[ابوشهاب]

واما مجاهده اهل الفسوق والعصيان:
فهي ايضا من اهم واجبات المسلم نحو دينه ووطنه..لان الاخلاق اذا انحطت وصارت حطاما كانت سببا كبيرا في ضياع الامم..ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " اٍنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق".
ومن هنا كان لا بد ان نحافظ على هذا الخلق الكريم الذي هو اساس نهضتنا وسعادتنا , وهو عنوان عزتنا وكرامتنا , والذي من اهمه الالتزام بمبادئ ديننا الساميه الثابته في كتاب الله تعالى وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم التي خلاصتها قول الله تعالى: (اٍن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) .
(والعصر* ان الانسان لفي خسر* اٍلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقف على ناس جلوس فقال لهم: "الا اخبركم بخيركم من شركم؟"قال ابو هريره _راوي الحديث_ فسكتوا..فقال ذلك ثلاث مرات ..فقال رجل: بلى يا رسول الله..اخبرنا بخيرنا من شرنا..فقال: "خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره , وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره"رواه الترمذي والبهيقي .
وقوله صلى الله عليه وسلم: " المسلم اخو المسلم..لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.. التقوى ههنا_ ويشير الى صدره ثلاث مرات_ بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم..كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون كرجل واحد ..اٍن اشتكى عينه اشتكى كله , واٍن اشتكى راسه اشتكى كله"رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم لابي ذر رضي الله تعالى عنه : " اتق الله حيثما كنت , أتبع السيئه الحسنه تمحها , وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذي.

ولهذا كانت الصلاه التي هي عماد الدين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم اساسا لهذا الخلق الكريم..وفي هذا يقول تعالى: (..اٍن الصلاه تنهى عن الفحشاء والمنكر).
وكذلك الصيام ما كتبه الله تعالى علينا كما كتبه على الذين من قبلنا الا لكي نتعود عن طريقه مراقبه الله تعالى في جميع اعمالنا الدنيويه والاخرويه..وفي ذلك يقول تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
وايضا الزكاه ..ما شرعت الا لتطهيرنا وتزكيتنا..وفي ذلك يقول تعالى: ( خذ من اموالهم صدقه تطهرهم وتزكيهم بها..).
وكذلك الحج..لا بد وان يكون الحاج فيه مجتنبا للرفث والفسوق والجدال..وفي ذلك يقول تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ولهذا كانت كل هذه العبادات مرفوضه عند الله سبحانه وتعالى الذي (...يعلم السر واخفى) اٍذا لم تؤد الهدف الاسمى من مشروعيتها.. وحسبنا اذا اردنا دليلا على هذا ان نقرأ مثلا قوله تعالى في حديث قدسي: " انما اتقبل الصلاه ممن تواضع بها لعظمتي , ولم يستطل على خلقي , ولم يبت مصرا على معصيتي , وقطع النهار في ذكري , ورحم المسكين , وابن السبيل , والارمله, ورحم المصاب ..ذلك نوره كنور الشمس , اكلؤه بعزتي , واستحفظه ملائكتي , اجعل له في الظلمه نورا, وفي الجهاله حلما..ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنه"اخرجه البزار. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في ان يدع طعامه وشرابه"رواه البخاري واحمد والترمذي وابو داوود. وقال ايضا عليه الصلاه والسلام : "من حج فلم يرفث , ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه"رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
وقول الله تعالى: (...لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى..).
فلاحظ كل هذا مع ملاحظه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اٍن الفحش والتفحش ليسا من الاسلام في شيئ, واٍن احسن الناس اسلاما احسنهم خلقا"رواه الترمذي.
وأنه ليس من الاسلام:
- ان يكون المرء نماما, او مغتابا , او لعانا , او سبابا , او غاشا , او خائنا.
- ان يكون المرء ناقضا للعهد , مخلفا للوعد , متكبرا جبارا , عنيدا مماطلا في حقوق الناس.
واٍنما المسلم الحق:
- من اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع مله ابراهيم حنيفا.
- من سلم المسلمون من لسانه ويده..بحفظ العرض والدم والمال.
-من لا يحرّف الكلم عن مواضعه..بل يحل الحلال ويحرم الحرام.
- من تراه واقفا عند حدود الشرع , ممتثلا امر ربه تعالى.
- من اذ ذكر الله وجل قلبه , وخشعت نفسه , وفاضت عينه.
- من آمن بكل ما جاء به القرآن الكريم علما وعملا.
- من يعرض عن اللغو والباطل , ويرعى العهد والميثاق.
- من يرضى بحكم الله تعالى وقضائه , وبحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في كل فعله وقوله.
- من يتخذ المؤمنين اولياءه واخوانه واعوانه.
- من يمقت الذله والمهانه , ويأبى الا العزه والكرامه.
- من يلتزم الصدق , ولا ينكر الحق ولو على نفسه.
- من سلطان للشيطان عليه..بل السلطان عليه هو الضمير.
- من يهجر المناهي والملاهي, وكل ما لا يرضى العاقل.
- من يحب لاخيه ما يحب لنفسه , ويكره له ما يكره لنفسه.
ولا تنس قوله تعالى: (اٍنه من يأت ربه مجرما فاٍن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى).
واحرص على ان تكون متخلقا بهذه الاخلاق الكريمه , وكن قدوه صالحه لغيرك حتى تكون اهلا لاعلاء كلمه الله تعالى..واٍلا كان وعظك وارشادك لهم لا تأثير له..لانه كما يقولون: (اذا خرج الكلام من القب وصل الى القلب , اما اذا خرج من اللسان فلا يتجاوز الاذان) , ولن يخرج الكلام من القلب الا اذا كان هذا القلب عامرا بالايمان , ومشحونا بشحنه كبيره من هدى القرآن , وسنه النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه,,وحسبك تذكيرا لك ان تقرأ قول الله تعالى: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم..) (كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "مررت ليله اسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت: من انتم؟ قالوا: كنا نأمر بالخير ولا نأتيه , وننهى عن المنكر ونأتيه".
وتذكر ما قاله الله سبحانه وتعالى لسيدنا عيسى على نبينا وعليه الصلاه والسلام كما ورد في الاثر: يا عيسى ..عظ نفسك..فاٍن اتعظت فعظ الناس واٍلا فاستحي مني.
واذا كان هناك من يحيد عن هذا الخط المستقيم , والخلق القويم..فهو خطر علينا وعلى امتنا ..بل وعضو فاسد في مجتمعنا, ومن الواجب على كل مسلم ان يقاومه ويجاهده..يجاهده بيده اذا كان حاكما..لانه وحده الذي يملك السلطه والقوه..ويجاهده بلسانه اذا كان عالما بالكتاب والسنه ويستطيع ان يبرهن على كلامه بالدليل العقلي والنقلي..ويجاهده بقلبه اذا لم يكن سلطانا او عالما..وليس في استطاعته ان يفعل شيئا غير هز رأسه وتضرعه الى الله سبحانه وتعالى قائلا ودموعه تتساقط من عينيه , وقلبه يتمزق الما وحسره : اللهم اٍن هذا عمل باطلا فغيره.
وبهذا يأمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده..فاٍن لم يستطع فبقلبه ..وذلك اضعف الايمان"رواه مسلم.
فقد ورد في هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف , ولتنهون عن المنكر , او ليوشكن الله ان يبعث عليكم عذابا من عنده ثم لتدعنه ولا يستجاب لكم"رواه الترمذي.
كما ورد ايضا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي , ويقدرون على ان يغيروا عليه ولا يغيرون , الا اصابهم الله منه بعقاب قبل ان يموتوا"رواه الترمذي وابن ماجه.
وايضا: " اٍن الله تعالى لا يعذب العامه بعمل الخاصه , حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروه فلا ينكروا..فاٍذا فعلوا ذلك عذب الله العامه والخاصه"رواه في شرح السنه.

واذا كان هناك من لا يأمر بمعروف , ولا ينهى عن منكر مستندا الى قول الله تبارك وتعالى : (عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اٍذا اهتديتم..). فاٍليه هذا الحديث:عن ابي اميه الشعباني قال: اتيت ثعلبه الخشني فقلت له:كيف تصنع في هذه الايه؟ قال: ايه آيه؟ قال: قوله تعالى: (عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اٍذا اهتديتم)قال : اما والله لقد سألت عنها خبيرا..سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر..حتى اذا رايت شحا مطاعا , وهوى متبعا , ودنيا مؤثره , واعجاب كل ذي رأي برايه..فعليك بخاصه نفسك, ودع عنك امر العوام..فاٍن من ورائكم ايام الصبر.. الصابر فيهن مثل القابض على الجمر.. للعامل فيهن اجر خمسين رجلا منكم" رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: "اوحى الله عز وجل الى جبريل عليه السلام ان اقلب مدينه كذا وكذا باهلها..فقال:يا رب ان فيهم عبدك فلانا لم يعصك طرفه عين..قال: فقال اقلبها عليه وعليهم..فاٍن وجهه لم يتمعر في ساعه قط"رواه البهيقي.
كما ورد ايضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: "اٍن الله عز وجل يسأل العبد يوم القيامه فيقول: مالك رأيت المنكر فلم تنكره؟ فيلقن حجته فيقول: يا رب خفت الناس ورجوتك"رواه البهيقي.
فلاحظ كل هذا مع العلم بان الله سبحانه وتعالى ما جعلنا خير امه اخرجت للناس الا لاننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر..بعكس الذين لعنوا (..من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون).
وقد قال الله تبارك وتعالى ممتنا بهذه الخيريه: (كنتم خير امه اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر..).
فكن من اهل هذه الخيريه , وكن شجاعا في رفع صوتك بكلمه الحق , ولا تخش في الله لومه لائم , وقل الحق وأن كان مرا كما اوصاك الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيه من وصاياه : "....واعلم ان الامه لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيئ لم ينفعوك الا بشيئ قد كتبه الله لك , وان اجتمعت على ان يضروك بشيئ لم يضروك الا بشيئ قد كتبه الله عليك.."




يتبع....جهاد الكفار