مشهدٌ ينبغي أن لا يغيب ..
تأمل المشهد التالي ، وتابع اللقطات كأنك تراه الساعة، ثم قلب كفيك كما تشاء .!
نطفة مهينة ، تُقذف في مكان معين ، تحيط بها ظلمات متراكبة شديدة ،
وفي تلك الظلمات يتولاها الله سبحانه برعايته وعنايته ، خطوة خطوة ،
ويشكلها شيئا فشيئا ، حتى تكون في صورتها التي أرادها لها ، جنيناً مكتملاً
أو فيه نقص، بلون معين ، وطول محدد ، وسمات خاصة .. الخ
ويظل الله سبحانه يحفظ هذا الجنين ويرعاه ، ويتولى الاهتمام به ، بلطفه ،
ويعطف عليه قلب أمه ، حتى إذا خرج إلى دنيا الناس ، لم يهمله قط ،
بل تظل رعايته له ، واهتمامه به ، وعنايته له ، ولطفه به ، وإحسانه إليه ،
ويزيد عطف أمه وأبيه عليه ، وحنوهما عليه ، ليتوليا رعايته والاهتمام به ،
بكل لطف وحب وشفقة ..
ولا يزالا يدللانه ويتلطفان به ، ويقلبانه في رعايتهما في حنو ،
وترمقه العيون بالحب ، وترعاه القلوب بالشفقة ، وتتوالى صور الإحسان إليه ،
وهو يشتد يوماً في إثر يوم ، وينطلق لسانه ،
حتى إذا قوي عوده ، واشتد ساعده ، وحملتاه رجلاه واعتمد على نفسه ،
رفع صوته على أبويه ،وتهجم على أمه ، وأدار ظهره لأبيه ، واستخف بهما ،
ولم يكترث لهما ولا فيهما ، وقد يمد يده إليهما بسوء ،
بعد أن طال لسانه عليهما بسوء !!
نسي هذا " المخلوق " أنه إنما كان نطفة في تلك الظلمات ،
وضعها أبوه هناك ، فصارت نطفة الأمس القذرة المهينة ، مخلوقا له خوار ،
وتكاد تظهر له قرون !!
تعس عبد الهوى ، تعس وانتكس .. وإذا شيك فلا انتقش ..!
لو بقيَ هذا المشهد ماثلاً في عقولِ الناس لا يغيبُ :ما رأينا ولداً يعق أباه ،
ولا بنتاً تسبُ أمها وتستخفُ بها ..!!
بل لرأينا حباً لله سبحانه يشغفُ القلوبَ ، ويذيبها حياءً منه سبحانه ..!
ولكن ……!!
أدع إكمال الجملة لك ، فلقد شرق قلمي بريقه ..!
ابو عبد الرحمن