الترتيل
الكاتب فريق حامل المسك
الترتيل: يعني الترسل والتمهُّل والتأني حين القراءة .. والبعض يطلق الترتيل على تزيين الصوت بالقراءة وتحسينها وهذا يُعرَّف بالتغني ..
وقد وردت أدلة من القرآن والسُّنَّة تدل على مشروعية الترتيل ..
قال الله تعالى {.. وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، قال ابن كثير: أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبره. [تفسير ابن كثير: 1453]
وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه .. قالت عائشة : " كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا" [صحيح مسلم] .. وعن أم سلمة أنها سُئِلَت عن قراءة رسول الله ، فقالت: كان يقطع قراءته آية آية { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
وقال الحسن البصري: "يا ابن آدم، كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر السورة؟!" [مختصر قيام الليل المروزي: 150]
وقد أنكر ابن مسعود على رجلٍ سرعته في القراءة .. حين قَالَ لهُ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ "هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ! إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ .." [صحيح مسلم]
وصفة قراءة القرآن التي نقلت إلينا عن النبي وصحابته رضي الله عنهم تدل على أهمية الترسُّل، ومن ينظر إلى أي كتاب في التجويد يدرك هذه الحقيقة بجلاء ووضوح، وإنه لفرقٌ كبير في التمهل والتأني بين من يطبق أحكام التجويد ومن لا يطبقها بل يهذُّ القراءة هذًّا .
مقياس الترتيل
إن من أسرع في القراءة، فقد اقتصر على مقصد واحد من مقاصد قراءة القرآن وهو: ثواب القراءة .. ومن رتَّل وتأمَّل، فقد حقق المقاصد كلها وكَمُل انتفاعه بالقرآن، واتبع هدي النبي وصحابته الكرام رضي الله عنهم.
سُئِلَ زيد بن ثابت رضي الله عنه: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟، قال: حسن، ولأن أقرأه في نصف شهر أو عشرين أحبُّ إليَّ، وسلني لم ذلك؟، قال: فإني أسألك، قال: "لكي أتدبره وأقف عليه" [الموطأ (1:201)]
قال ابن حجر: "إن من رتَّل وتأمَّل كمن تصدَّق بجوهرة واحدة ثمينة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات وقد يكون العكس" [فتح الباري (3:89)]
مما سبق يمكننا وضع مقياس وضابط لمفتاح الترتيل، وهو:
إمكان التفكُّر والتأمل حين القراءة، وهذا يتطلب الأناة والتمهل بل أحيانًا التوقف.
في كم دقيقة تقرأ الوجه لتكون التزمت بمفتاح الترتيل؟
الجواب: أن هذا يتفاوت كثيرًا من قاريء إلى آخر ومن حالة إلى أخرى .. وإن كان ولا بد من تحديد تقريبي لذلك فإنه يكون من دقيقتين إلى خمس دقائق للوجه.
فإذا أخذنا بالحد الأدنى فإن قراءة القرآن كاملاً خارج الصلاة يحتاج إلى:
1200 دقيقة = عشرين ساعة ..
فمن أراد أن يختم القرآن في شهر، فعليه أن يخصص لقراءة القرآن أربعين دقيقة كل يوم ..
ومن أراد أن يختمه في أسبوعين، فيحتاج إلى ثمانين دقيقة ..
وفي أسبوع، يحتاج إلى 160 دقيقة = ساعتين وأربعين دقيقة كل يوم.
--------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
· كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة (ص 78:80)، د. خالد بن عبد الكريم اللاحم ...