الموضوع: درس البراءة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-08-01, 1:33 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي درس البراءة
درس البراءة
د. حجازي عبدالمنعم سليمان



لو أنِّي أعود طفلاً صغيرًا بين السَّنة والسَّنتين مرَّة أخرى، أتراني بم كنت سأفكِّر؟ وهل كنتُ سأفكِّر حقًّا في مثْل ذاك العمر؟

أمر غريب جدًّا أن أعود بذاتي إلى الماضي محاولاً سبْر أغْوار مثْل تلك المرْحلة من حياتي، بالرَّغم من أنَّني أعلم مسبقًا أنَّني لن أنجح في ذلك؛ لكثير من العوائق، ولكن الأغرب أنَّنا لا نفكِّر في مثل ذلك السؤال، وإنَّما غالبًا ما نفكِّر في فترة الشَّباب أو الطُّفولة الَّتي نقلتنا إليْها مباشرة.
ولكن وليكُن ما يكون، فلأسألْ نفسي ما شئت، ولكن ما دافعي لأمر كهذا؟ ربَّما لأنني فكرت ذات مرَّة وولدي يُداعبني بنظراتٍ ملْؤُها الحنان واللَّهفة والحبّ والصِّدق والبراءة فيما يفكِّر، كنتُ أنتظر إشاراتِه وأتتبَّع بعيني وقلبي ابتساماتِه وذهابه وإيابه، وردّ فعله لنظراتِي المُلاحِقة لخطاه أيْنما ذهب أو ولَّى، فأقول: آه لو أني أفهم أو أستوعب ما في داخلك! أو أسبر مكنونات ذاتك، أو أعلم ما يملأ قلبَك، أو يسيطر في هذه اللحظة على ذهنك!
إنَّه نقيّ جدًّا لدرجة تَجعلني أغار من ذاك النَّقاء، وصفيّ جدًّا حتَّى إني أنكرت جحودي، وبَريء بحيث عكس خبثي، لم لا أكون مثلَك كي لا تشبَّ فلا تكون شبيه أبيك في صفة غير حميدة؟ أريد أن أكون مثلك حتَّى أصطبغ بصفاتك، بل أتَمنَّى لو لم تتدرَّج أحاسيسي ومشاعري بحيثُ أصل إلى نقْطة أشعر فيها بالخوْف عليْك من هذا الزَّمن.
فالخير فيك يا ولدي، والبراءة التي تطلُّ من عينيك حلمُ هذا العالم، والطِّيبة والقناعة واحترام الأكْبر وسماع الكلِمة والصِّدْق والأمل والحلم وغيره ممَّا تتَّصف به غاية مُرادي ومراد مَن حولي؛ لذا أسألك: كيف أكون مثلَك لا أن تكون مثلي؟ وكيف أربِّيك حتَّى تظلَّ سليقتُك كما خلقها ربِّي، إنَّك بلسم يُعطي لكلِّ بيت أملَ البراءة والمستقبل، إنَّك وأطفال على غرارِك ستكونون في هذا الموضع في المستقْبل، وأرغب في أن لا تُصيبَك حيرتي وأسئِلتي.
كن طفلاً صغيرًا وكبيرًا، اكبر ولكن كبِّر الجسد والعقل والمشاعر، ولكن ابقَ على سليقتِك وبراءة الأطفال في عينيْك، فلا تكُن كاذبًا أو مخادعًا؛ فما أكثرَهم! ولن تزيدَهم سوى رقم، بل كُن كما أنت؛ لأنِّي أُقْسم أنِّي أحلم بيومٍ واحد، بل ساعة، بل أقلَّ، أكون فيها في مثل موضِعِك.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟