .. وقال لي : ضعه في المسجل ..
وضعته ..
لنسمع ذلك الصوت العذب ..
إنه الصوت المحبوب لخالد .. ..
صوت القارئ خالد الماجد ....

------------------

في رمضان ..
كان لخالد .. أيام وأيام ..
فهاهو ذا يقبل والابتسامة المعتادة بادية على محياه ..
ليقول : صلينا اليوم عند قارئ في شمال الرياض تشبه قراءته قراءة ياسر الدوسري ..وكان القارئ ياسر الدوسري آنذاك في جنوب الرياض ..
وبعد أيام .. صليت مع ذلك القارئ .. لأستمع لذلك الصوت الجذاب ..
يا لله .. ما أعذبه وأجمله ..

------------------

وهكذا ..
استمرت الأيام ..
واستمر خالد .. في عطائه وتميزه ..
فهو ملح الجلسات .. ونكهة اللقاءات ..

-----------------

وفي شهر ذي الحجة من ذلك العام ..
وعند انتهاء الاختبارات ..
قررنا أن نخرج إلى استراحة مع مجموعة من الأحبة ..
لنفرغ الشحنات .. ونريح النفس .. بعد عناء تلك الأيام ..
كانت الجلسة المغربية - كعادتها - لا تخلو من طرف وبسمات .. رغم طبيعتها الجادة ..
وفي أثناء تلك الجلسة .. تلقى المشرف اتصالا ليستأذن ويخرج خارج الخيمة ..
لم نأبه كثيرا. . فما أكثر الاتصالات ..
لكن .. كان التاريخ قد سطر لذلك الاتصال ذكرى خالدة ..

-----------------

دخل المشرف ..
أنهى الجلسة ..
ثم صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ..
ثم سكت ..

يا الله .. ماهذا السكوت .. يا رب سترك ..

أكمل المشرف حديثه .. ثم قال : أحسن الله عزاءكم ..
ثم سكت ..

أحسن الله عزاءكم .. في خالد .. ..
أصيب اليوم بحادث .. انقلبت سيارته عدة مرات .. ثم ارتطمت بالأشجار .. وتوفي مباشرة ..

-----------------

يا الله .. أصحيح ما قال ؟؟
خالد .. .. صاحبنا .. رحل عن الدنيا ..

كانت صلاة العشاء من ذلك اليوم مشهودة ..
فما من جالس إلا وقد رفع يده ليدعو لخالد .. ..
اللهم اغفر له .. اللهم ارحمه ..
رحمك الله يا خالد .. ..

-------------------

مر شريط الذكريات على ذهني مثل سنا البرق ..
لا زلت أذكر آخر لقاء ..
حينما حضر خالد .. لتناول العشاء معنا ..
كان لقاؤه مفاجأة لنا .. بعد انقطاعه فترة عنا ..
لا زال يحمل تلك النفس المنشرحة .. والبسمة البراقة ..
عناق حار .. ولقاء عجيب ..
ولم نكن نعلم أنه آخر لقاء بخالد .. ..

رحمك الله يا خالد .. ..

--------------------

بقلبي ركن للفقيد معطل*** عظيم ولكن هل طبيب يعلل
وجرح تعدى كل جرح كأنه *** مسيل لواد من دماء ومهطل
وعين أسألت من دموع كأنها *** سحاب ركام بالمياه معطل
لقد راح ذاك القلب وقت لقائنا *** فهل يا ترى يلفى الحبيب المجندل

---------------------

لا زلت أذكر .. حين ذهبنا للمقبرة ..
كان منظر قبره مؤثرا .. مبكيا ..
لم يتمالك الكثير أدمعهم ..

يا لنفوسنا المقصرة .. أين أنت ..؟؟

-----------------

أيا مغسل الصحب الذي فيه أشرقت *** وجوه من النور كبدر يهلل
ويا جامع الموتى لقد فيك ودعوا *** حبيبا بتكبير رباع وأرملوا
وفي مدفن الموتى نسيم قد انقضت *** حياة وقد كانت حياة تبدل

----------------

كان منظر أبيه وهو يقف شامخا في العزاء منظرا عجيبا ..
ما أعظم صبره على فراق ابنه ..
كان درسا .. بل دروسا لن ينساها الزمن ..