العبادات مولدات طاقة ..
- - - - - - - - - - -
المتأمل في النصوص يجد أن العبادة تشغل أكبر حيز من يوم الإنسان وليله .
كلا ، بل إنها تشغل وقته كلها ، منذ أن يفتح عينيه ، مع غبش الفجر وهو يستيقظ
لصلاة الصبح إلى أن يغمضهما حين يأوي إلى منامه ….!
تذكر على سبيل المثال ، أن عبادة الذكر والفكر ، في صحبة الإنسان بلا توقف !
إن المرء ليستمد من العبادة طاقة روحية عجيبة ، يواجه بها الحياة وأحداثها وهمومها ..
ثم إن التدين أمر فطري في ذات الإنسان ، لا تزال فطرة هذا المخلوق متشوقة
أن تكون في خدمة مولاها وسيدها وخالقها ،
فإن لم يغذِ هذا الجانب بطريقة صحيحة ، بحيث يتجه إلى الله رب العالمين ،
فإنه لابد أن يتجه إلى أرباب آخرون كثر ، يتعبد لهم من دون الله سبحانه ..!
ومن ثم فإن وظيفة العبادات بأنواعها:
أن تملأ نفس الإنسان بالسكينة والطمأنينة والهدوء ، وراحة البال والرضا عن الله ، وانشراح الصدر ..
فيثمر له ذلك سعادة قلبية غامرة ، سواء تبسمت له الدنيا في وجهه ،
أو كشرت له وعبست ، أمطرت سماؤه أو أمسكت ..!
ذلك لأن غناه في قلبه لا يفارقه ، لأنه يعيش مع ربه جل في علاه ..
وخذ مثلا سريعا :
إن روح الصلاة ولبها وسرها : أنها مناجاة قلب لرب ، فلا يزال هذا القلب
منكسراً بين يدي ربه يناجيه ، ويتضرع إليه ، ويزداد تعرف عليه ، وقربا منه
.. ولا يزال ربه يرقيه طوراً بعد طور ، حتى يتوهج قلبه بالنور شيئا فشيئا ..
فإذا هو متصل القلب بالسماء ، مشدوداً إلى المعالي، فكأنما انبتت علاقاته بالأرض
، فغدا فوقها يشرف عليها من عل عالٍ !!
والخلاصة في كلمات :
إن العبادة الصحيحة تخلصك من مشاعر القلق ، وتطرد عن أجواء قلبك الأكدار والضيق ….
وتضفي على روحك نسائم السكينة والشعور بالرضا ..
بشرط واحد يسير _ على من يسره الله عليه _
أن تجمع قلبك خلال تلك العبادة ، وأن تخلص وجهتك لربك ، لا تريد بها غيره ،
وأن تحسن متابعة حبيبك صلى الله عليه وسلم فيها ..
وعلى هذا نوصيك _ ونوصي أنفسنا أيضاً _ :
كلما قمت إلى طاعة ، فرّح قلبك ..! وابتهج لها وبها ..!
وثق : أن السعادة ليست في المأكل والمشرب وقضاء الشهوة ..!
فإن هذه الأمور يشاركك فيها الحيوان البهيم الأعجم ، وكثير منها يفوقك فيها ،
فأنت دونه في تحصيلها.. !!
إنما السعادة الحقة أن يتذوق قلبك محبة الله سبحانه ، وتتذوق لذة خدمته ..
ويبتهج قلبك وأنت مشدود إليها ، تنافس فيها ، وتحرص عليها ..
والذين ذاقوا طيبات هذا الطريق يحدثونك بأكثر مما قلنا ..!
ابو عبد الرحمن