عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-06-24, 6:23 PM
سارة2008
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 45495
تاريخ التسجيل : 8 - 2 - 2008
عدد المشاركات : 1,609

غير متواجد
 
افتراضي وفي السماء رزقكم وما توعدون
وفي السماء رزقكم وما توعدون
بقلم الدكتور‏:‏زغـلول النجـار



يستهل ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ سورة الذاريات بقسم عظيم بأربع من آيات الله في الكون ــ والله تعالي غني عن القسم لعباده ــ بأن وعده لصادق‏,‏ وأن الدين الإسلامي الذي أنزله علي فترة من الرسل‏,‏ والذي أتمه وأكمله في بعثة خاتم أنبيائه ورسله صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين لحق واقع‏....!!!‏
ثم يكرر ربنا‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ القسم بالسماء ذات الحبك علي أن الناس مختلفون في أمر يوم الدين بين مكذب ومصدق‏,‏ وتستعرض الآيات حال كل من المجموعتين في هذا اليوم العصيب‏,‏ ثم تعود إلي الاستدلال بآيات الله في كل من الأرض والأنفس والآفاق ومنها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون
ثم يأتي القسم الحاسم الجازم برب السماء والأرض ان هذا كله حق‏,‏ كما ينطق المنكرون في هذه الحياة الدنيا‏,‏ وهم يدركون حقيقة ما ينطقون‏,‏ فلا يجوز لهم أن يشكوا فيه أو أن ينكروه كما لا يشكون في نطقهم الذي ينطقون‏...!!‏
وبعد ذلك تتحرك بنا السورة إلي عرض شيء من الوقائع التاريخية من قبيل ضرب المثل‏,‏ واستخلاص العبر‏,‏ والدعوة إلي إخلاص العبادة لله وحده‏(‏ بغير شريك ولا شبيه ولامنازع‏),‏ وذلك من مثل قصص سيدنا إبراهيم‏(‏ عليه السلام‏)‏ مع ضيفه وقومه‏,‏ وسيدنا لوط‏(‏ عليه السلام‏)‏ وما حاق بقومه من عذاب‏,‏ وسيدنا موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ وفرعونه الذي أغرقه الله‏(‏ تعالي‏)‏ وجنده في اليم‏,‏ وقوم عاد وطمرهم بالرمال السافية‏,‏ وقوم ثمود الذن دمروا بالصاعقة‏,‏ وقوم نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ الذين أغرقوا بالطوفان لفسقهم‏...!!‏
وتعاود السورة الكريمة القسم بالسماء وتوسيع الله المستمر لها‏,‏ وبالأرض وفرشها وتمهيدها‏,‏ وخلق كل شيء من زوجين تأكيدا لوحدانية الله(‏ تعالي‏)‏ المطلقة فوق جميع خلقه‏..!!!‏
ثم تعرج بنا السورة إلي حقيقة أن كل رسول جاء بالحق من رب العالمين قد اتهمه الكفار من قومه بالسحر أو بالجنون ظلما وطغيانا من عند أنفسهم‏,‏ وفي ذلك مواساة من رب العباد الذي يطالب خاتم أنبيائه ورسله بالاستمرار في التذكير بالله‏,‏ والدعوة إلي دينه الحق علي الرغم من كل ذلك‏,‏ لعل الذكري تنفع المؤمنين‏.‏
والهدف من هذا الاستعراض المكثف لآيات الله في الكون‏,‏ والاستعراض الخاطف لقصص عدد من الأمم البائدة هو وصل العباد بخالقهم‏,‏ وربط قلوبهم بعوالم الغيب‏,‏ كما يصفها خالق الكون ومبدع الوجود لا كما تتصورها أوهام الغافلين الضالين من الكفار والمشركين‏.‏
والذي يرتبط قلبه بخالقه‏,‏ ويؤمن بالغيب‏,‏ كما أنزله في محكم كتابه‏,‏ وسنة نبيه‏,‏ تخطي الدنيا الي الاخرة‏,‏ دون أن يهمل واجباته في الحياة‏,‏ ودون أن تشغله التكاليف المادية لهذه الحياة عن إخلاص العبادة لله‏,‏ وفي مقدمة تلك التكاليف الجري علي المعايش لكسب الرزق الحلال‏,‏ والذي قد يتخيل البعض أنه يمكن أن يشغل الإنسان عن رسالته الحقيقية في هذه الحياة والتي تتلخص في‏:‏
عبادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ بما امر‏,‏ وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض‏,‏ وهما وجهان لعملة واحدة تمثل رسالة كل من الجن والإنس في هذه الحياة‏,‏ والتي لخصها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في السورة نفسها بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏*‏ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون‏*‏ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين‏*.‏
‏(‏الذاريات‏:56‏ ــ‏58).‏
هذا وقد تباينت آراء المفسرين في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون‏*.‏
بين قائل بالمطر‏,‏ وقائل بالقرار الإلهي في تقسيم الرزق وتوزيعه بين العباد‏,‏ وقائل بالثواب والعقاب أو بالجنة والنار‏,‏ أو بها جميعا ولكن الدراسات الكونية الحديثة قد اضافت بعدا جديدا‏,‏ فأكدت أن جميع ما يحتاجه الإنسان والحيوان والنبات من الماء‏,‏ ومن مختلف صور المادة والطاقة إنما ينزل إلي الأرض من السماء بتقدير من الرزاق الحكيم العليم الذي ينزله بقدر معلوم لقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن‏:‏ ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير‏*(‏ الشوري‏:27)‏
ولقوله‏(‏ سبحانه‏)!‏
وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم‏*.(‏ الحجر‏:21)‏






توقيع سارة2008


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم