عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-09-09, 4:59 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
ألا فاتقوا الله - أيها المسلمون - واغنموا هذه العشر المباركة، واحذروا الشُّحَّ، وأنفقوا من الطيبات، واتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة، واعلموا أنَّ مَن أبطره الغنى أذلَّه الفقرُ يومًا ما، وأنه ليس لكم من أموالكم التي تجمعون إلا ما أكلْتم فأفنيْتُم، أو لبستُم فأبليتم، أو تصدقتم فأمضيتم وأبقيتم؛ قال ربُّكم - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34 - 35]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما مِن صاحب كنزٍ لا يؤدي زكاته، إلا أُحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائحَ، فيكوى بها جَنباه وجبينه؛ حتى يحكمَ الله بين عباده في يوم كان مقدارُه خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله؛ إمَّا إلى الجنة، وإمَّا إلى النار))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منَّا أحدٌ إلا ماله أحبُّ إليه، قال: فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالَ وارثِه ما أخَّر)).

لقد صمتُم وصلَّيْتم مصدقين بيوم الدين، مِن عذاب ربِّكم مشفقين، أفلا تعتقون أنفسكم من مَعَرَّة الجزع، وعار الهلع فتؤدُّوا حقَّ الله في المال وتتقوا الشُّحَّ؟! قال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 27]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ولا يجتمع الشُّحُّ والإيمان في قلب عبدٍ أبدًا))، وقال : ((كلُّ امرئ في ظلِّ صدقته حتى يُقْضى بين الناس)).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].


فاتقوا الله ربَّكم، واختموا شهرَكم بخير أعمالكم، واعلموا أنَّ ما يُرَى في عالم التُّجَّار وحياة أرباب الأموال؛ مِن تحاسُد وتنافُس وشحناء وأثَرَة، بل إنَّ ما أصابَ الناس مِن غلاء في البضائع، وارتفاع في المعايش، وما بُلوا به من نزعٍ لبركة المال، وضَعفٍ في قيمة النقْد، إنَّ كثيرًا من ذلك إنما هو نتيجة طبيعيَّة لأخْذ المال من غير حِلِّه وحقِّه، ثم البخل به وإمساك المعروف عن مستحقه؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39]، وقال - سبحانه -: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276]، وقال - جل وعلا -: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((إنَّ هذا المال خضر حلو، فمَن أخذَه بسخاوة نفْسٍ، بورك له فيه، ومَن أخذَه بإشراف نفْسٍ، لم يُبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكلُ ولا يشبع، واليد العُليا خيرٌ من اليد السفلى))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا ابن آدمَ، إنَّك أن تَبْذُلَ الفضلَ خيرٌ لك، وأنْ تمسكَه شرٌّ لك))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((واتقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك مَن كان قبلَكم، وحملَهم على أنْ سفكوا دماءَهم، واستحلُّوا محارمَهم)).

وإن في الأزمات المالية والانهيارات الاقتصاديَّة التي ما زالتْ تحصل يومًا بعد يوم، ويفلس بسببها كثيرٌ من الأثرياء، إنَّ فيها لعبرة لنا بألاَّ نغترَّ بمالٍ ولا نثق بما في أيدينا؛ فكم من تاجرٍ باتَ رافعًا رأْسَه، شامخًا بأنْفه، مُعتزًّا بثروته، لا ينظر بعين التواضُع للكبراء، فضْلاً عن الفقراء، فأتى الله بنيان تجارته من القواعد، فخَرَّ سقفُها، وتهاوى عرشُها، فأصبح مَدينًا بعد أن كان دائنًا، وعاش الخوف بعد أن كان آمنًا، وسار في الحضيض خافضًا رأْسَه متطامنًا!

ألا فاتقوا الله واستدركوا ما فات، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأكْثروا من الصدقات والهبات، واحذروا أن تكونوا ممن يمنعون ما لله عليهم في المال من حقٍّ، ثم يطيعون الشيطان فيما يأمرهم به من تبديده فيما لا يرضيه - سبحانه - من إقامة حفلات التفاخُر وولائم التكاثُر، أو إحراقه في المفرقعات والألعاب الناريَّة، أو المبالغة في شراء الملابس والحُلي والحلويات، وتحروا أصحاب الحاجات ممن منعهم الحياء عن السؤال، ممن قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس المسكين الذي تردُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس)).

اطلبوا أولئك ودلوا عليهم، وأوصلوا الخير إليهم؛ فـ(الدال على الخير كفاعله)، وقد قال أجود الناس - عليه الصلاة والسلام -: ((ابْغُوني ضعفاءَكم؛ فإنَّما تُرزقون وتُنْصرون بضعفائكم)).

اللهم بارك لكلِّ مَن زكَّى مالَه، وأعطِ كلَّ منفقٍ خلفًا، اللهم أخلف لكلِّ مَن تصدَّق بخير مما بذلَ وأعْظِمْ له الأجر، وضَاعِفْ مثوبته.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟