منتديات موقع بشارة خير - عرض مشاركة واحدة - رسالة لأهل مريض الوسواس القهري
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2006-04-05, 8:25 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
ثالثًـا: كيف نتعاون مع المعالج أثناء العلاج؟
الحقيقةُ أن تعاونَ الأسرة مع المعالج أثناءَ العلاج يفيدُ فائدةً كبيرةً في التعجيل بعملية الشفاء وفي المحافظة على التحسن الذي يتم الوصول بفضل الله تعالى إليه، وإن كانَ هناكَ في بلادنا كثيرٌ من المرضى النفسيين بوجهٍ عام يقبلون على الطبيب النفسي دونَ علم أفراد أسرتهم ويطلبون من الطبيب ألا يجبرهم على إعلام الأهل بأنهُ يُعالجُ نفسيا وهو ما يجعلُ الطبيب والمريض وحدهما في العملية العلاجية ويجعل العلاج أصعب وأطول ولا حول ولا قوةَ إلا بالله.

ويحتاجُ الأمرُ بالطبع إلى فهم أعضاء الأسرة كلهم لطبيعة اضطراب الوسواس القهري ونوعية الأدوية المستخدمة في علاجه وطول المدة التي يقرر الطبيبُ النفسي احتياج المريض إلى الاستمرار على العلاج خلالها كما أن من واجب الطبيب النفسي أن يوضحَ للمريض وللمتوفرين من أعضاء الأسرة احتياج المريض إلى الصبر على الدواء الذي لا يعملُ إلا بعد فترة قد تصل إلى ثلاثةَ شهورٍ مع أن المريض يستخدمهُ كل يوم فهذه هيَ النقطةُ الأولى التي يحتاجُ المريض والأهلُ فيها إلى تعلم الصبر، وفي الحالات التي يكونُ فيها الأهل متفتحون ومستعدون للتعاون يستطيع الطبيبُ النفسي أن يشرح لهم مفاهيم العلاج السلوكي والمعرفي ويستطيعُ أن يتخذ منهم معاونين له في برنامج العلاج السلوكي الذي يتفق عليه مع المريض، ومن الممكن الاستعانةُ بأخ المريض أو أخته كما يمكنُ الاستعانةُ بالأبناء بشرط أن يكونوا على قدر من الفهم والوعي اللازم لإدراك الفرق بين دورهم كمساعدين للمعالج ودورهم كأبناء، وأن يفرقوا بين ما تجبُ عليهم فيه طاعة الأم أو الأب، وبينَ ما هو جزءٌ من المرض تجبُ عليهم إعانةُ الأب أو الأم عليه.

رابعًا: كيفَ نتعاون مع المريض والمعالج في مرحلة العلاج الوقائي؟
ولعلَّ من أهم المفاهيمٍ التي يجبُ إيصالها للناس هنا هوَ أن الوقايةَ خيرٌ من العلاج بمعنى أن الاستمرار على العقار بعد حدوث التحسن أفضلُ من تركه وإعادةُ المحاولة كلها بعد رجوع الأعراض خاصةً وأن الدواءَ قد لا ينجحُ في كل مرة!، ومن النقاط الهامة هنا في مجتمعاتنا أن يوضح الطبيبُ النفسي أن الدواء المستخدم في العلاج سواءً كان من مجموعة الماس أو الماسا هو دواءٌ آمنٌ إلى حد كبيرٍ في حدود العلم والدراسات المتاحة منذ أكثر من عشرين عامًا وحتى يومنا هذا وأن الاستمرار عليه لفتراتٍ طويلةٍ آمنٌ أيضًا وأن تركهُ في أغلب الحالات يعني أن تعودَ أعراضُ الوسواس القهري إلى الظهور.

ثمَّ أن هناكَ نقطةٌ هامةٌ أيضًا وهيَ أن نتيجةَ العلاج إنما تقيمُ بابتعاد المريض عن السلوكيات القهرية التي كانَ يضيعُ أيامهُ في ممارستها، وبقدرته على فعل ومواجهة الأشياء التي كانَ يخافُ من مواجهتها، وكذلك بقدرته على التغلب على الأفكار التسلطيةِ إذا حدثَ أن هاجمتهُ في لحظةٍ ما وهو على العلاج، لكنَّ الغريب أن المرضى في بلادنا يريدونَ معنى آخرَ لنجاح العلاج وهوَ أن ينسوا أعراض المرض وفترةَ المرض بكل تداعياتها وتأثيراتها عليهم وعلى أسرهم ومن هذه التداعيات مثلاً أنهم ما يزالون يتناولونَ الدواء والذي يشكلُ في الكثير من الأحيان عبئًا اقتصاديا على الأسرة، أو أنهم ما زالوا يتذكرون الأفكار التسلطيةَ التي كانت تقتحمُ وعيهم ولا ينجحون في التخلص منها، ولا يكفيهم أنهم يستطيعون بعد العلاج التغلبَ عليها والتخلص منها فهم يريدونَ نسيانها تمامًا والواقعُ أن ما يطمحُ إليه العلاجُ هو أن تكونَ لدى المريض القدرة على التحكم في أفكاره وأن يستطيع التناسي، لا أن ينسى ما كان، أقول هذا القول لأنني لاحظتُ نوعًا من التعاون المستتر مع المريض ضد حالته أثناءَ مرحلة العلاج الوقائي، فترى أعضاء الأسرة يوافقون بصمتهم على ترك المريض للدواء وانقطاعه عن المتابعة مع طبيبه لأنهم يرون أنهُ تحسن ولم يعد بحاجةٍ إلى علاج ولا إلى طبيب، وهم في الحقيقة فضلاً عن مخالفتهم لنصائح الطبيب إنما يعبرون عن رغبتهم في التخلص من العبء المادي والمعنوي لاستمرار المريض على العلاج مع أن هذا هوَ السبيل الوحيد إذا أراد الله تعالى لبقاء مريضهم قادرًا على التحكم في وسواسه القهري.


بقلم: أ.د. وائل أبو هندي