عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2004-11-21, 11:41 PM
شمعة فرح
مشرفة قديرة سابقة
الصورة الرمزية شمعة فرح
رقم العضوية : 1618
تاريخ التسجيل : 2 - 10 - 2004
عدد المشاركات : 3,496

غير متواجد
 
افتراضي @@فاقد الشيء قد يعطيه@@
نردد مقولة فاقد الشيء لا يعطيه في مواقف كثيرة وقد نكون علي صواب عندما نكررها لأنها تنبع من داخل أعماقنا فكيف اعطي شيئا ليس موجودا عندي وكيف يمكنني ان اعطي احساسا وأنا لا أشعر بهذا الاحساس، كمن يحاول ان يوصف شيئا لا يعرفه.. فعندما لا يكون الشيء متوافرا لديك ولم تتعرف عليه لا يمكنك ان تصفه وتعطيه للغير، فمثلا لا يمكننا ان نقدم مبلغا ماليا لأحد الأشخاص اذا لم نكن نحتكم علي هذا المبلغ، ويصعب علي شخص عاش محروما من ملذات الحياة ان يوفرها لغيره، اذا نحن لا نستطيع ان نعطي ما لا نملك وما لا نشعر والكثير يطالب غيره بقائمة طلبات اجتماعية وعاطفية وغيرها دون ان يفكر لحظة هل يقدم هو لمن حوله نفس الطلبات.

ان من الأمور الصعبة تعويد النفس البشرية علي أمور جديدة خاصة عندما يتقدم بنا العمر فتصرفاتنا في الكبر كلها انعكاسات لما تربينا عليه وما كانت عليه طفولتنا ولكن الكثير ممن لم يوفقوا في مراحل حياتهم الأولي يحاولون التعويض في كبرهم سواء بتعويض انفسهم ام ابناءهم فقد ينحرم أب من الحنان والدفء الأسري في طفولته ويعاني تشتتا اجتماعيا ونفسيا فبالتالي يكون امام خيارين اما ان يكون فاقد الشيء لا يعطيه او يعطيه فإذا اختار الأول عاش بائسا مكررا تجربة حرمانه لأبنائه وينشأوون فاقدين الشعور بالأبوة غير حريصين علي المشاعر الأسرية المتماسكة لأنهم لم يتربوا عليها، أو ان يختار يعطيه وبالتالي يحاول خلق توازن نفسي لأبنائه ويحاول احتواءهم وتعويض ما فقده من حرمان في تربيتهم علي المحبة والرحمة والتماسك.

ولعل مثالا لفاقد الشيء يعطيه ذلك الخبر الذي قرأته عن رجل يتيم عاني التشرد والحرمان وعندما تقدم به العمر أنشأ ملجأ للأيتام يشرف علي عناية ورعاية هؤلاء الأيتام ليوفر لهم حياة افضل من الحياة التي عاشها ويخفف عليهم المعاناة.. وفي المقابل قد تكون ردة فعل عكسية ليتيم آخر فيحقد علي غيره ويتملكه شعور الحرمان الذي يحوله الي انسان ساخط علي الحياة ومدمر لكل عائلة متحابة وحتي لو كون لنفسه اسرة فإنه يتفنن في تعذيب ابناءه ويتملك قلبه القسوة علي كل من حوله..

اذن لا توجد قاعدة ثابتة فقد يعطي الفرد منا الشيء وقد لا يعطيه ويترتب ذلك علي استعداده النفسي للتغير ومدي تصالحه مع ذاته وحبه للحياة ولمن حوله ومحاولته التخلص من الرواسب والعقد التي عاني منها في صغره.

أكبر مصيبة عندما يتوفر كل شيء ويأخذ الفرد اي شيء.. ويظل لا يعطي؟!.

الشجره الكبيره تصلاها الشمس في النهار وهي تعطي الظل لغيرها
هي فاقده للظل لكنها تعطيه
اذاً فاقد الشيء يعطيه



حــــــــــــــــزن


توقيع شمعة فرح