هل وجدت مريضًا يعالج نفسَه بنفسه؟
قد جاءتْك الفرصة أيَّتها الزوجة الفاضلة, فلِمَ لا تُحسنين استغلالَها؟!
اجلسي معه وحدّثيه برفق حول كيفيَّة الخلاص من سُبل الهلاك, واقترحي عليه بعض الأفكار الَّتي تقرّبُكما من بعضكما، واقترحي عليه برامج عمليَّة؛ كالخروج للتنزُّه في أماكن بعيدة وقضاء وقت ممْتِع بعيدًا عن جوّ البيت, أو كممارسة هواية معيَّنة تشجِّعينه عليْها وتأخذ من وقته وطاقته الشَّيء الكثير.
تقولين: "لا يوجد حوار بيْننا فهو صامت لا يتكلَّم معي بحجَّة أنَّه ما عنده شيء يتكلَّم فيه".
يا أختي، استغلّي صمتَه في التحدُّث فيما تريدين، وستجِدينه مستمعًا جيّدًا - إن شاء الله.
الشَّخص البصري يكون غالبًا قليل الكلام, يعتمِد على النَّظر ويركّز على المظاهر, فادخُلي إليه من هذا المدخل.
ليكن مظهرُك دائمًا جذَّابًا بل وفتَّانًا, غيِّري من نفسك كثيرًا: لون الشعر وطريقة تصْفيفه, نوع الثّياب, غيِّري أثاث البيت, الشَّخص البصري يحبّ هذا وتسْتَهويه تلك الأمور وتدخِل على نفسه البهجة والشُّعور بالرِّضا, مازلت صغيرة جدًّا، فلم لا تستغلّين طاقتك في مثل هذه الأمور؟
تعلَّمي فنَّ الحوار وابدئي معه حوارات حول أحلامِكما ومستقْبَلِكما, واطلُبي منه إجابات حول بعض الأمور كنوع من فتْح باب النقاش بيْنكما.
أحْضِري بعض الكتُب المسلّية؛ ككتب الألغاز مثلاً واطلُبي منه أن يسألك مرَّة وتسأليه مرَّة.
جرّبي أن تطلبي منْه أن تلعبا معًا، نعم تلْعَبان كما يلعب الأطفال.. ما المانع؟!
تذكَّري بعض الألعاب الشَّيّقة الماتعة واطْلُبي منه أن يُشارِكَك فيها, نريد أن يبتعِد عن التِّلْفاز أو المسنجر شيئًا فشيئًا.
تأمَّلي كلَّ ما يعجبه واجعلي تركيزَك عليه, فإنْ أظهر استِحْسانًا لفعل ما, فكرّري هذا الفعل وواظبي عليه؛ أعني: أن تتلمَّسي احتياجاته بدقَّة متناهية, يا أختي هذا زوْجك, ومن أغلى من الزَّوج؟!
الأمر واسع ولا يسعُه رسالة أو استشارة عابرة، لكن أذكّرك فقط أنَّ ما عليه زوجك الآن هو حصيلة سنوات من التفكّك والضياع، وأنت بحاجة لسلاح قويّ يكون لك خيرَ معين على تحْقيق هدفك السَّامي النَّبيل, ولا أجد لك سلاحًا أنفع من الصَّبر, ستأتي عليْك بعضُ لحظات اليأس, فذكِّري نفسَك أنَّ الأمر بحاجة لوقت، وأنَّ هناك من الزَّوجات مَن صبرت ما يزيد على عشر سنوات ثمَّ تحقَّق الحلم وحقَّقت أعلى درجات النَّجاح, فقد صار زوجها الفاسق داعيةً إلى الله بفضل صبرِها وإخلاصها.
حاولي ربطه بالله - تعالى - وتقْريبه إلى طريق الهداية؛ بأن تطلبي منه أن يصْحَبَك لبعض دروس العلم, كدروس الشَّيخ "محمد العريفي", أو من تشعُرين أنَّ له أسلوبًا طيّبًا في الدَّعوة إلى الله, فاذهبا إلى المسجد يومًا كلَّ أسبوع لسماع محاضرة في جوّ المسجد الطَّاهر, ولا تُكثري أنت من الحديث معه حول حُرمة ما يفعل, مكتفِية ببعض الإشارات القليلة ولْتدعي ذلك لأهل الدَّعوة من العلماء.
أركّز في نهاية حديثي على نقطة هامَّة تغفل عنها كثيرٌ من الزَّوجات, بل يغفل عنها كثير من النَّاس, ألا وهي: الدّعاء, والله - تعالى - قد ذكَّرنا به في أكثر من موضع في القرآن الكريم, لكنَّا نستبعده دائمًا, لا أدري لماذا؟!
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].
وعن أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ادْعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنَّ الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاه))؛ رواه الترمذي وصحَّحه الألباني.
وفَّقك الله لكلِّ خير وفلاح، وأصْلَح لك زوْجَك وجَمعك به في الفِرْدوس الأعلى من الجنَّة.