عاد إلى منزله وقد طعن بسيوفِ الإرهاق، والجوعُ قد أنشب أظافره في معدته، دخل البيت وكانت المفاجأة!!
الغداء لم يجهز بعد!
قامت قيامته، استشاط غضباً وفقد صوابه..
أزبد وأرعد، سب وشتم! كل هذا بسبب خمس دقائق تأخير!
وسنحاول أن نبحر في عقلية هذا الزوج بحسب نظرية المعنى حتى نقف على سبب رعونته وحمق تصرفه!
نظرية المعنى تقوم على معادلة بسيطة لو استطعنا فهمها لهدأت نفوسنا واستراحت عقولنا ولعشنا حياة جميلة هانئة ولكسبنا قلوب الآخرين واحترامهم!...
النظرية تقوم على هذه المعادلة السهلة: الحدث+ المعنى= ردة الفعل،
والخطورة كل الخطورة في المعنى!
الحدث في قصة الزوج هو تأخر الزوجة في إعداد الطعام والأحداث لا مرد منها والعبرة بالمعاني التي نعطيها للأحداث وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، فبحسبها تكون ردات الفعل، فالزوج أعطى معاني سلبية للحدث (تأخر الغداء)، فلربما ظن متوهماً أنها لا تحترمه وأن ليس له قدر عندها وتجاوز ذلك في استحضار حالات مماثلة لا تتجاوز أصابع اليد، وأضفى عليها صفة العموم مقابل مئات المرات التي كانت فيها الأمور على ما يحب!
ومن المعاني تكون ردات الفعل وقد تكون مشاعر أو سلوكاً، فالمعنى السيئ كما في حالة صاحبنا أعطى سلوكاً سيئاً (سب وشتم وتطاول)، إذ أن المعنى السلبي غالباً يعطي سلوكاً طائشاً أحمق ومشاعر كره وحقد.
]وقفة.. [/COLOR]
ليس للأحداث التي نمر بها ليلاً ونهاراً دور مباشر على سلوكياتنا!..
فنحن من يتحمل مسؤولية تصرفاتنا وذلك بحسب ما نعطيها من معان فلو أن الزوج تريث وأعطى معنى إيجابياً من قبيل أن ظرفاً طارئاً حصل أو حتى أن الأمر فيه شيء من التقصير كطبع البشر (وهو أولهم) ولم يصل لدرجة العادة!
أو أنه قال هي دقائق وفرصة لي أستفيد منها في قراءة صحيفة أو متابعة الأخبار!
ولو أنه تحلى بفضيلة التغاضي وتذكر أن الكرام لا يستقصون، أو أنه امتثل للحكمة التي تقول: (الرجل الذي لا يغفر للمرأة هفواتها الصغيرة فلن يستمتع بفضائلها الكبيرة)، لو استحضر هذه المعاني العذبة لما ظهر بهذه الصورة البشعة.
إشراقه:
إن المعاني الجميلة غالباً لا تزهر في مساحات التفكير الضيقة فكلما أعطينا وقتاً أطول بين الحدث (المؤثر( والاستجابة (ردة لفعل) كلما كان المعنى أكثر رقياً وإنصافاً!
إن الإنسان هو الذي يمنح نفسه الحزن والسرور والهم والفرح فإن أراد فسيصنع منها نفساً ضاحكة مستبشرة وإن أراد جعلها كاسدة مظلمة![/
خالد المنيف