عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-08-11, 3:10 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي أقسام الناس في رمضان
أقسام الناس في رمضان
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي




الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاه.


أمَّا بعدُ:
فقد فضَّل الله شهر رمضان على سائر الشهور، وفضَّل ليلة القدر على ألف شهر، خص الله به المسلمين بالخير والبركات، وأسباب الفضل، وأنواع النعم السابغة؛ فالواجب على المسلم الحق أن يشكر الله على ما أنعم به عليه، ويغتنم الأوقات الشريفة، والمواسم الفاضلة بعمارتها بالطاعات، وترك المحرمات؛ للفوز بالحياة الطيبة، والسعادة بعد الممات.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله؛ فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤَمَّن روعاتكم))؛ رواه الطبرانى عن أنس، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.

فمن تجهز لمواسم الخيرات، وتعرض لها مع الطهارة الظاهرة والباطنة، وحضور قلب، وجَمَع هِمَّته، واستقبله بتوبة نصوح، وباستعداد تام لوظائفه العظيمة، من الصلاة وتلاوة القرآن، والذكر والتسبيح والاعتكاف، والصدقة، وترك الذنوب والمعاصي، والعادات السيئة، ورَدَّ الحقوق إلى أهلها - يُرجى له مغفرة الذنوب، والعتق من النيران، والفوز برضا الرحمن؛ كما قال الصادق المصدوق قيلُه - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه))؛ متفق عليه من حديث عن أبي هريرة.

فرمضان شهر مبارك، وموسم عظيم للخير والبركة، والعبادة والطاعة، تفتح فيه أبواب الجنات، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين، وينادي مناد كل ليلة: "يا باغيَ الخير هلُمَّ، ويا باغي الشر أقصِر"، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة، وتُقبل فيه التوبة..

والمؤمن الصادق تتضاعف همته للخير في هذا الشهر الفضيل، ويقبل على ربه - سبحانه وتعالى - وينشط للعبادة، والأعمال الصالحة، ويبادر بها، ويملأ أوقاته بما يرضي ربه، ويبتعد عن كل ما يسخطه- سبحانه - أو يبطل صيامه، أو يُنقص أجره؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرة: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفُث يومئذ، ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم؛ والذي نفس محمد بيده، لخَلوفُ فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)).

وعنه عند البخاري، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).

والاستعداد لرمضان، يتفاوت فيه المكلفون تفاوتًا عظيمًا، بحسب الغاية المقصودة بتلك الأعمال؛ قال – تعالى -: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾[الليل:4]؛ فيكون عند المؤمنين - أولًا - بمحاسبة النفس على تقصيرها في الواجبات، أو التقصير وفعل المحرمات، والانغماس في الشهوات والشبهات؛ ليُقَوِّم سلوكه، ويحققَ غاية الصيام العظمى، وهي التقوى، مع منع النفس من الاسترسال في المعصية صغيرها وكبيرها، وغض البصر عما حرم الله، وكفّ السمع عن المعازف وغيرها من المحرمات، وحجز النفس عن أكل أموال الناس بالباطل، وعن أكل الربا والرشوة وغيرها ذلك.

وهذا هو هدي سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين، ومن سار على هديهم.
فالواجب على الدعاة، وطلاب العلم، والآباء والأمهات في البيوت، النصح ُللمسلمين، وبيانُ خطورة أجهزة الإعلام المرئية، وأنها تُذهب الحسنات، وتجلب السيئات، وتُشغِل المسلم بالفوازير والمسلسلات، والأفلام والمباريات، عن كثير من العبادات، حتى صار شهر الصيام والقيام والتهجد والاعتكاف والصدقة وقراءة القرآن والذكر والعبادة- شهرَ الانغماس في الشهوات، أو النوم بالنهار وتضيع الصلوات أو الجماعات، ثم اللهو بالليل.

أما سبل توعية الناس بفضل شهر رمضان ووظائفِه المتعددة، وتحذيرِهم من قُطاع الطريق على الطاعة، أصحابِ الفن الرخيص، والإعلام الخسيس - فبالدعوة والتوعية؛ وذلك بتحري الأساليب التي يُرجى منها حصول الخير والفائدة والسلامة، وإفادةِ المدعوِّ، وقبولِه الحقَّ، والكف عن الشر، مع الحذر من نفور الناس عن الحق، أو تحوُّل المنكر إلى ما هو أنكر منه، ويتطلب ذلك حكمة الداعي، بتحري الكلمات المناسبة، والأوقات المناسبة، والأسلوب المناسب؛ قال الله – تعالى -: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.

ووسائل الدعوة كثيرة غير محصورة، أعظمها: كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. ﴾

ومنها: الوعظ المباشر والمشافهة، أو باستخدام الشريط والكتيبات، وتوزيع مطويات عن أحكام الصيام وزكاة الفطر.

ومنها: الاستفادة من تواجد الناس بالمسجد، وإلقاء كلمة بعد العصر، وأثناء صلاة التراويح، ويمكنك الاستفادة من كتاب: (مجالس شهر رمضان) للشيخ ابن عثيمين، وشرح مختصر لأحاديث الصيام، والتحذير من مفسدات الصيام، ومحبطات الأعمال.

ومنها: عمل مجلة حائطية يوضح فيها كل ما من شأنه تزكية النفس، وفضل الصيام والقيام وقراءة القرآن والاعتكاف، وفضل العمرة في رمضان، ويمكنك الاستفادة من كتاب: (رياض الصالحين).

أما الاستعداد لرمضان عند شياطين الإنس، وأهل النفوس الخبيثة، والعادات القبيحة من الشياطين الإِنسية فهو - أيضًا - على قدم وساق، فيهتمون - أيضًا - باستقبال رمضان، ولكن بشكل آخر، بالمسلسلات، والأحاجي الماجنة والساقطة والمشتملة على المحاذير الشرعية، كالاختلاط والموسيقا، وتضيع الأوقات في ما يحلق الدينَ، ويصد عن صراط الله المستقيم، ويجلب العار والخزي في الدنيا والآخرة، فيزين شياطين الإنس الباطل، ويزخرفونه ويجعلونه في أحسن صورة؛ ليغتر به السفهاء، وينقاد لهم الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، فيميلوا مع الشهوات المزخرفة والمموهة؛ كما قال – تعالى -:﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 112، 113].



توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟