شمـسُ الحقيقـة
#########################
هلْ تُرسلُ الطرفَ في الأكوانِ تسألها ** عمن براها وأهداها إلى البشرِ
هـذي السماواتُ من أغنى مجاهلـها ** وهيّـأ النجـمَ والأفلاكَ للسفرِ
مَن دوّرَ الأرضَ حولَ الشمسِ دائبةً ** وأولجَ الليـلَ في الإصباحِ بالأثرِ
مَن حـددَ السيرَ للأجرامِ من أزلٍ ** فما تحيدُ ولا تهـوى إلى خطـرِ
مَن سخرَ الريحَ للأمـطارِ تحملها ** تُحيي المواتَ من أرضٍ إلى شجـرِ
فالمـاءُ يدهشني في الزرعِ مصنعهُ ** والنبتُ مختلفٌ في الذوقِ والصـورِ
مَن أمسكَ الأرضَ في شمسٍ تجاذبها ** وقدّرَ النورَ بين الأرضِ والقمرِ
مَن أكسبَ الشمسَ زيتاً تستضيء بهِ ** أليسَ ينفدُ هذا الزيتُ في دهـر
إنْ ترغبِ الشمسُ يوماً أن تقاربنا ** أو تبتـعد هل ترى للخلقِ من أثر
مَن قيّـدَ الشمسَ في بُعـدٍ تلازمهُ ** فليسَ تطغى ولا تودي إلى ضررِ
ماءُ البحـارِ أما خيرٌ ملوحتهُ ** مَن قدّرَ الأمرَ في بحـرٍ وفي نهرِ
مَن أبدعَ الناسَ في جسمٍ بدا عجباً ** في دقةِ الخلقِ والإحساسِ والصورِ
تلكَ العلومُ فكيفَ العقلُ يحفظها ** مـدى السنينِ ، ويُبقيـها لمُـدّكرِ
والعينُ تُبصرُ هل تدري طبيعتها ** فالشكلُ يدركُ في لمحٍ من البصرِ
العـينُ تنقلهُ فوراً إلى عصبٍ ** واللبُ يفهمُ كنهَ الشـكلِ في النظرِ
والأذنُ تفهمُ لو أبصرتَ صنعتها ** بخيطِ سمعٍ من الأعصابِ منتشرِ
والشـمّ والذوقُ والإحساسُ وآلهفي ** وغير ذلكَ معروضٌ لمعتـبرِ
عن سكرِ الدمِ قد قالوا لـنا كبـد ** يحدد الأمرَ لا نخشى من الخطرِ
فكيفَ يحسبُ هـذا الجسمُ حاجتهُ ** فلا تزيـدُ ولا تدنو إلى قِصَـرِ
مَن نوّعَ الخلق من أنثى ومن ذكرٍ ** كي يستقيمَ نظامُ الكونِ للبشـرِ
أمْ مَن حوى الرزقَ في حق يقدّرهُ ** فالخلقُ يُطعَمُ حتى الدودَ في الحجرِ
قالوا الخلائق جاءتْ من مصادفةٍ ** إذ ولّـدَ الماءُ جسماً دقَ في الصغرِ
وأنتـجَ الجسمُ اشـكالاً منوّعـةً ** تجـري الحياةُ بها من غير ذي أثرِ
وأُحكمتْ لا ترى فيـها مفارقةً ** من دونِ ربٍ على الإبـداعِ مقتدرِ
لو أنصفوا العلمَ ما جاءوا بكذبتهم ** أو أحكموا العقلَ لانقادوا مع البصرِ
وآمنوا بالإلهِ الحق خالقهمْ ** شمسُ الحقيقةِ لا تُخفى لذي نظرِ
. للشاعر : محمد عبد الله قولي