منتديات موقع بشارة خير - عرض مشاركة واحدة - أختاه التوبة أو الحسرة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-04-12, 3:58 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
3.امرأة عادت إلى الله

يروي الصحابي عمران بن حصين- رضي الله عنه- أن رسول ا لله صلى الله عليه وسلم أتته امرأة من جهينة، وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله، أصبت حدا فأقمه علي. فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها، وقال له: ((أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني)).

فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، وقالت: هذا،قد ولدته.

قال عليه الصلاة والسلام ( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه،)).

فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا، يا نبي ا لله قد فطمته، وقد أكل الطعام. فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر، فرمى رأسها، فتنضح الدم على وجه خالد، فسبها.

فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم إياها فقال: ((مهلا يا خالد، فوا الذي نفسي بيده، لقد تابت توبة، لو تابها صاحب مكس لغفر به))

وفي رواية أخرى: ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله، وقد زنت؟

فقال عليه الصلاة والسلام:

((لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى)).

أختاه...

وإليك توبة أخرى يتجلى فيها صدق المرأة في العودة إلى الله تعالى.

أمر قوم من أهل السوء امرأة ذات جمال بارع أن تعرض للعابد الزاهد الربيع بن خيثم، لعلها أن تفتنه عن طريق ربه، وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم.

وخدع المرأة قولهم، وغرها هواها، فسارت إلى معصية ربها.

لبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، وتعرضت للربيع وهو عائذ من مسجده إلى بيته.

ووقف الربيع ليعرف شأنها، فأحس بغدرها، وشعر بمكرها، فأراد أن يعظها لعلها أن تهتدي، فقال لها- رحمه ا لله-:

يا أمة الله، كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك، فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟

يا أمة الله، كيف بك، لو قد نزل بك ملك الموت من رب العالمين فقطع منك حبل الوتين؟
يا أمة الله، كيف بك، لو قد سألك منكر ونكير في قبرك؟!

فأخذت المرأة تبكي، ثم ولت منصرفة، وهي ومن يومها، وتتوب المرأة إلى ربها من قبح فعلها،وتعاهده السير على الاستقامة، فكانت تتعبد في بيتها، فلما ذكرت معصيتها غلبها البكاء حتى يرحمها أهلها. ولم تفارق الدنيا حتى عرفت بشدة العبادة، والله لقد أفاقت من غفلتها، وبلغت من عبادة ربها، أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق من كثرة خشية الله تعالى.

والسؤال: وأنت أليس لك ذنوب تبكين من أجلها؟!

فتأملي أختي المسلمة جزاء التوبة النصوح، من المرأة الصادقة.

فإن لم تتوبي، وتعودي، فإنها الحسرة والندامة قبل يوم القيامة، والخسران المبين في يوم الدين.

4.عودي قبل الحسرة والندامة

أختاه...

الكثيرات من المسلمات لا يعدن إلى الله تعالى بتوبة نصوح إلا بعد مرور عمر طويل.

تأتين لمسلمة لا تصلي، أو تتبرج في ثيابها، أو تهجر كتاب ربها، أو تعق والديها، وتقولين:

عودي قبل الحسرة والندامة.

فتتعلل بأنها ما زالت صغيرة، والعمر فيه باقية!!

سبحان الله، هل اطلعت الغيب، وعلمت كم عمرها، وطول حياتها؟! إنها أماني غرور، وأوهام المغرورة بالعودة إلى التوبة متى شاءت.

أختاه..

التوبة مبسوطة ما لم تغرغري، ولكن؟

أليس الموت يأتي بغتة؟

أليس المرض المقعد يأتي بغتة؟

فهل تنتظرين، وتعودين إلى الله، وأنت امرأة عجوز أم تعودين وأنت شابة تنبضين بالحياة، والحيوية، والإقبال؟

تأملي هذا حال توبة العجوز، وتوبة الشابة الفتية: التوبة في الصحة، ورجاء الحياة تشبه الصدقة بالمال في الصحة، ورجاء البقاء.

والتوبة عند حضور الموت تشبه الصدقة بالمال عند الموت، فكأن من لا تتوب إلا في مرضها، فقد فرغت صحتها، وقوتها في شهوات نفسها، ولذة دنياها، فلما أيست من الدنيا والحياة فيها تابت حينئذ، وتركت ما كانت عليه.

فأين توبة هذه من توبة من تابت إلى ا لله تعالى في شبابها، وقدرتها على المعاصي، ولكن خوفها من الله ومن سوء الخاتمة، ورجاء ثوابه منعها من هذا؟!

اسمعي أختي المسلمة إلى التفجع، والتحسر الذي كانت عليه بعض المحتضرات، اللواتي فارقن الدنيا غير تائبات.

إحداهن تلطم وجهها- وهذا نهى عنه، وهو من فعل الجاهلية- وتقول: ((يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله )).

والثانية تقول وهي تبكي: ((سخرت بي الدنيا،حتى ذهبت أيامي )).

وثالثة تقول: ((والأنفاس تتقطع لخروج الروح من البدن: (ويحكن يا أخواتي، لا تغتروا بشبابكن، ولا تغرنكن الدنيا كما غرتني )).

ورابعة تنادي عند موتها: ((رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت )).

وخامسة تبكي والأسى يكاد يخلع قلبها من بين جنبيها: ((يا ليتني قدمت لحياتي )).

فسبحان الله القائل
{وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون. واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين. أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين }.

5. تلك هي التوبة الصادقة

أختاه...

لقد دعاك إلى التوبة مولاك، وفتح لك باب الإجابة، ثم وضح لك الطريق فهداك، فهلا أقبلت إلى مغفرة من ربك ورضوان، وجنات ذات أنهار، وعيش مع التائبات الصادقات.

فهلمي أختاه إلى التوبة من الذنوب، صغارا كانت أم كبارا.

فإن التوبة من الذنوب، بالرجوع إلى ستير العيوب، وعلام الغيوب، واجبة على الفور والدوام.

و لم لا؟ والتوبة الصادقة هي طريق السالكات إلى ربهن، وزاد المؤمنات في آخرتهن، ورأس مال الفائزات في دنياهن.

فما نجت من نجت في يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة إلا بالتوبة الصادقة.
ولذا كان النساء من سلفنا الصالح مع ما هن عليه علم وعمل، وزهد وورع، كانت الواحدة منهن من الليل قليلا، وتستغفر بالأسحار كثيرا، وما كان ذلك منها إلا لعلمها أنها مهما فعلت من طاعات كثيرة، فلابد فيها من التقصير، حتى أن الواحدة منهن كانت تقول (استغفارنا يحتاج إلى استغفار)).

وتقول الأخرى: ((طوبى لمن صحت لها خطوة لا تريد بها إلا وجه الله تعالى)).

أختاه...

هيا أسرعي، وعودي إلى الله بنفس صافية، وخالية من الحقد، والحسد، بعيدة عن الرياء، والعجب، خالية من الكبر حتى تفوزي بالدنيا والآخرة.

هلمي إلى التوبة الصادقة بالإقلاع عن المعصية.

هلمي إلى التوبة الصادقة بالندم على المعصية الماضية.

هلمي إلى التوبة الصادقة بالعزم على عدم العودة إلى المعصية ثانية

هلمي إلى التوبة الصادقة برد الحقوق إلى أهلها.

أختاه...

لو رأيت التائبة الصادقة لرأيت جفنا مقروحأ، تبصرها في الأسحار على باب الاعتذار، سمعت قول الإله يوحي فيما يوحي:

{توبوا إلى الله توبة نصوحا}

مطعمها يسير، وحزنها كثير، أتعب قدميها القيام، وأنحل بدنها الصيام، فبذلت جسدا وروحا.

{توبوا إلى الله توبة نصوحا}

أختاه،..

قد ذهبت الأيام.، وكتبت الآثام، وإنما ينفع الملام حين اليقظة، والسلام
بقلم : مجدي فتحي السيد