فقال رجل من القوم الآخر : يا أمير المؤمنين ألا أخبرك بمثل هذا وأعجب منه ؟ قال : بلى , قال : فإن رجلا من هذيل ورث فخذه التي هو فيها , حتى لم يبق منهم أحد غيره , فجمع مالا كثيرا فعمد إلى رهط من قومه , يقال لهم : بني المؤمل فجاورهم ليمنعوه , وليردوا عليه ماشيته , وأنهم حسدوه على ماله ونفسوه ماله , فجعلوا يأكلون من ماله , ويشتمون عرضه , وأنه ناشدهم الله والرحم إلا عدلوا عنه ما يكره , فأبوا عليه , فجعل رجل منهم يقال له : رباح , أو رياح يكلمهم فيه , ويقول : يا بني المؤمل , ابن عمتكم اختار مجاورتكم على من سواكم , فأحسنوا مجاورته , فأبوا عليه فأمهلهم حتى إذا كان الشهر الحرام دعا عليهم , فقال :
اللهم أزل عني بني المؤمل * وارم على أقفائهم بمنكل
بصخرة أو عرض جيش جحفل * إلا رباحا إنه لم يفعل
قال : فبينما هم ذات يوم نزول إلى أصل جبل انحطت عليهم صخرة من الجبل , لا تمر بشيء إلا طحنته , حتى مرت بأبياتهم فطحنتها طحنة واحدة , إلا رباحا الذي استثناه , فقال : سبحان الله إن في هذا لعبرة وعجبا ,