عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-09-27, 8:44 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
• في أُحُدٍ كانت الثغرة في ترْك طاعة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي الطَّمَع في الغنيمة، فجُرِح الإيمان قبلَ أنْ تُجرَح الأجساد، وتأخَّر النصر، لكنَّ الله الرحيم عفَا عنهم بعد ذلك؛ ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152].

• وفي حُنَين كانت الثغرة في الاعتِزاز بالكثْرة والإعجاب بها، ونسيان السند الأصيل والركن الشديد؛ ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: 25].
هذه الأمَّة لا تَصلُح إلا بنبوَّة، ولا تقوم إلا بدِينٍ، ولا تَرقَى إلا بشرائع السماء، والمنتمون إليها في مواقفهم قوَّة، وفي مبادئهم صَلابَة، وفي مواهبهم امتِداد، إذا نُودُوا بلا إله إلا الله محمد رسول الله، جرَّدوا القلوب لله، وترسَّمُوا طريقَ رسول الله، وبذَلُوا الأموال والأرواح في سبيل الله، كيف؟!

• في عزوة بدرٍ في 17 رمضان سنة 2 هجرية كان الإيمان يغزو القلوب، فأشرَقتْ به وتألَّقت، ومن ثَمَّ اعتَزَّتْ بدينها وانتَصرَتْ بإيمانها، قال ابن الجَمُوح: "إنها لَحياةٌ طويلةٌ حتى آكُل هذه التمرات".
وقال سعد بن مُعاذ: "لو خضتَ بنا البحر لَخُضناه معك ما تخلَّف منا رجلٌ واحد"، وقال: "خُذْ من أموالنا ما شِئتَ، واترك منها ما شِئتَ، إنَّ الذي تأخُذُه أحبُّ إلينا من الذي تترُكُه".
وقال المقداد: "لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي: اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ها هنا قاعِدون، ولكن: اذهب أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما مُقاتِلون".
وقال معاذ بن عَفراء وهو غُلامٌ يُرِيد أنْ يقتل اللعين أبا جهل: "والله لن يُفارِق سوادي سوادَه حتى يموت الأعجل منَّا"، لماذا؟! "إنِّي سمعتُ أنَّه يسبُّ رسولَ الله"؛ لذلك جاء النصر؛ ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ [آل عمران: 123].

• فتحت حصون عمورية في رمضان 223 هجرية بعد أنْ نُقِلَ إلى الخليفة المعتصم بالله العباسي أنَّ امرأةً مسلمة قد وقعَتْ بيد الروم ونادَتْ: وامعتصماه! وامعتصماه! فقال: لبَّيك.. لبيك، وأقسَمَ ألاَّ يعود إلاَّ شهيدًا أو ظافِرًا منتقمًا للمرأة المسلمة، فتحرَّك - ملبِّيًا النداء، ومجيبًا الاستغاثة - في مائة وخمسين ألفًا من جنوده، ولم تَغِبْ شمسُ يوم 17 رمضان إلاَّ وكانت المدينة قد فُتِحَتْ، وشُوهِد المعتصم بن الرشيد يدخُل عمورية على صهوة جَوادِه الأصهب.

• وفي العصر الحديث معركة الفرقان في غزة الرحمن، كان العدوُّ ينتَفِخ وينتَفِش، وكان أعوانُه ينتَفِخون أكثر، يُنافِقون، ويَعبَثون، ويَجمَعون، وكان المجاهِدون بحبلِ الله يعتَصِمون، وفي ركن الله يُرابِطون، ومن عون الله يستمدُّون، فانتَصَرُوا وإنْ قَلَّ العدد، وفازُوا وإنْ ضعفت العُدَّة، واعتزُّوا وإنْ طالت المعركة، أمَّا أعداؤهم فانهزَمُوا نفسيًّا وعسكريًّا ومعنويًّا، وما زالت أذيال الحسْرة والنَّدامة تُلاحِقهم، حتى كتابة هذه السطور وإلى الأبد - بإذن الله - ما استَمسَك المسلمون بدينهم، ما اعتزُّوا بإيمانهم، وصدَق الله: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173 - 174].
خلَق الله الإنسانَ، كلَّ الإنسان؛ مؤمنهم وكافرهم، أبيضهم وأسودهم، غنيهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم - في أحسن تقويم، إنْ آمَنُوا حافَظوا على هذه المنزلة، وإنْ فقدوا الإيمان تردَّوا حتى يبلُغوا أسفل سافِلِين؛ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين: 4 - 6].
يقول صاحب "الظلال" في "ظلاله": ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]، لا تَهِنُوا من الوهن والضعف، ولا تحزنوا لما أصابكم ولما فاتكم وأنتم الأعلون.

• عقيدتكم أعلى؛ فأنتم تَسجُدون لله وحدَه، وهم يَسجُدون لشيءٍ من خلْقه أو لبعضٍ من خلقه.

• ومنهجكم أعلى؛ فأنتم تَسِيرون على منهجٍ من صنع الله، وهم يَسِيرون على منهجٍ من صنع خلْق الله.

• ودوركم أعلى؛ فأنتم الأوصِياء على هذه البشريَّة كلِّها، الهداة لهذه البشرية كلها، وهم شارِدُون عن النَّهْجِ، ضالُّون عن الطريق.

• ومكانكم في الأرض أعلى؛ فلكم وِراثة الأرض التي وعَدَكم الله بها، وهم إلى الفَناء والنِّسيان صائرون، فإنْ كنتم مؤمنين حقًّا فأنتم الأعلون، وإنْ كنتم مؤمنين حقًّا فلا تَهِنُوا ولا تحزَنوا، فإنما هي سنَّة الله أنْ تُصابُوا وتُصِيبوا على أنْ تكون لكم العُقبَى بعدَ الجهاد والابتِلاء والتَّمحيص؛ ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 140 - 141].

والمستفاد من هذه الآية:
بيانُ سنَّة الله في المدافعة بين الكفْر والإيمان، والحق والباطل، وأنَّ العاقبة للمتَّقين، والخزْي والسوء لاحقٌ بالكافرين، وإنْ كان ظاهر الأمر يدلُّ على خِلاف ذلك فإنما هو من باب الاستِدراج للكافرين، والابتِلاء للمؤمنين، فإنَّ للباطل جولة، ثم لا يَلبَث أنْ يندَحِر، وسرعان ما يندَثِر، ويَبُوء بالفشل والخذلان، وهذا ما تُؤكِّده وقائعُ التاريخ الماضي والحديث.

اللهم اجعلنا من جند الحق، وأتْباع الرسل، وأنصار الله، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا ولا مَبلَغ علمنا، وصلِّ اللهم على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم، والحمد لله ربِّ العالمين


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟