عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-09-02, 3:52 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

كيف يواصل الأرامل حياتهم بنجاح؟
♦ ليتغلَّب الأرامل على معاناتهم النَّفْسية وتحوُّلِهم من "حالة الترمُّل" إلى "حالة الحياة والاستمرارية"، عليهم الإكثار مما يحقِّق لهم التوازن، والاستقرار، و"الأمن النفسي" مثل العبادات، والبعد عن مسبِّبات القلق والتوتر؛ فالحياة لم تَنْتَه بوفاة الزوج، فكلُّ لحظة تُعَاش نعمة من الله - تعالى - غالية، من الظُّلم إهدارُها في كثير من التألُّم من ابتلاءٍ يمر به العديد والعديد من الناس، فلْتُغلق أبواب الحزن، ولْتفتح نوافذ الرِّضا؛ لِيُشرق الاطْمئنان والهدوء لهم ولأبنائهم.

♦ عليهم اكتساب المزيد من المعارف والمعلومات التي تساعدهم على التعامل مع واقعهم الجديد بنجاح، وعليهم طَرْد فكرة "قِلَّة الحيلة"، والمسارعة إلى "الاستقلالية"؛ فالمبالغة في الاعتماد على الآخَرِين، تجعلهم يسارعون بالابتعاد؛ هروبًا من عبء إضافي على أعباء حياتهم.

♦ الأرامل بحاجة إلى بعض الوقت للتكيُّفِ مع حياتهم الجديدة، خاصَّة إذا ساعدهم المحيطون على تنمية ثِقَتهم بأنفسهم وبقدراتهم، ويتوجَّب على الأبناء توفير أوجه الرعاية، والتي تتمثَّل في ردِّ الجميل إلى والدِهم في هذه المرحلة الحَرِجة من حياته، وبخاصة إذا تزامَنَت وأزْمةَ التقاعد عن العمل؛ وتقديم ما يُسْعِده وإشعاره بالحب والحنان؛ وتنمية العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة صداقاته، والحرص على مَلْء وقت فراغه؛ وتشجيعه على ممارسة أنشطته المحبَّبة والمفيدة، وأن يعتني بنفسه وغذائه ورياضته.

♦ بدلاً من أن تجلس وحيدة تجترَّ الماضي وذكرياته، تحاول الأرملة أن تَخْلُق لنفسها جماعات اجتماعية تكون بمثابة "إسعافات سريعة" لِتَضميد جراحها، وضمان عودتها للبداية الصحيحة بعد ترتيب أوراقها.

♦ إذا افتقدت الكفالات المناسبة (من ابن أو أبٍ أو أخٍ وغيرهم)، وأصابها العوز المادي، وكان لدَيْها ما يؤهِّل للعمل، فلها البحث عن عمل بما يتناسب مع خبرتها لتغطِّي المصاريف اللاَّزمة للأُسْرة، والأرملةُ عندما تخرج إلى محيط العمل تختلف نظرتها إلى الأمور وتنجح أسرع.

♦ الصورة الإيجابية للأرملة تساعدها على الانْخراط والتفاعُل الاجتماعي الصحِّي مع الآخرين في العمل، وبين الجيران، والأقارب، تُسْهِم الأرملة في بَلْوَرة هذه النظرة لها سلبًا أو إيجابًا، فإذا كانت "وفيَّة لزوجها، مكافِحَة مع أولادها"، فإنَّها غالبًا ما تَلقى التعاطف والمساندة والتأييد لاِسْتكمال رحلتها في تربية أبنائها ورعايتهم.

♦ هذه النظرة الإيجابية للأرملة قد تتغيَّر نوعًا ما إذا أقبَلَت الأرملة على الزواج مرَّة أخرى، برغم أنَّ هذا الزواج حقٌّ أساس، أجازه لها الشَّرع بعد انتهاء العِدَّة، خاصَّة إذا كانت في مقْتَبل العُمر، ولديها أطفال بحاجة إلى رعاية في ظلِّ أسرة طبيعيَّة، فلها أن تتزوَّج، لِتُكمل حياتها، وتُرَاعي مصلحة أبنائها في اختيار الزوج الذي يرفق بهم ويتحمَّل مسؤوليته نحوهم، ويمتلك القدرة على التعامل معهم؛ ليحلَّ محَلَّ الأب في حياتهم، فمَن يرعى الأيتام في بيته له منْزلة - دُنيويَّة وأخروية - رفيعة الشأن، وينبغي على الأبناء الراشدين أن يراعوا أيضًا والدتهم، وأن يحْسِنوا إليها إذا رغبت في الزواج من جديد، أمَّا بعض الحالات التي تَظهر في الصحف السيَّارة من أن زوج الأُمِّ يقوم بطَرْد أولادها، أو أنَّ الأم "الأرملة" تتخلَّى عن رعايتهم، ما هي إلاَّ حالات استثنائية لا يُمكن القياس عليها في تحديد موقف المجتمع من زواج الأرملة.

♦ وإذا ما آثَرَت الأرملة أطفالها على حساب محاولة الزواج ثانية، فلْتُحسن رعايتهم، وتُجِدِ التَّصرف والتفوُّق فيما تفعل، ولْتَكُن أكثر حبًّا وعطفًا وحنانًا، وتدقيقًا في أمورهم، ولتكن في عيونهم قدوةً، ولتُثبِت كفاءتها؛ لتستطيع تجاوز الأزمة.

♦ المرأة العربية عمومًا لديها قوَّة وإرادة، وتحَمُّل للصَّدمات، وتستطيع أن تقوم بدور الأمِّ والأب بيد أنَّ حالات النجاح لا يمكن أن تحجب حالات الفشل الذي قد يتجاوز - في حال الكثرة الكاثرة - نطاق الأسرة/ العائلة إلى المجتمع فيهدِّد بِنَاءه؛ لذا فثَمَّة حاجة إلى مؤسَّسات مختصَّة تعتني بدراسة الآثار النفسية والصحيَّة والاجتماعية والاقتصادية على الأرامل، وخاصة الإناث، وبخاصَّة في البلدان التي تعيش في "أزمات فقْد وترمُّل" مستمر، ويكثر فيها عدد الأرامل والثَّكالى، كفلسطين المحتلة، ومِن ثَمَّ تؤهَّل الأرامل من الناحية النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وتُقدَّم البرامج التأهيلية وسبُل الضَّمان الاجتماعي لهنَّ، كذلك ثمَّة حاجة إلى مؤسَّسات لمساعدة ودعم الأرامل الراغبات في الزواج.

♦ في مجال التوعية المجتمعية نحن بحاجة إلى برامج تثقيف وتوعية للمجتمع بهدف تغيير النظرة السلبية تجاه الأرامل، فعلى الإعلام - المؤثِّر في تشكيل القِيَم والسلوك والتوَجُّهات - أن يصحِّح صورًا تبدو "ظالمة" للأرامل - نساء ورجالاً، فقد تُصوِّرهن بعض الأعمال الإعلامية والفنية بأنهن "عاجزات/ سلبيات/ تابعات للرجل/ أنانيات/ لا يُرِدْن الكفاح من أجل أبنائهن/ أو متسيِّبات أخلاقيًّا... إلخ"، وأرامل بأنهم "غير أوفياء لزوجاتهن/ يَسْعَون فقط لتحقيق نزواتهم... إلخ".

♦ أخيرًا، وليس آخِرًا، إيجاد مناخات تأخذ في نظر الاعتبار ما يؤدِّي ليس فقط إلى "حل" مضاعفات أزمة الترمُّل، وإنما يؤدِّي إلى إيجاد "حياة"، وبدلاً من أن تكون الأرملة عالة ومشكلة مزْمِنة، أو تكون مهمَّشة في مجتمع تمثِّل فيه أكثر من نِصْفه، تكون عامِلاً فعالاً في بنائه، وفي نفْس الوقت لا تَشعر الأرملة أنها محطَّ "عطْف" المجتمع، وإنما يعاملها باعتبارها شريكًا ضِمْن أفراده، وهو ملْزَم بتوفير حياة كريمة لها.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟