وآخرون ببطن الأرض أحياء!
وحيد حامد الدهشان
فِي رُكُودٍ يُشْبِهُ المَوْتَ البَطِيءْ
كَانَ يَحْيَا فِي هُدُوءْ
كَانَ يَصْحُو كُلَّ يَوْمٍ فِي الصَّبَاحْ
مِثْلَمَا تَصْحُو دُيُوكُ الفَجْرِ
لَكِنْ لا صِيَاحْ
يَرْتَدِي الزِّيَّ المُنَاسِبْ
قَبْلَ مِيعَادِ الرَّوَاحْ
مِثْلَ أَطْفَالِ المَدَارِسِ
يَحْتَسِي كُوبَ الحَلِيبْ
يَحْتَسِيهِ مُنْذُ أَنْ كَانَ صَغِيرًا
حَسْبَ مَا قَالَ الطَّبِيبْ
ثُمَّ يَمْضِي مِثْلَمَا يَمْضِي أُلُوفُ الكَادِحِينْ
فِي ثَنَايَا المَوْجِ فَرْدًا يَمْتَطِي ظَهْرَ السَّفِينْ
بَيْنَ آلافِ البَشَرْ
تَارَةً يَبْدُو نَشِيطًا ... تَارَةً يَشْكُو الخَوَرْ
يَقْطَعُ السَّاعَاتِ فِي شُغْلٍ حَرِيصًا مُسْتَكِينْ
هَكَذَا يَقْضِي نِظَامُ العَامِلِينْ
فِي خِتَامِ اليَوْمِ يَأْوِي
مِثْلَمَا يَأْوِي البَرَايَا لِلبُيُوتْ
لا يَمَلُّ الصَّبْرَ
لا يَرْضَى بَدِيلاً لِلسُّكُوتْ
كَانَ مَجْبُولاً عَلَى عِشْقِ السَّلامَهْ
لَمْ يَكُنْ يَوْمًا جَسُورًا
مُنْذُ كَانَتْ أُمُّهُ تَنْوِي فِطَامَهْ
كَانَ يَوْمًا غَيْرَ مَشْهُودٍ
وَكَانَ الطَّقْسُ فِي حَال اعْتِيَادْ
زَوْجَةُ البَوَّابِ كَانَتْ فِي مَخَاضْ
حِينَ فَاضَتْ رُوحُ عَبْدٍ
كَانَ يَحْيَا فِي هُدُوءْ
صَحْوُهُ مِثْلُ الرُّقَادْ
مِنْ حَنَايَا الصَّمْتِ جَاءَتْ صَرْخَتَانْ
صَرْخَةٌ ثَكْلَى وَأُخْرَى أَعْلَنَتْ
إِقْبَالَ ضَيْفٍ جَاءَ تَوًّا لِلحَيَاهْ
فِي صَبَاحِ اليَوْمِ رَاحُوا فِي أَنَاهْ
سَجَّلُوا هَذَا هُنَالِكْ
فِي سِجِلاَّتِ الوِلادَةِ
سَجَّلُوا الثَّانِي هُنَالِكْ
فِي سِجِلاَّتِ الوَفَاهْ
ظَلَّ تَعْدَادُ البَرَايَا فِي المَدِينَهْ
دُونَ تَغْيِيرٍ وَبَاتَ الكُلُّ
فِي حِضْنِ السَّكِينَهْ.