د. محمد رفعت زنجير
ذَهبَ العُمْرُ غُربةً واكْتِئابا
وَقَضَيناهُ جَيْئةً وَذَهَابا
وَأَتانا مِن دَهرِنا نَائباتٌ
شَيَّبَتْنا وَما عَرَفنَا الشَّبَابا
حَيثُ سِرْنا أَسِنَّةٌ مُشْرَعاتٌ
وَالدِّمَاءُ الدِّماءُ صَارتْ شَرَابا
لَم يَعُدْ في الوُجودِ أَمنٌ وَحُبٌّ
أَصبحَ الكَونُ في الضَّلالَةِ غَابا
وَالكَرِيمُ الكَرِيمُ أَضحَى مُهاناً
وَاللَّئيمُ اللَّئيمُ أَضحَى مُهَابا
يَا إلهِي، ما لِي بِغَيرِكَ عَونٌ
فَأَجِرني.. فَلَستُ أَرجُو الذِّئابا
وَرَجائي لِغَيرِ ذَاتِكَ شِركٌ
.. كَم رَأَينا مُوَحِّداً مُرتَابا
يَا إلهِي وَخَالِقي وَمَلاَذِي
لا تَدَعنِي إذا النَّصِيرُ تَغَابى
• • •
لا تَدَعني فَقدْ شَبِعتُ جِراحاً
لا تَدَعنِي فَقدْ كُسِيتُ الحِرَابا
أنتَ تَدرِي - يا عَالِمَ السِّرِّ مِنِّي -
مَا عَرَاني، وَإِخوَتي مَا أَصَابا
إنْ خَسِرنا مِن الدُّنَى كُلَّ شيءٍ
حَسْبُنا رِبحاً أنْ حَمَلْنا الكِتَابا
سَوفَ نَمضِي مِثلَ اللُّيوثِ أُباةً
.. عَاشقُ الحُورِ يَزدَري ذا التُّرَابا
• • •
نَحنُ جُندٌ لِرَبِّنا مُذْ وُجِدْنا
فَحَبَانا الهُدَى لنا مِحْرَابا
مَا حَنَيْنا الجَبِينَ إلاَّ لِرَبٍّ
يَمْلِكُ الخَيرَ وَحدَهُ وَالعِقابا
مَن عَرَاهُ بِقُدرَةِ اللهِ شَكٌّ
كانَ أَولَى بِأَنْ يَتُوبَ مَتَابا
وَالذَّكِيٌّ الذكيُّ يَعبُدُ ربًّا
وَالغَبِيُّ الغبيُّ يَهوَى التَّبَابا
كُلَّ يَومٍ يَهِيمُ في أَلْفِ ربٍّ
وَالهَوى رَبُّ مَن يَعافُ الصَّوَابا
• • •
مَا شَرِبْنا مِن أُمِّ لَيلَى مسَاغاً
أوْ عَشِقْنَا مِن أمِّ دَفْرٍ جَنَابا
أوْ لَهَانا عَنِ الهُدَى وَصلُ دَعْدٍ
أو خَلَعْنا في اللَّهوِ عنَّا الثِّيابا
وَاللُّيوثُ الليوثُ تَأْبَى خُضُوعاً
وَاللُّيوثُ الليوثُ تَحْيَا غِضَابا
والشُّجَاعُ الشجاعُ يَطْلبُ حَقًّا
بِظُبَا السَّيفِ، لَيسَ يَرْجُو الذُّنَابَى
وَحَياةٌ مِن غَيرِ هَدْيٍ وَدِينٍ
لا تُساوِي شُعَيرةً أوْ سَرَابا
شَرُّ عَيشٍ عَيشٌ لِبَطنٍ وَفَرْجٍ
ذاكَ عَيشٌ ما عَادَ يُغْرِي الكِلابا
• • •
يا إلهِي، لقَدْ مَضَى شَطرُ عُمْرِي
فَاعْفُ عَنِّي إذَا وُرِيتُ التُّرَابا
لا تَدَعْنِي حتَّى وَلَو طالَ عُمْرِي
كمْ عَجُوزٍ في شَيْبِهِ قد تَصَابَى!