
2010-07-11, 8:11 PM
|
- إِقامَةُ الشُّهُودِ علىٰ الكفرَةِ والمنافِقين :
أعظمُ الشهداءِ في يوم المعادِ على العِبادِ هو ربُّهم وخالقُهم وفاطرُهم سبحانه وتعالى ، الذي لا تَخفَىٰ عليهِ خافيةٌ من أحوالِهِم ، قال تعالى : { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ }[ يونس : 61]، وقال عز وجل : { إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا }[النساء : 33 ] .
ولكن اللهَ يحب الإعذارَ على خلقِه ، فيبعث من مخلوقاتِهِ شهداءَ على المكذبين الجاحدين حتى لا يكونَ لهم عذر ، { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }[غافر : 51 ] ، { وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء }[الزمر : 69 ] .
وأولُ من يشهدُ على الأممِ رسلُها ، فيشهدُ كلُّ رسولٍ على أُمَّتِهِ بالبلاغ ، { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا }[ النساء : 41 ] ، { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء }[ النحل: 89 ].
وقوله : { شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ } ، هم الرسل ، لأن كلَّ أُمَّةٍ رسولُها منها ، وكما يشهدون على أُمَمِهِم بالبلاغِ يشهدون عليهم بالتكذيب ، { يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَعِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }[المائدة : 109]، قال ابن عباس :" لا علمَ لنا إلا علمٌ أنت أعلمُ به منا " .
وهو من باب التأدب مع الله عز وجل ، أي لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء ، فنحن وإن كنا أجبنا وعرفنا ما أجبنا، ولكن منهم من كنا إنما نَطَّلع على ظاهره ولا علم لنا بباطنه ، وأنت العليم بكل شيء ، المطلع على كل شيء ، فعلمنا بالنسبة إلى علمك لا شيء ، قال تعالى : {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ }[الأعراف : 6-7 ] .
ثم إنَّ الأُمَمَ تُكذِّبُ رُسُلَها ، وتقول كلُّ أُمَّةٍ ما جاءَنا من نذير ، فتأتي هذه الأُمَّة -أُمَّةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم- وتشهدُ للرسل بالبلاغ ، كما قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }[البقرة : 143 ] . ووسطًا أي عدلاً ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري في تفسيره عليه الصلاة والسلام لهذه الآية « وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ » .
ن
|