[حفيدة حمد]

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

هل كل مايقوله الأموات في الرؤيا حق ؟؟ يجب تنفيذه اذاكان طلباً يجب ان نتنتهي عنه اذاكان نهياً؟



الجواب:


كلام الميت وما يوصي بالقيام به او الانتهاء عنه يمكن ان يكون حق وصدق ولكن الامر ليس على الاطلاق.

فرؤيته ربما تكون رمزا لمسألة متعلقة بحياة الرائي او من في الرؤيا.

حينها تعبر من الرموز الغيبية مثل يوم القيامة والبعث و الجنة والنار التي غالبا لا تؤخذ على ظاهرها.

وعليه للمسالة حالتان:

1-قوله وكلامه يمكن ان يكون خبرا ,
حيث ذكر ابن القيم في مسالة التقاء أرواح الأموات بأرواح الأحياء في المنام فقال رحمه الله
في كتابه "الروح " ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في شأن الآية :"الله يتوفى الأنفس حين موتها .." سورة الزمر آية42
أنه قال : " بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم ، فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم " .
إلى أن قال : " وقد دل على إلتقاء أرواح الأحياء بالأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيسختبره ، ويخبره الميت بما لا يعلم الحي ، فيصادف خبره كما
أخبر في الماضي والمستقبل ، وربما أخبره بمال دفعنه الميت في مكان لم يعلم به سواه ، وربما أخبره بدين عليه " . انتهى كلامه رحمه الله .

وتأييد دلائل الرؤيا لقول الميت بما هو مباح و نافع او فيه صلاح في الواقع يمكن ان يؤخذ في بعض الاحوال كقصة ثابت ابن قيس

"يقول أنس رضي الله عنه إن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب، وقد تحنط ولبس ثوبين أبيضين فكفن فيهما وقد انهزم القوم، فقال اللهم إني أبرأ
إليك مما جاء به هؤلاء، وأعتذر من صنيع هؤلاء، بئس ما عودتم به أقرانكم، خلوا بيننا وبينهم ساعة، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة فثبتا وقاتلا
حتى قتلا، وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه، فقال له إني أوصيك بوصية؛ فإياك أن تقول هذا
حلم فتضيعه، إني لما قُتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل،
فأت خالدًا فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، فقل له إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيق
عتيق فلان، فأُتي الرجل خالدًا فأخبره فبعث إلى الدرع فأتى بها وحدث أبا بكر رضي الله عنه برؤياه فأجاز وصيته بعد موته قال ولا نعلم أحدًا أُجيزت وصيته بعد موته غير ثابت
بن قيس رضي الله عنه"

فأنفذ ابو بكر وصيته التي تتعلق بمال و دين اثبتتها دلائل على الواقع.
والقصة ثابتة وصحيحة فقد رواها الطبراني في المعجم الكبير ، والحاكم في المستدرك وصححها على شرط مسلم ووافقه الذهبي
"











2- كما يمكن ان يكون بشارة او انذار او نصح او تحذير يتعلق بـالرائي لا بظاهر نص القول او الفعل من ذلك الميت.


ومع ذلك تجدر الاشارة في الحالتين الى انه لا يؤخذ بكلام الميت في حكم شرعي من حلال أو حرام أو مستحب أو واجب و قد يؤخذ ماعدا ذلك ان دعمت المعنى بقية رموز الرؤيا ككل.
حيث ان الدين اكتمل بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم"




حتى اذا راى الشخص من الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وهو على صورة مخالفة للشرع, لا يؤخذ بما يجيء فيه.. والاولى ان ينطبق ذلك على عموم الموتى .

ذكرالإمام القرافي :
" من رآى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام يأمره ويقول له : امرأتك طالق عليك فلا طلاق يلزمه ".
وأيضاً مما ذكره وقاله الإمام النووي رحمه الله تعالى في " المجموع ":
لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال , فرأى إنسان النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له :
الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا .. أي بهذا المنام ... لا لصاحب المنام و لا لغيره ..... اذ أن الذي رأيته في المنام رؤي في اليقظة وهو يقول
لأصاحبه : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ".
"

فكلام الموتى يدخل في حكم عموم الرؤى لقول ابن القيم - رحمه الله تعالى – أن رؤى غير الأنبياء تعرض على الوحي الصريح , فإن وافقته وإلا لم يعمل به .
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : فإن قيل : فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو توأطأت ؟ !
قلنا : متى كان كذلك استحال مخالفتها للوحي ، بل تكون موافقة له .....إلى آخر كلامه النفيس الذي ذكره في كتابه القيم : " مدارج السالكين ".


ففي رؤيا هم الحق وفيها الباطل, وفيها الصادق الصالح وفيها ماهو من الشيطان
فالميت في دار الحق ولكن ليس كل ما يرى عليه من هيئة او فعل او قول يكون حقا لان الشيطان يمكنه التمثل بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف ذلك من قوله عليه
الصلاة والسلام " من رآنى فى المنام فقد رآنى فإن الشيطان لا يتمثل بي "
اي يمكنه ان يأتي بصورة بقية الخلق. بينما يمكن ان يستبشر عن حال الميت في بعض الاحيان ان رؤي في حال مبشرة.

وخلاصة القول هي ان قول و فعل او هيئة الميت يعتد بها اذا لم تخالف الدين او صلاح امر المسلمين الاحياء والامر ليس على الاطلاق.
فالمعبر دوره محاولة الوصول الى صحة الاعتداد بذلك من عدمه من خلال تأمل بقية الرموز ومعرفة احوال الرائي و واقعه.

والله تعالى اعلم بالحق و الصواب
و فوق كل ذي علم عليم

I am What I am