عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2010-09-30, 1:35 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي

الوسيلة الثانية: الملائكة
﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].
﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29].
﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].
أيْ: ما يُسرُّونه في أنفسهم ويتناجَوْن به بينهم، ﴿ بلى ﴾ نَسْمع ونعلم، ﴿ ورسُلنا لديهم يكتبون ﴾؛ أي: الحفَظَة عندهم يكتبون عليهم، ورُوي أنَّ هذه الآية نزلت في ثلاثة نفَر، كانوا بين الكعبة وأستارها، فقال أحدهم: أتَرَون أنَّ الله يَسمع كلامنا؟ وقال الثاني: إذا جهَرتُم سَمِع، وإذا أسررتم لم يَسمع، وقال الثالث: إن كان يَسمع إذا أعلنتم، فهو يسمع إذا أسرَرْتم؛ قاله محمَّد بن كعب القُرَظي، وقد مضى هذا المعنى عن ابن مسعود في سورة فُصِّلت؛ "تفسير القرطبي".

فاعمل حسابًا لمن لا يُفارقونك ليلاً ولا نهارًا، ويُحْصون عليك الصغير والكبير، والفتيل والقِطْمير، ويَعُدُّون عليك أنفاسك، ويسجِّلون همساتك ولمساتك، وسَكناتك وحرَكاتك.

الوسيلة الثالثة: الضمير (النفس اللَّوامة)
عن نوَّاس بن سمْعان، قال: أقمْتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة سنةً، ما يمْنعني من الهجْرة إلاَّ المسْألةُ، كان أحَدُنا إذا هاجر لَمْ يسْألْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء، قال: فسألْتُه عن البِرِّ والإثْم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البِرُّ حُسْن الخُلُق، والإثْم ما حاك في نَفْسك وكَرِهْت أنْ يطَّلِع عليْه الناسُ))؛ مسلم، الترمذي، أحمد، الدَّارمي.

النفس السَّويَّة بطبيعتها جبَلَها الله - تعالى - على الفطرة التي فطر الناس عليها، التي تطمئنُّ للخير والمعروف، وتضطرب للشَّر والمنكَر والسُّوء، فتُسَرُّ لما يُرضي الله، وتَحزن وتضيق لما يُغضب الله، رزَقَنا الله وإيَّاكم نفْسًا مطمئنَّة بِطاعته.

الوسيلة الرابعة: أعضاؤك
﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].
﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[النور: 24].
﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [فصلت: 21 - 23].

فالشهود عليك من نفْسِك يوم تتكلَّم من الأعضاء، ويخرس منك اللِّسان، أعضاؤك تُسجِّل عليك ما تقترفه من الذُّنوب والمعاصي؛ اليد تسجِّل السَّرقات، والعين تسجِّل النَّظرات، والرِّجْل تسجِّل الحركات والسَّكنات، والبطن تصوِّر أكل الحرام، والفَرْج يسجِّل الفاحشة، والعياذ بالله!

كل الناس تتجَمَّل، وما يَظهر للناس القليل؛ فجبَل الجليد، الظَّاهر منه فوق الأرض عِشْرون بالمائة، وتحت الأرض ثمانون بالمائة، والناس كلُّها تحرص أن تركِّز على نسبة الـعشرين التي هي الظَّاهر، ولكن نحن نريد أن نعمل على تجميل الدَّاخل، ولن يتحقَّق ذلك إلاَّ مع اسم الله "الرقيب".
هل أنا سواء ما اختفى وما علن؟ ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14].

ولكن هذه الرقابة أيضًا فيها نقطة جميلة أخرى، أنت مع الناس تحاول أن تَشرح لهم قصْدَك أو نَيَّتك، إن كان لك عندهم حاجة، لكن مع الرَّقيب الذي يعرف عنك كلَّ شيء، لا تحتاج إلى شَرْح أو تفصيل، لكن مع الله الرَّقيب يجعلك في غِنًى عن الشَّرح؛ فهو يعرف سِرَّك وحالك، وأنت أحيانًا يُمكِن أن تَبْكي أثناء دعائك، فيستجيب الله لك بدمعة ذَرفْتَها دون أن تطلب منه مسألتك، فهو معك ومُطَّلِع عليك، هذه رقابة جميلة، تجعلك سعيدًا، وتحميك يوم القيامة، وتنجيك: الله مُراقبِي، الله ناظِرٌ إليَّ، الله شهيدٌ عليَّ.

فلو عِشْنا مع اسم "الرقيب" سيَصلح داخلنا ويكون مثل ظاهِرِنا، فأنا إن أخطأتُ أعلم بأنَّ الله يراني، وإن فعلْتُ حسنة سأفرح؛ لأنَّه أيضًا يراني.

كيف حال بلادنا إذا عاشت بهذا الاسم؛ اسم الله الرقيب؟
البِلاد تَلْجأ إلى القوانين من أجْل مراقبة الناس، وتصحِّح من أفعالهم وحركاتهم، ولكن لو استطَعْنا أن نجعل الوازع الدَّاخلي يَعْلو عند الناس باسْم الله الرَّقيب، فسيتغيَّر الأمر، هل تتخيَّل كَمْ سنوفِّر من المال؟

المدارس وما يحدث فيها، العلاقات الاجتماعيَّة، المشاكل الزَّوجية، فلو أنَّ كلَّ هؤلاء اختاروا العيش باسْم الله الرقيب، ماذا سيحدث للمجتمع؟

أنا أرجو من كلِّ مُسْلم أن يجلس مع نفْسِه وأن يتوجَّه إلى الله، ويقول: يا رب، يا رقيبِي، سأعيش معك يا رقيبُ في كلِّ لمحة، سأركِّز في كلِّ خطوة وكل ثانية، فهل نتواعد على ذلك، ونستطيع أن ننفِّذ هذا، ونرى كيف ستكون النتيجة؟

هل نستطيع أن نعيش مع الرَّقيب هكذا؟ هل تستطيع أن تراجع نفسك، وتَرى أين هي نقاط الضَّعف؟
هل تستطيع أن تعود نظيفًا؛ داخلك وخارجك نفسُ الشيء؟

أسأل الله أن يُعيننا، وأن نتعلَّم من هذه القَصص: الله مُراقبي، الله ناظرٌ إليَّ، الله شهيدٌ عليَّ.

وفي النهاية:
كن سواءً؛ ما أخفيتَ وما أعلنت.
عِشْ بـ: الله ناظر إليَّ، الله مطَّلع عليَّ، الله شاهدي.
وفي النهاية أرجو من الله القبول، وممن يَقرأ هذه الكلمات الدُّعاء بِظَهر الغيب


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟