الموضوع: ظروف خاصة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2006-04-17, 12:34 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي ظروف خاصة
ظروف خاصة

يمر كل شخص من أو هو في هذه الحياة بمجموعات متغيرة من الظروف، ولا شك في أن هذه الظروف المتغيرة تترك أثرها في نفسية كل منا، إما بالسلب أو بالإيجاب،


وأقصد بذلك أن هذه الظروف قد تدخل السرور إلى قلب أحدنا أو قد تجعل نفسية شخص آخر مضطربة وقلقة.

فمثلاً هناك شخص تقع عليه ضغوطات في عمله، أو يمر بخلاف في العمل، أو ينتظر نتائج عمل أو استثمار معين، فلا شك في أن هذا سيترك أثره وانطباعه في نفسية هذا الإنسان، فيجعلها مضطربة أو قلقة.

وهناك شخص آخر حقق إنجازاً في حياته فهذا الإنجاز سيترك أثراً من السعادة والانشراح في نفسيته.

هذه المشاعر تستمر باستمرار المؤثر، فلوأن الظرف المحيط كان يدخل قلق أو اضطراباً، فإن هذا القلق والاضطراب سيستمر باستمرار الظرف، وكذلك بالنسبة للشعور بالانشراح.

وليس الأمر متوقفاً على المشاعر التي تختلج بها نفوسنا وحسب، بل إن هذه المشاعر تؤثر أيضاً في تصرفاتنا، وكم يكون الوضع سيئاً عندما يكون الشخص قلق أو مضطرباً، فإن غالباً ما سيكون عصبي أو حاد المزاج، وسريع الانفعال، وينتقل وهو بهذه النفسية المتفجرة إلى المنزل فيكون تعامله مع زوجته من خلال نفسيته غير المستقرة، أو تتعامل الزوجة مع زوجها بعصبية وانفعال، فتكون النتيجة خلافات زوجية وشجاراً قد يؤدي إلى متتابعات خطيرة جداً.

وهنا يأتي السؤال: مَن المسؤول عن إحداث هذا الخلاف؟ هل هو الطرف الذي جاء متفجر أو مضطرباً؟ أو الطرف الذي لم يتحمل اضطراب الطرف الآخر؟!! قد تبدو الإجابة عن هذا السؤال محيرة جداً، لكن حقيقة الأمر غير ذلك، فليس لأي شخص منا صديق أقرب إليه من زوجته، وليس لأي امرأة شخص أقرب إليها من زوجها، يندمج كل واحد منهما مع الآخر اندماجاً شعورياً كاملاً، ولذا كان من الخطأ أن نحمل هذا الشخص المضطرب سواء أكان الزوج أم الزوجة مسؤولية الخلاف كلها، لكننا يجب أن نحملها للطرف الآخر، الذي لم يستطع أن يمتص غضب الشخص الآخر، وغالباً ما يقع الأزواج في هذا الخطأ أكثر من الزوجات، فإذا ما عاد إلى المنزل وفوجئ باضطراب زوجته واستثارة ارتفاع صوتها فإنه يُواجه ذلك كله أيضاً بصوت مرتفع وصراخ، ولكم أن تتخيلوا ماذا يمكن أن تكون النتيجة.

أو يعود الزوج إلى المنزل بهذه المشاعر المضطربة فيقابل بسيل جارف من الطلبات فيستشعر الأمر وكأنه كوصفه أحد مراجعي العيادة الخارجية شعرت وكأنها مؤامرة لإنهائي، وإن لم يبلغ الأمر بنا إلى هذا الحد من الشعور فإننا قد نشعر بأن الطرف الآخر لا يقدر مشاعرنا وحالتنا النفسية، وهذا الشعور ليس بالشعور البسيط بل هو خطير جداً على نفسية أي زوج لأنه يشعر بأنه ليس له مكان في شعور وعقل زوجته.

وهكذا فإن هذه الانفعالات التي هي نتاج متغيرات الحياة، وجزء طبيعي من حياة كل شخص منا، قد لا تكون بهذه البساطة في حياتنا الزوجية إن لم نحسن التصرف معها عندما يأتي بها الزوج إلى المنزل، أو تنفعل بسببها الزوجة، فقد يؤدي سوء تصرفنا في هذه اللحظة الانفعالية إلى جرح في الأسرة قد يصعب إصلاحه.

لذا كان علينا أن لا نقابل الانفعال بانفعال، والاضطراب باضطراب مثله، لكن علينا أن نتعلم كيف تكون عندنا القدرة على امتصاص انفعال الشخص الذي أمامنا وخاصة إذا كان هذا الشخص هو ذلك الشخص الذي لن نجد أقرب منه لأنفسنا ولن نستطيع أن نوجد ذلك الترابط النفسي ذاته مع أحدٍ غيره، لا شك في أني أقصد الزوج بالنسبة للزوجة، والزوجة بالنسبة للزوج.

جاء أحد أصدقائي إلى العيادة ومعه والده الذي بلغ من العمر منتصف العقد الثامن وكان في حالة اكتئاب، شديد، وقال: لا تحاول معي شيئاً يا دكتور، فكل شيء قد انتهى بالنسبة لي، فبعد أن توفيت زوجتي لم يعد لي رغبة في الحياة، فعلى مدى 40 سنة كانت تعرف كيف تسعد لسعادتي، وكيف تُذهبُ عني كل اضطرابي وقلقي، واليوم وأنا في هذه السن، مَن سيكون قادراً على فعل ذلك، هل سيستطيع أبنائي وعلى الرغم من كل برّهم بي أن يفعلوا ذلك؟!.

لم أملك إلا أن أقول: امرأة كهذه يحق لك أن تحزن عليها، لأن الإنسان حقاً يحتاج إلى مَن يعرف كيف يتعامل معه في لحظة غضب واضطراب، ويعرف كيف يفرح معه في لحظة الفرح والسعادة.

الفرحة