وهي الرؤيا الصادقة التي يجعلها المَلَك في مخيّلة الإنسان المؤمن، وتكون من المبشّرات،
وهي رؤيا تتحقق فيما بعد أو يكون لها ثمرة طيبة كرؤيا الشاعر شرف الدين البوصيري لمّا أصيب بالشلل
ولزم فراشه زمناً طويلاً وبدأ نظم قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم مطلعها:
أمِن تَـذَكُّرِ جيـرانٍ بِذي سَـلَمِ مزجْتَ دمعاً جرى من مُقلةٍ بِـدَمِ
أم هبّتِ الريـحُ من تِلقاءَ كاظمةٍ وأومضَ البرقُ في الظلماءِ من إضَمِ
ولما وصل إلى قوله:
ومَبلَـغُ العِـلمِ فيـهِ أنُّهُ بشـرٌ ................................
سكتَ فلم يستطع أن يكمل البيت، فنام فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا قد زاره في بيته
وسأله عن حاله، فاشتكى إليه البوصيري من عدم تمكنه من إتمام هذا البيت، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أكمله هكذا:
................................ وأنـهُ خيـرُ خَلْـقِ اللهِ كُلِّهِـمِ
ثم ألبسه النبي عليه الصلاة والسلام بُردة، ومسح المكانَ المشلولَ بيده الطاهرة، فقام البوصيري من نومه دهشاً مسروراً
وقد شفاه الله تعالى من مرضه، فسمّى القصيدة بـ "البردة". ذكر هذه القصةَ كثيرٌ من العلماء والفلسفة والمتصوّفة، وأخذوا بها على أنها نموذج للرؤيا الصادقة التي يراها المؤمن، كـ"ابن خلدون" و"ابن رشد"، و"ابن سينا" المشهور بتأويل الرؤى،
والشيخ العارف بالله "عبد الغني النابلسي" رحمهم الله تعالى أجمعين، كلهم نقلوا هذه القصة وعوّلوا عليها بأنها
من الرؤيا الصادقة المبشّرة التي يراها المؤمن.
فالرؤيا الحق هي رؤيا لا شك فيها ولا خلاف أبداً، وهي من المبشرات ولها تأويل، وهي كشف روحي باطني،
وإلهام رباني، ولا تكون للإنسان إلا عندما ينـزه باطنه (قلبه ونفسه) عن الرذائل والغفلات،
وتفنى سرائره عما سوى الله، فيرى الفاعل الحقيقي في هذا الوجود والمتصرف في شؤون الخلق هو الله سبحانه،
فتأتي الرؤيا لتكون له نوراً يسدد طريقه ويكشف له الغامض من الأمور، وتكون لها ثمرة في حياة المؤمن.
والرؤيا الصالحة تكون عوناً للإنسان عند الشدائد واليأس، فتكون له قوة وتمكيناً على مواجهة الشدائد والصعوبات.
اتمنى ان اكون قد فهمت سؤالك