عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-06-25, 6:25 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي إذا عَزَّ أخوك فَهِنْ

إذا عَزَّ أخوك فَهِنْ
ماجد باشا

يُضرَب هذا المثل في التعامُل مع الإخوان ومياسرتهم، ويُروَى بروايتَيْن: "إذا عَزَّ أخوك فَهُنْ"، "إذا عَزَّ أخوك فَهِنْ".

وعلى الأوَّل: "عزَّ" من العِزِّ؛ وهو ضد الذل، و"هُنْ" فعلُ أمر من الهوان، وهو الذلُّ، وهو قول ثعلب وأبي عبيد.
وعلى الثاني: "عزَّ"؛ أي: اشتدَّ، وصلُب، ومنه قول عمر - رضِي الله عنْه -: اخشوشنوا وتمعززوا؛ أي: تشدَّدوا في الدِّين وتصلَّبوا، و"هِنْ" من "هان، يهين" إذا لان، وهو قول إبراهيم بن السريِّ والزجَّاج، ولعلَّ المعنى الثاني هو الأليَق؛ إذ إنَّ العَرَب لا تأمُر بالهوان، ثم إنَّ أصلَ المثل يؤكِّد المعنى الثاني.

وأصل هذا المثل - فيما زعَمُوا - أنَّ الهذيل بن هبيرة أغارَ على أُناسٍ من ضبة، فغنم منهم ما غنم ثم انصَرَف، فخاف أن يُدرِكه الطلب من ضبة، فأسرع مع جنده في السَّيْرِ، فطلَب منه أصحابُه أن يقسم بينهم غنيمتهم، فقال: إني أخاف أن تشغلكم القسمة، فيُدرِككم الطلب فتهلكوا، فلمَّا رآهم أعادوا عليه ذلك مِرارًا، قال: إذا عزَّ أخوك فهن، فأرسَلَها مثلاً، وخضَع لمطالبتهم له بالقسم، وقسم بينهم غنيمتهم.

وفي ملاينة الإخوان ومياسرتهم قال النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: ((ولِينُوا بأيدي إخوانكم، ولا تذَرُوا فُرجات للشيطان))؛ "الجامع الصغير وزيادته".

وحين سُئِل - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: مَن يحرَّم على النار؟ قال: ((الهيِّن الليِّن، السهل القريب))؛ "صحيح الترغيب والترهيب".

ويقول الحمداني - من الطويل - في ملاينة الإخوان:
وَإِنِّي لَأَنْوِي هَجْرَهُ فَيَرُدُّنِي
هَوًى بَيْنَ أَثْنَاءِ الضُّلُوعِ دَفِينُ
فَيَغْلُظُ قَلْبِي سَاعَةً ثُمَّ أَنْثَنِي
وَأَقْسُو عَلَيْهِ تَارَةً وَيَلِينُ
وَقَدْ كَانَ لِي عَنْ وُدِّهِ كُلُّ مَذْهَبٍ
وَلَكِنَّ مِثْلِي بِالإِخَاءِ ضَنِينُ[1]
وَلاَ غَروَ أَنْ أَعْنُو لَهُ بَعْدَ عِزَّةٍ[2]
فَقَدْرِيَ فِي عِزِّ الْحَبِيبِ يَهُونُ



ويقول عبدالصمد بن المعذل:
إِذَا عَزَّ يَومًا أَخُو
كَ فِي بَعضِ أَمرٍ فَهُنْ



ولا شكَّ أنَّ التَّغاضِي عن زلاَّت الإخوان، وغضَّ الطرف عنها، مع بذْل النصيحة - من كمال الخُلُق والدِّين، ثم إنها سببٌ لحفظ الأُخُوَّة، ولقد حَضَّ الشُّعَراء على حِفْظِ الأُخُوَّة؛ فقال مسكين الدارمي:
أَخَاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لاَ أَخًا لَهُ
كَسَاعٍ إِلَى الْهَيْجَا بِغَيرِ سِلاَحِ


ولقد أخَذ معاوية - رضِي الله عنْه - بهذا المَثَل في باب السياسة، فكان إذا صعُب عليه الرعيَّة لان، وفي ذلك يقول: "لو أنَّ بيني وبين الناس شعرةً ممدودة ما انقَطَعت؛ لأنِّي إذا مدوا أرسلتُ، وإذا أرسَلوا مددتُ"، وقال زياد بن أبيه: "إيَّاكم ومعاوية؛ فإنَّه إذا طار الناس وقَع، وإذا وقعوا طار".

أهم المراجع:
1 - أمثال العرب؛ للضبي، ص 137.
2 - نهاية الأرب في فنون الأدب؛ للنويري، ج 3، ص 86.
3 - لسان العرب؛ لابن منظور، ج 5، ص 374.
4 - فصل المقال في شرح كتاب الأمثال؛ للبكري، ص 235، 236.
5 - جمهرة الأمثال؛ للعسكري، ص 65.

ـــــــــــــــــ
[1]- الضنين: هو الرجل البخيل.
[2]- لا غرو؛ أي: لا عجب, وأعنوا له؛ أي: أخضع.



توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟