]
قال ابراهيم رحمه الله تعالى: خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام ومسجد نبيه عليه الصلاة
والسلام، فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بسواد على الطريق، فتميزت ذاك، فإذا بارجل عليه درع من صوف
، فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: " سلام قولاً من رب رحيم ": فقلت له
يرحمك الله ماأسمك: قال عبد الله فقلت و ما تصنع في هذا المكان. قال: " ومن يضلل الله فلا هادي له " ، فعلمت أنه ضال عن الطريق، فقلت
له: أين تريد؟ قال: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "،
فعلمت أنه قد قضى حجه،فقلت له: أنت منذ كم في هذا الموضع. قال: " ثلاث ليال سويا " ،
فقلت: ما أرى معك طعاماً تأكل. قال: " هو يطعمني ويسقين " فقلت فبأي شىء تتوضأ؟:
قال: " فإن لم تجدوا ماء فتييموا صعيداً طيباً " ، فقلت له: إن معي طعاماً، فهل لك في الأكل.
قال: " ثم أتموا الصيام إلى الليل " ، فقلت: ليس هذا شهر رمضان
. قال: " ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم " ،
فقلت: قد أبيح لنا الإفطار في السفر:
وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" ، فقلت: لم لا". قال
تكلمني مثل ما أكلمك. قال: " ما يلفظ من قول إلا لديه
رقيب عتيد " ، فقلت: فمن أي الناس أنت؟ قال: " ولا تقف
ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان
عنه مسؤولاً " فقلت: قد أخطأت فاجعلني في حل، قال:
لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم " فقلت: فهل لك أن"
أحملك على ناقتي هذه فتدرك القافلة، قال: " وما تفعلوا من خير يعلمه الله " قال: فأنخت ناقتي،
: " وقلت له
اركب، فلما أراد أن يركب نفرت الناقة فمزقت ثيابه
فقال: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " فقلت
له: اصبر حتى أعقلها، قال: " ففهمناها سليمان " فعقلت الناقة وقلت له: اركب فلما ركب
قال: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"
قال: فأخذت بزمام الناقة، وجعلت أسعى وأصيح فقال: "
واقصد في مشيك واغضض من صوتك " فجعلت أمشي رويداً رويداً
وأترنم بالشعر، فقال: " فاقرؤوا ما تيسر من القرآن "
فقلت له: لقد أوتيت خيراً كثيراً، قال: " و ما يذكر إلا أولو الألباب "
فلما مشيت به قليلاً قلت: ألك أولاد؟
قال: " يا أيها الذين آمنوأ لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم " فسكت، ولم أكلمه حتى أدركت به القافلة،
فقلت له: هذه القافلة فمن لك فيها؟ فقال: " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " فعلمت أن له أولاداً
فقلت: وما شأنهم في الحج؟ قال: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فعلمت أنهم أدلاء الركب،
فقصدت به القباب والعمارات فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟
قال: " واتخذ الله إبراهيم خليلاً وكلم الله موسى تكليماً يا يحيى خذ الكتاب بقوة "
فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الآقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم
الجلوس قال: " فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه "
فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه بين يدي فقال: " كلوا واشربوا
هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية " فقلت: الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمره، فقالوا: هذا أبانا
له منذ أربعين سنة لم يتكلم إلا بالقرآن مخافة أن يزل فيسخط عليه الرحمن، فسبحان القادر على ما يشاء، فقلت:
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
]