عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-04-15, 12:49 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
يا أم حافظة القر آن هنيئاً لكِ بابنتك :

عن بريدة قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ( أي السحرة ) قَالَ : ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ : تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولانِ : بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ . ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلا." [ رواه الإمام أحمد 21892 وحسنه ابن كثير وهو في السلسلة الصحيحة للألباني 2829 ] .

يا حافظة القر آن إن المحافظة على القمة أصعب من الوصول إليها :

عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ قَالَ : تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ الإبلِ فِي عُقُلِهَا" [ رواه البخاري 4645 ] .

قوله : ( تعاهدوا ) أي استذكروا القرآن وواظبوا على تلاوته، واطلبوا من أنفسكم المذاكرة به ولا تقصروا في معاهدته واستذكروه … من شأن الإبل تطلب التفلت ما أمكنها، فمتى لم يتعاهدها برباطها تفلتت، فكذلك حافظ القرآن إن لم يتعاهده تفلت بل هو أشد في ذلك . وقال ابن بطال : هذا الحديث يوافق الآيتين : قوله تعالى : ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا( [ المزمل : 5 ] وقوله تعالى : ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ( القمر : 17] فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسّر له، ومن أعرض عنه تفلت منه [ فتح الباري ].

وعَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا بِعُقُلِهَا أَمْسَكَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ ذَهَبَتْ " [ رواه البخاري 4643 ] .

فيا حافظة القر آن لا تزحزحي نفسك عن هذه الرتبة العالية بعد إذ نلتيها :

قال ابن حجر رحمه الله في الفتح : " اختلف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، قال الضحاك بن مزاحم : ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن الله يقول : ) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ( [ الشورى : 30 ] . ونسيان القرآن من أعظم المصائب …

وجاء عن أبي العالية رحمه الله : كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه . وإسناده جيد . ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن : كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً… والإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره … وترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل، والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد . وقال إسحاق بن راهويه : "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن . " أهـ

يا حافظة القر آن قومي به وأكثري در سه تعيشي به:

قال الذهبي في السّيَر : قال أبو عبد الله بن بشر : ما رأيت أحسن انتزاعاً لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد، وكان جارنا وكان يُديم صلاة الليل والتلاوة، فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينيه .

يا حافظة القر آن ما دمت حفظتيه في قلبكِ فاحفظي به جوارحك :

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : يجب على حامل القرآن وطالب العلم أن يتقي الله في نفسه ويخلص العمل لله، فإن كان تقدم له شيء مما يكره فليبادر التوبة والإنابة، وليبتدئ الإخلاص في الطلب وعمله، فالذي يلزم حامل القرآن من التحفظ أكثر مما يلزم غيره، كما أن له من الأجر ما ليس لغيره .

يا حاملة القر آن لا يغرنك الحفظ فتتركي العمل :

فقد وقع في رواية شعبة عن قتادة : "المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به مع السّفرة الكرام البررة "وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي وليس التلاوة فقط .

يا حاملة القر آن قدِّري مكانة الذي في صدركِ وأعطيه حقّه ومنزلته :

وكما ارتقيت إلى المنزلة العالية بحفظه فعليك في المُقابل مسئولية وواجباً يوازي ذلك . فإن الحفظ ليس نيشاناً يُعلّق ولا شهادة تُزوّق ولا مكافآت تُفرّق؛ لكنه أمانة يجب القيام بحقّها.

ينبغي لحامل القرآن أن يكون على أكرم الأحوال وأكرم الشمائل .

قال الفضيل بن عياض : حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن .

إنّه ثابت الجنان قائم بالحق ، ولما حارب المسلمون مسيلمة الكذّاب وقُتل حامل رايتهم زيد بن الخطاب t تقدّم لأخذها سالم مولى أبي حذيفة فقال المسلمون : يا سالم، إنا نخاف أن نُؤتى من قبلك - فقال : بئس حامل القرآن أنا إن أتيتم من قِبَلي . فقطعت يمينه فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره فاعتنق اللواء وهو يقول : ) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُوْلٌ ( [ آل عمران : 144 ]. ) وكأين مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّوْنَ كَثِيْر( [ آل عمران : 146 ]. فلما صُرع قيل لأصحابه : ما فعل أبو حذيفة؟ قيل : قُتل .[ الجهاد لابن المبارك ].

يا حاملة القر آن إياكِ والتكبّر على من ليس بحافظ؛ فلر بما أفلح المقلّ المعذور وخسر الحافظ المغرور:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو قَالَ : أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ لَهُ : اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَاتِ (الر) فَقَالَ الرَّجُلُ : كَبِرَتْ سِنِّي وَاشْتَدَّ قَلْبِي وَغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ: فَاقْرَأْ مِنْ ذَاتِ (حم) فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى، فَقَالَ : اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ الْمُسَبِّحَاتِ . فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : وَلَكِنْ أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ ) إِذَا زُلْزِلَتْ الأرْضُ( حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ الرَّجُلُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَزِيدُ عَلَيْهَا أَبَدًا ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ" [ رواه أبو داود 1191 ورجاله ثقات، وعيسى بن هلال الصدفي وثّقه ابن حبّان وقال الحافظ في التقريب : صدوق . وأورد الألباني الحديث في ضعيف سنن أبي داود 300 ] .

يا حاملة القر آن لا تنتظري من الناس ثناءً ولا تقديراً وجاهدي أن لاتتأ ثري بمدحهم وإطرائهم إخلاصاً لله :

نعم يجب عليهم أن يوقروا حاملة القرآن؛ لأنّ في جوفها كلام الله، وإن من إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه . قال ابن عبد البَرّ رحمه الله: وحملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، المعظّمون كلام الله، المُلبسون نور الله، فمن والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد استخف بحق الله تعالى . وقد نقل صاحب كتاب الفواكه الدواني قول أهل العلم : بأنّ غيبة العالم وحامل القرآن أعظم من غيبة غيرهما . أهـ ومع ذلك فإنّ على صاحب القرآن ألا يغترّ بحقّ وحرمة الحفظة فلربما أخرجه عدم الإخلاص من بينهم .

وداع

فإذا تخرّجت الأخت من دار تحفيظ القرآن ودنا الرحيل وقرُب الفراق من المدْرسة والمدرّسة، فينبغي تذكّر المجهود وتقدير المنزلة حقّ قدرها، ويُختم بوصيّة مناسبة، وهذه كلمات عبد الله بن مسعود وهو يودّع طلابه في الكوفة بعد أن اجتهد في تعليمهم وتحفيظهم وأراد السّفر إلى المدينة : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ هَمدَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِيكُمْ مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الدِّينِ وَالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ بِالْقُرآن، إِنَّ هَذَا الْقُرآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوفٍ، فمَنْ قَرَأَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ الَّتِي عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فَلا يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهُ مَنْ يَجْحَدْ بِآيَةٍ مِنْهُ يَجْحَدْ بِهِ كُلّهِ [ رواه الإمام أحمد 3652].

دعاء

اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ، نَسْأَلُكَ يَا أَللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أن تهدي هَؤلاءِ الحَافِظَاتِ، وأَنْ تُلْزِمَ قُلوبَهُنَّ حِفْظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتهن، وأن َترْزُقهن تلاوتهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنهن، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ، نَسْأَلُكَ يَا أَللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ ك أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ أَبْصَارَهنَّ، وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ ألسِنتَهنَّ، وَأَنْ تغسلَ بِهِ قُلوبَهنَّ، وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صُدورَهنَّ، وَأَنْ تفرّج به هُمومَهنَّ وسَائرَ المسلمينَ والمسلماتِ، وصلى الله على نبينا محمد .

عن موقع سلسبيل.