هناك ما يسمى بالأسلوب الروحي في الكتابة أو الخطابة, وصفة الروحي هنا تعني إدراك الصلة بالله الواحد القهار.
أما لفظ روحاني تمييزاً لصفة الروح التي هي سر الوجود والحياة, فهي غير مناسبة في هذا الموضع.
فالروحانية هي عند الغربيين وتسمى سيكك psychic ويقولون أن الشخص يكون روحانياً ويعلم أموراً تخفى عن آخرين ويشعر بأمور لا يشعرها غيره وهكذا. وهذا موجود أيضاً في ثقافات البوذيين وحضارات الشنتو وغيرهم من حضارات الشعوب الآسيوية. وعقيدتهم مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالروح. وما يوقوله أن الإنسان مكون من جسد وروح. وبقدر ما يبتعد الإنسان عن الدنيوية والحياة ومشاغلها, بقدر ما يسمى بروحه. وهو موجود عند النصارى نوعاً ما, بما يسمونه تعذيب الجسد. وهذا ما يعتقدوه بالنسبة لمسألة صلب المسيح عليه الصلاة والسلام. وهذه الأمور كلها منافية للإسلام.
فالإسلام لم يطلق مسمى الروح على أنها إحدى مكونات الإنسان. يعني جسد +روح = إنسان. بل الروح هي سر الوجود, وسر الحياة وامتنع الرسول عن جواب ما هي, فأمرها عند الله. أما المعنى الآخر للروح عند المسلمين فهو إدراك الإنسان صلته بالله. وعلى قدر إدراك الإنسان تلك الصلة بخالقه يسمى ذلك الرابط الروحي ويرتفع. وهذا ما ثبت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بالإشارة الى تقرب العبد من ربه
وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء الفرائض وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه إن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته
وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه
أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ هم خير منهم وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعاًوإن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
فهنا نرى أن مقدار تقرب العبد يقاس باتصاله بربه وإدراكه لهذه الصلة. فينعم الله عليه بأنعم لا يعلمها إلا هو. فمرة فراسة ومرة فطنة ومرة قدرة على التحليل والتفنيد والتوقع (وليس التنبؤ والعياذ بالله) والإحاطة بمجريات الأمور. وما يندرج تخت الفراسة كثير في الحقيقة ومنه الإلهام وتفسير الرؤى والأحلام ومعرفة نفوس الأشخاص ... ولنا في الصحابة والخلفاء أمثلة على ذلك
وهذه هي الروحية -وليست الروحانية- في الإسلام. وهذا هو الفرق بين ثقافتنا وثقافة غيرنا حين يتكلمون عن الروحانية حيث تختلط بأمور الإسلام منها كالصفحة البيضاء الصافية النقية لا يشوبه شائبة.